مع قدوم شهر رمضان.. ارتفاع الأسعار مُعضلة تؤرق اليمنيين في المناطق الخاضعة للحوثي (تقرير خاص)

[ الأسواق اليمنية تشكو الكساد قبيل رمضان/ غيتي ]

 لتوه عاد "أبو صالح" من السوق في محافظة إب الخاضعة لمليشيا الحوثي وسط اليمن، حين التقيناه، يحمل بين يديه بعض الطلبات المنزلية وبجيوب فارغة بعد أن أخذت منه السوق كل ما يملك من أموال كان يُمنّي النفس أن تكفي لشراء قائمة الاحتياجات المنزلية الرمضانية التي أعدتها له زوجته قبيل خروجه من المنزل.
 
يتساءل مستغرباً: "كيف طارت (خلصت) الفلوس من بين يدي؟!1؛ لم أشتر حتى نصف الطلبات التي نحتاجها.. الوضع لا يُطاق لم يكن الأمر هكذا من قبل".
 
يقول أبوصالح في حديث لـ "يمن شباب نت"، "أنا كنت مغتربا في السعودية خلال السنوات الماضية قبل أن أخرج بشكل نهائي قبل عام، بالصراحة لم أكن أعلم بكل هذا الغلاء الذي تشهده الأسواق... هل هذا في محافظة إب فقط أم في كل المحافظات؟".
 
صمت قليلاً وأطلق تنهيدة تمتم معها قائلاً: "هذا حالي وأنا الذي أعتبر نفسي أفضل حالاً من غيري.. كيف بحال عامل اليومية والفقير واليتيم والمسكين والنازح؟.
 
بوضع "أبو صالح" وبما هو أصعب، يستقبل اليمنيون شهر رمضان المبارك، على وقع معاناة إنسانية وتضخم كبير في أسعار المواد والسلع التموينية مع تراجع القدرة الشرائية في مشهد متطابق في مختلف المحافظات، وإن كان في مناطق الخاضعة لمليشيا الحوثي أكثر قساوة .
 
ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة
 
خلال الأيام الماضية شهدت أسعار الخضروات والبهارات والحليب والمواد المرتبطة بصناعة الحلويات في رمضان ارتفاعاً ملحوظاً رغم ثبات أسعار صرف العملات. وقال مواطنون إنهم تفاجئوا بارتفاع الأسعار في الأسواق بشكل مفاجئ خلال الأيام الماضية، في ظل غياب أي رقابة للجهات المعنية.
 
وأشاروا إلى أنه حتى المواد التي كانت تتسابق "المولات" على عرضها بأسعار مخفضة، بداية شهر شعبان تم إنهاء العروض بشكل مفاجئ وقاموا برفع سعرها مقارنة بما كانت عليه قبل عمل العروض.


 
ضعف القدرة الشرائية
 
في ذمار (جنوب صنعاء) لا تبدو الأسواق والمحلات التجارية كعادتها كل عام، فالمتسوقين الذين يتوافدون على السوق للشراء قليل جدا مقارنة بالأعوام الماضية حيث كانت الأسواق تعج بالمتسوقين لشراء حاجيات شهر رمضان الذي أوشك على الدخول وفق "منير" صاحب محل بهارات في شارع الرئيسي بالمدينة.
 
وقال منير لـ"يمن شباب نت"، إن "ارتفاع الأسعار وفقر الناس وانقطاع المرتبات وندرة الأعمال كلها عوامل ساهمت بهذا الكساد الذي تشهده الأسواق. الناس لا يملكون المال.. يدخلون السوق يلفون يلفون ثم يشترون طلب أو طلبين ويخرجون".
 
وردا على سؤال بشأن أسباب ارتفاع الأسعار؛ قال إن ذلك يعود إلى ارتفاع كلفة الاستيراد ورسوم الجمارك في المنافذ الرسمية والمنافذ (الجديدة) في إشارة إلى المنافذ التي استحدثها الحوثيون في مداخل المدن الخاضعة لهم.

كما لم يغفل التطرق إلى ماسماه حملات التهبش (الجبايات المالية) التي تطالهم (من قبل مليشيا الحوثي) بين فينة وأخرى تحت مسميات مختلفة، مؤكدا أن كل ذلك ينعكس على سعر المواد وبالتالي على المواطن.

 

نتيجة طبيعية للواقع
 
يُفسر الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية "وفيق صالح" موجة الركود التي تضرب الأسواق في صنعاء وبقية المناطق التي تحتلها مليشيا الحوثي، على الرغم من قرب حلول شهر رمضان وعجز الناس عن توفير الاحتياجات الغذائية لشهر الصوم، إلى جملة من الأسباب التي انتهجتها مليشيا الحوثي في الملف الاقتصادي.
 
وقال في حديثه لـ"يمن شباب نت"، إن"ما يجري يأتي كنتيجة طبيعية لما آلت إليها الأوضاع خلال السنوات الماضية، وما حدث خلال ذلك من تجريف لكافة الأنشطة الاقتصادية وفرض القيود على العمل التجاري والاقتصادي، وتوقف صرف رواتب موظفي الدولة للعام السابع على التوالي، فضلا عن انعدام فرص العمل وتراجع إنتاج القطاع الخاص، مع الجبايات والإتاوات المالية المفروضة من قبل الحوثيين".
 
وأضاف صالح: "أضحى السكان في المناطق التي تديرها مليشيا الحوثي، يعانون من قساوة الأوضاع المعيشية مع تضخم أسعار السلع والخدمات بشكل مستمر، دون أن يكون هناك في الجانب الاخر التزام من قبل الحوثيين بدفع الرواتب والإنفاق على الخدمات الأساسية وتوفير الفرص المناسبة للعمل وتسهيل الأنشطة التجارية والاقتصادية".
 
وأوضح أنه وبفعل الممارسات الحوثية التي تساعد على انهيار الاقتصاد الوطني، تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، وانعدمت سُبل الحياة، وبات الحصول على فرصة عمل وسط هذه الأجواء الكارثية، حلماً صعب المنال.
 
عروض للجذب
 
أمام كساد السوق وتراجع القيمة الشرائية لدى السكان في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي لجأت أسواق المواد الاستهلاكية والملابس إلى عمل عروض تخفيضية لجذب المتسوقين.
 
وخلال الأيام الماضية نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لاكتظاظ المواطنين أمام إحدى مولات الملابس التي تم افتتاحها في مدينة إب، بعد الإعلان عن عروض مخفضة.
 
وكشف التدافع الهائل للمواطنين والبحث عن أي فرصة لشراء متطلباتهم، حجم الوضع البائس الذي بات يعيشه السكان في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، جراء الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعانيها المواطنون بفعل تداعيات الحرب والانقلاب.
 
وتشير المصادر إلى أنه ورغم تلك العروض المخفضه إلاّ أن غالبية من توافدوا إلى المعرض لم يتمكنوا من إسعاد أطفالهم بشراء ملابس العيد لأسباب تتعلق في المقام الأول بالجانب المادي فضلاً عن جودة تلك الملابس، وهو مؤشر عن وضع مزري غير مسبوق تشهده تلك المناطق.

 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر