تصفية الشيخ "عبد الله الباني" في شبوة.. ما الدوافع والأسباب ومن يقف وراء الجريمة باليمن؟

[ الشيخ عبد الله الباني تم قتلة من قبل قوات دفاع شبوة في اول أيام عيد الفطر 21 ابريل 2023 ]

دون احترام لشعائر العيد وتكبيرات المصليين، أقدمت عناصر تابعة لما تسمى قوات دفاع شبوة على تصفية مدير مكتب الصحة في مديرية بيحان شبوة (شرق اليمن)، الشيخ عبد الله الباني عقب إلقاء خطبة عيد الفطر الجمعة في الأول من شوال، 21 أبريل/ نيسان الماضي، دعا فيها إلى وحدة الصف والاصطفاف في مواجهة مليشيا الحوثي باعتبارها العدو الأول.
 
بعد ما أمطروا جسد الشيخ الباني بوابل من الرصاص، منعوا الحاضرين من اسعافه، حتى تأكدوا من إنهاء حياته، في جريمة بشعة لاقت تنديد واسع من قبل منظمات المجتمع المدني والأحزاب والمكونات السياسية. فيما احتشدت قبائل مديرية بيحان الثلاث ونصبوا مخيما في مصلى العيد (مسرح الجريمة) للمطالبة بالقبض على بقية القتلة وتقديمهم للعدالة ومعرفة من يقف خلفهم.
 
وفي الوقت الذي جرى فيه تشكيل لجنة للتحقيق في القضية من قبل المحافظ، أعلنت شرطة شبوة القبض عن ثمانية من العناصر المتهمة بتصفية الشيخ، يتبعون اللواء السادس من قوات دفاع شبوة المدعومة من الإمارات، فيما لايزال بقية المتهمين فارين.
 
والأربعاء الماضي 3 مايو/ آيار، أعلن وزير الأوقاف أحمد عطية، أن النائب العام للجمهورية القاضي قاهر مصطفى أصدر قرارا بتكليف رئيس المكتب الفني بمكتبه بتكليف القاضي عزام ابراهيم احمد عبد الغني، بالتحقيق في قضية مقتل الشيخ الباني
  


استهداف وتحريض ممنهج
 
لم تكن الجريمة عابرة أو حادث عرضي، بل تصفية جسدية متعمدة، ضمن مخطط ممنهج استهداف الخطباء وأئمة المساجد والمصلحيين والشخصيات الاجتماعية، في محافظة شبوة وعدد من المحافظات الجنوبية التي تخضع لسيطرة قوات مدعومة من الامارات خلال السنوات الماضية.
 
وقال مدير مكتب الأوقاف السابق في محافظة شبوة الدكتور قائد الشريفي "إن ما تعرض له الشيخ عبدالله الباني ليس اغتيال أو جريمة جنائية عادية بل تصفية جسدية علنية، وليست إلا حلقة في سلسلة التصفيات الجسدية التي تطال الدعاة والعلماء في المحافظات المحررة"، لافتا أنهم "أقدموا على هذه الفعلة أمام مرأة ومسمع من مئات الناس وقد وثقت الكاميرات ذلك".
 
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت"، ""هناك تعبئة وتحريض علني ضد أي فكر أو شخصية لها حضور اجتماعي، وخاصة المنتمين لحزب الإصلاح، من قبل الجماعات المتطرفة التي تجرم وتستحل دماء من يناوئوها، وجريمتهم هزت المجتمع اليمني وكل من شاهد الفيديوهات".
 
وأشار "أن المجندين تلقّوا دورات كثيرة تعبوية ضد الإصلاح تحديدا، وآخر هذه الدورات كانت في شهر رمضان، حيث عقدوا لهم دورات في إحدى المعسكرات، تضمنت شحن عنصري طائفي مناطقي في محافظة شبوة وما حدث هو أحد جزء مخرجات هذه الدورات التعبوية".
 
وأكد أن ما حدث "جريمة أركانها مكتملة من تعبئة خاطئة سابقة ثم تحريض مباشر على المناوئين لهم من الدعاة والخطباء ثم إصرار وترصد لهذه الشخصية ثم تنفيذ اذاً هي جريمة مكتملة الأركان".
 
من جانبه اعتبر، مستشار المحافظ محسن الحاج قال إن "دوافع الجريمة هو استهداف لضرب نسيج المجتمع الشبواني وتجريف قواه وقياداته المجتمعية المصلحة والارشادية والثقافية وحتى السياسية". واعتبر في حديث لـ "يمن شباب نت"، ما جرى للباني، "اجترار لثقافة السبعينات من قتل واعدامات ميدانية خارج القانون".


من يتحمل المسؤولة؟
 
ورأى المسؤول السابق بأوقاف المحافظة، قائد الشريفي، "إن مكتب الأوقاف بالمديرية والمحافظة، يتحملان جزءًا كبيرًا من التسبب في هذه الجريمة، حينما أصدرا قرارات بتغيير خطباء المصليات، في حين أن هذا الإجراء ليس من صلاحيات مكتب الأوقاف بالمحافظة، ولا المديرية".
 
وقال: "أن هذه التغييرات التي قام بها مكتب الأوقاف بالمحافظة تعتبر مخالفة وغير قانونية، ولا تقرها وزارة الأوقاف"، لافتا: ان هناك سعي لعزل الخطباء ومدراء الأوقاف في المديريات المخالفين لفكر مدير الأوقاف، وتعيين خطباء ومدراء ينتمون إلى تياره المتشدد".

 



ووجه مدير الاوقاف بالمحافظة أوقاف مديرية بيحان بتغيير الشيخ عبد الله الباني، فاستجاب لذلك، ووجه العناصر المسلحة التابعة للواء السادس لدفاع شبوة صبيحة يوم العيد لمنعه من إلقاء الخطبة بالقوة، غير أن الشيخ وجموع المصلين رفضوا الانصياع لهذه الإجراءات المتطرفة والغير قانونية.
 
وقال الشريفي "أن الشيخ الباني خطيب مصلى العيد منذ أكثر من عشرين سنة"، مشيرا إلى "أن العناصر المسلحة أقدمت على جريمة قتل الشيخ الباني النكراء، ولم يراعوا فيها حرمة الزمان والمكان، وحرمة الدماء المعصومة للمسلمين في يوم العيد".
 
 
تحذيرات من المماطلة
 
وسط ضغوط يمارسها محافظ شبوة عوض بن الوزير، على أسرة الشيخ عبد الله الباني والقبائل لرفع المخيم من مصلى العيد، إلا أن القبائل تواصل التوافد إلى المخيم في بيحان، مطالبة بتقديم الجناة للعدالة ومن يقف خلفهم، محذرة من المماطلة.
 
وقال مستشار المحافظ، محسن الحاج، "أن أسرة الباني واهالي بيحان وابناء شبوة ما زالوا يطالبون بالقبض على من تبقى من الجناة، والتحقيق مع المتسببين مدير الاوقاف بالمحافظة ومدير الاوقاف في بيحان وآخرين على ذمة الجريمة".
 
وأرسل محافظ محافظة شبوة، عوض ابن الوزير، مشايخ ووسطاء من أجل رفع المخيم والضغط على أسرة الباني من أجل رفع المخيم لكن المخيم ما زال مستمر وصامد، وقد ينقل لمركز المحافظة إن لم يتم تسليم الجناة والبت في القضية. وفق ما افاد الشريفي مسؤول مكتب الأوقاف السابق.
 
وقال الشريفي: "مطالب الناس والمعتصمين بنقل ملف القضية من البحث الجنائي التي هي جهة الضبط إلى النيابة التي هي الجهة القضائية، والقبض على الجناة اللي هم 23 شخصاً حيث لم يتم القبض إلا على ستة فقط، كذلك إحالة جميع المتسببين والمحرضين للتحقيق ومحاكمتهم ومحاسبتهم".
 
وأشار "أن مطالب أبناء شبوة، بتوسيع دائرة التحقيق مع مكتب اوقاف بيحان ومكتب اوقاف شبوة والتحقيق فهم المتسببون هم الذين أمروا الجنود الذين قتلوا وعملوا الجريمة" لافتا الى "أن أحد الجنود قال خلال التحقيقات الأولية إن مكتب الأوقاف هو الذي استدعاهم".
 

اين وصلت القضية؟
 
عقب الحادثة، أعلن محافظ شبوة تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة نتيجة ضغوطات من قبل القبائل والمنظمات الحقوقية، فيما أعلنت شرطة شبوة القبض على 8 من المتهمين بالضلوع في الجريمة وهم أفراد في اللواء السادس قوات دفاع شبوة.
 
وأعلنت إدارة البحث الجنائي في محافظة شبوة، يوم الخميس 27 أبريل الماضي، استلام الملف الخاص بقضية تصفية مدير عام مكتب الصحة بمديرية بيحان عبد الله الباني وإصابة آخرين في حادثة يوم عيد الفطر المبارك.
 

 


لكن حسب ما أوضح الشريفي فإنه "لم يصل عتق سوى ستة من الجناة فقط، اثنين تبخروا في الطريق، أو هربوا، بعد كمين نفذه قائد اللواء الذي ينتمي إليه الأفراد (اللواء السادس دفاع شبوة) في منطقة الصفراء لكي يهربوا كل المساجين لكن اللجنة استطاعت أن توصل المساجين الستة بسلام إلى عتق مركز محافظة شبوة، فيما اثنين منهم تمكنوا من الفرار".
 
وذكر الشريفي، إن "المجلس الرئاسي بنفسه متابع القضية، هناك مذكرة وجهها رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي بأن يتبنى النائب العام بنفسه متابعة القضية وفعلاً هو الآن يتابعها وستسير الأمور ان شاء الله مسارها الصحيح، مع استمرار الضغط الشعبي، لأنه لو بقت القضية بيد المحافظ وأصحابه يريدوا أن يميعوها.
 
وطالب الشريفي، النائب العام بتوسيع دائرة التحقيق في قضية مقتل الشيخ عبدالله الباني"، مؤكدا أن التحقيق يجب أن يشمل كل من تسبب وحرض على مقتل الشيخ الباني، منوهًا أن التحقيق لا يعني الإدانة بالضرورة.
 
من جانبه قال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، "لا توجد معلومات دقيقة بشأن ما وصلت له التحقيقات، باستثناء ما أعلن عنه بتشكيل لجان ومباشرة للأجهزة القضائية لدورها والقبض على ثمانية من قوات دفاع شبوة".
 
وقال  في برنامج حديث المساء على "يمن شباب" إن "حالة الصراع والاحتراب والانقسام الحاصل اليوم انتجت مؤسسات أمنية وقضائية هشة لم تستطع القيام بدورها خلال السنوات الماضية بأكملها، بل للأسف الشديد تحولت الكثير من المليشيات المسلحة التي لا تخضع لسلطات القانون إلى أداة من أدوات الصراع والارهاب، بدلا من  أن توجه سلاحها لاستعادة مؤسسات الدولة".
 
وأضاف: "ما حدث في شبوة نعتقد أنه امتداد لمسلسل الاغتيالات التي بدأت في عام 2015، لم نرى حقائق ملموسة من الجهات القضائية حتى محاضر التحقيق التي سربت في قضية مقتل الشيخ الراوي لا نعلم أين مصيرها".
 
وتابع رئيس منظمة سام: "كان يفترض أن تشكل لجنة حيادية من منظمات المجتمع المدني من المشايخ من الجهات التي يمكن أن تحافظ على الحيادية ، لأن للأسف الشديد اللجان التي شكلت خلال الفترات السابقة لم ترفع حتى تقرير لها"، وشدد، على ضرورة أن يطلع المجتمع المدني خاصة المجتمع المدني في شبوة على القضية، ليقوم بدور الرقيب والضاغط للإسراع بالبت في القضية حتى لا يتم مماطلتها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر