"لا أضاحي ولا ملابس جديدة".. كيف يستقبل اليمنيون في صنعاء عيد الأضحى المبارك؟ (تقرير)

يستقبل خالد الحرازي (47 سنةً) عيد الاضحى المبارك هذا العام بظروف قاسية، مثله مثل الملايين من اليمنيين في صنعاء ومناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، أجبرته الظروف المعيشية على التخلي عن العديد من الاحتياجات والعادات المرتبطة بالأعياد والمناسبات الدينية.
 
 على وقع أزمة إنسانية، وظروف اقتصادية قاسية، يستقبل اليمنيون في صنعاء عيد الأضحى المبارك لهذا العام وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار اللحوم بمختلف أنواعها والمتطلبات العيدية وارتفاع أسعار الملابس، والتي بدورها انعكست سلباً على حياة المواطنين وتسببت بحرمانهم من بهجة العيد.
 
 وفي هذا الشأن يعلق المحلل الاقتصادي وفيق صالح لـ"يمن شباب نت" قائلا: "كعادته خلال مواسم الأعياد السابقة، يأتي عيد الأضحى خلال الموسم الجاري وسط تردي أوضاع الناس المعيشية وتدهور الخدمات وغياب الرواتب وانعدام فرص العمل وارتفاع مستوى التضخم المعيشي، فضلاً عن حرب اقتصادية تشنها ميليشيا الحوثي ضد مختلف القطاعات الاقتصادية التي تنعكس بطبيعة الحال على مستوى الوضع المعيشي لليمنيين".
 
 وأضاف: "مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك تزداد فيه متطلبات الناس لتوفير احتياجاتهم من الأضاحي والملابس الجديدة، لكن سوء الأوضاع المعيشية وتوقف الرواتب وتآكل القدرة الشرائية للسكان، يجعلهم أمام خيارات صعبة في الحقيقة، تدفع بالكثير من المواطنين إلى العزوف عن التسوق، لا سيما مع ارتفاع أسعار السلع بشكل مستمر في ظل انعدام الدخل وتآكل المدخرات".
 
الحرمان من الأضحية
 
"الحرازي" يعمل سائقا لحافلة صغيرة في صنعاء وقبل أيام قليلة من حلول عيد الأضحى، يأسف على عزوفه عن شراء الأضحية، ويقول لـ "يمن شباب نت": "بعد تسع سنوات من الحرب والمعاناة أصبح غالبية المواطنين من ضمن من تجوز فيهم الصدقة، ولم تعد لدينا القدرة على مساعدة الناس أو حتى الوفاء بهذه الشعيرة العظيمة".
 
ويضيف: "قبل اندلاع الحرب وتدهور الأوضاع المعيشية كنا نحرص على شراء الأضحية قبل حلول العيد بأيام، أما اليوم أصبحنا نكتفي بشراء الدجاج ليس في كل الأيام بل بيوم العيد فقط في حين أن بعض الأسر محرومة حتى من شراء الدجاج".
 
 ويشير الحرازي إلى ارتفاع أسعار اللحوم بمختلف أنواعها، ويقول أن سعر الثور، وصل إلى أكثر من 700 ألف ريال يمني (أكثر من 1000 دولار) في حين وصل سعر الخروف إلى نحو100 الف ريال، لافتاً إلى أن سعر الكيلوغرام من اللحوم وصل إلى أكثر من 5 ألف ريال "ولذلك غالبية المواطنين اليوم ما عادوا يهتمون بأضحية العيد في ظل الغلاء الفاحش في أسعار الماشية، وتدهور أوضاعهم المعيشية".
 

 
ومع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك شهدت مسالخ اللحوم والدجاج في العاصمة صنعاء ارتفاعاً في الأسعار بسبب الجبايات الحوثية، وهو الأمر الذي يزيد من الأعباء المفروضة على كاهل المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية.
 
أسعار باهظة وجيوب فارغة
 
تشهد أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في مناطق سيطرة الحوثيين ارتفاعاً ملحوظاً على الرغم من انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني، لكن ذلك لم ينعكس على أسعار السلع والخدمات الأساسية وهو ما اعتبره خبراء اقتصاديون انخفاضا وهميا وغير حقيقي يهدف إلى نهب أموال اليمنيين.
 
وفي هذا الاتجاه يرى المحلل الاقتصادي اليمني عبدالواحد العوبلي أن "استقرار الصرف في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي وهمي وغير حقيقي يتم فرضه بقوة السلاح".
 
وقال العوبلي في حديث لـ "يمن شباب نت": "تحديد سعر صرف محدد وتجاهل كلّ العوامل الاقتصادية وأدوات السوق من عرض وطلب يعني استغلالَ سعر الصرف لنهب أموال الناس، حيث أن أسعار السلع والخدمات تشهد ارتفاعاً ملحوظاً يوماً بعد آخر، وذلك يدل على أن سعر الصرف وهمي وغير حقيقي"، مشيراً إلى أن الأسعار للسلع والخدمات في مناطق سيطرة الحوثيين أعلى من مناطق سيطرة الحكومة.
 
(عصام جلال 40 عاماً) ـ عامل بالأجر اليومي في صنعاء ـ يشكو من ارتفاع أسعار السلع الغذائية وأسعار اللحوم، وقال إنه يكابد مرارة الحياة مع أطفاله وزوجته إذ حل عليهم عيد الفطر المبارك هذا العام وهم يعيشون ظروف معيشية قاسية تسببت بحرمانهم من بهجة العيد الذي اعتادوا عليها سابقاً.
 
وأضاف لـ "يمن شباب نت": "الأسعار باهظة وظروفنا قاسية، لم نتمكن حتى من شراء الأشياء الضرورية، أما الأضحية ومتطلبات العيد فقد أصبحت من الماضي، بالكاد نتمكن من شراء الأشياء الضرورية".
 

 
"تضييق حوثي" 
 
كما هو الحال مع كلا من خالد وعصام، يستقبل إبراهيم قايد ( 48 عاما ) وهو موظف حكومي في التربية والتعليم في صنعاء، عيد الأضحى لهذا العام وسط ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة حيث تحولت متطلبات العيد إلى عبء مضاعف عليه فهو بالكاد يتمكن من الوفاء بشراء أبسط الاحتياجات الضرورية لأفراد عائلته.
 
يقول قايد لـ" يمن شباب نت": "لا جديد بالنسبة للموظف فهو مثل غيره من الأيام، يأتي عيد الأضحى المبارك هذا العام، وهو يعيش ظروف قاسية، الجيوب فارغة، لقد فقد الإنسان اليمني بهجة العيد، لا اضحيه ولا ملابس جديدة للأطفال بسبب استمرار انقطاع الرواتب الحكومية ".
 
ومنذ انقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية على الدولة في خريف 2014 يعيش غالبية الموظفين في صنعاء ظروفا معيشية قاسية نتيجة انعدام فرص العمل، وتوقف صرف الرواتب الحكومية للعام السابع على التوالي، وسط تضييق مستمر من قبل الميليشيا الحوثية على السكان والتجار وكافة القطاعات المختلفة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
 
وخلال الأشهر القليلة الماضية كثفت الميليشيا حربها على المواطنين والتجار في صنعاء ومناطق سيطرتها وذلك من خلال الحملات التي تقوم من خلالها بمداهمة الأسواق وفرض تسعيرات جديدة بين الحين والآخر، وتهدد المليشيات كل من يخالف التسعيرات التي تطرحها بإغلاق مشروعه التجاري بصورة نهائية.
 
وقال تجار في صنعاء لـ "يمن شباب نت" إنهم يتحملون تكاليف عديدة وجبايات بشكلٍ إجباري من شأنها التضييق على نشاطهم التجاري، وهي تنعكس بطبيعة الحال على مستوى الوضع المعيشي لليمنيين وتفاقم معاناتهم في بلدٍ تعصف به الحرب منذ تسع سنوات.
 
 يوافقهم في الرأي المحلل الاقتصادي "وفيق صالح" والذي أكد أن السياسات الحوثية الممنهجة في إدارة دفة الاقتصاد الوطني والممارسات العدائية ضد القطاع الخاص والنشاط التجاري، تسببت في مفاقمة معاناة السكان في مناطق سيطرة الحوثيين.
 
ويختم حديثه بالقول "أصبحت الأسر تعتمد على تحويلات أهاليهم وذويهم المغتربين في الخارج كمصدر وحيد للعيش، في حين تلجأ غالبية الأسر إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر