قوات درع الوطن.. هل تسعى السعودية لتقوية "العليمي" في اليمن؟ (تقرير خاص)

 بعد نحو 10 أشهر من إعلان نقل السلطة في اليمن؛ أعلن رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي تشكيل قوات عسكرية جديدة تحمل اسم "قوات درع الوطن" تحت قيادته المباشرة.
 
والسبت الماضي عاد الرئيس العليمي إلى العاصمة المؤقتة عدن رفقة عضو المجلس عبدالرحمن المحرمي، بعد نحو شهرين من مغادرتها إلى السعودية في ظل أزمة عميقة وخلافات حادة تعصف بالمجلس الرئاسي والتي أدت إلى تعطيل فاعليته.
 
وفي اليوم التالي من عودته، أصدر الرئيس العليمي قرارا بإنشاء وحدات عسكرية تسمى (قوات درع الوطن) وتكون احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي يحدد عدد هذه القوات ومهامها ومسرح عملياتها في أمر عملياتي يصدر عنه.
 
وقضى القرار ايضا، أن تلزم هذه القوات بقانون الخدمة في القوات المسلحة والقوانين ذات الصلة وبتوجهات القائد الأعلى للقوات المسلحة. كما أصدر الرئيس العليمي قرارا أخر قضى بتعيين العميد بشير سيف قائد غُبَيْر الصبيحي قائدا لهذه القوات.
 
واستند رئيس المجلس الرئاسي في قرار تشكيل هذه القوة إلى إعلان نقل السلطة في 7 ابريل/نيسان الماضي، الذي جعل من اختصاصات رئيس مجلس القيادة الرئاسي قيادة القوات المسلحة.
 
قوة ليست جديدة
 
قوات درع الوطن هي قوات عسكرية موجودة وليست جديدة وبدأ تشكيلها في المحافظات الجنوبية قبل عام بتمويل وتدريب وتسليح من المملكة العربية السعودية، وكانت تحمل اسم قوات "العمالقة الجديدة" قبل أن يتم تغييره إلى "درع الوطن".
 
وبحسب المعلومات فإن هذه القوة تتكون من 9 ألوية تتألف من مقاتلين ينتمون إلى عدد من المحافظات الجنوبية بالإضافة إلى محافظة البيضاء وسط اليمن، وهم خليط من السلفيين وأبناء القبائل، ولها معسكرات في محافظات لحج وأبين وفي منطقة العبر بمحافظة حضرموت، فيما يجري تجهيز ألوية أخرى في منطقة شرورة جنوب السعودية.
 
وينتمي قادة ألوية قوات درع الوطن إلى التيار السلفي بمن فيهم القائد العام الشيخ بشير الصبيحي والذي يعد أحد القيادات السلفية الذين شاركوا في تحرير عدن وقاعدة العند الجوية بمحافظة لحج من مليشيات الحوثي وقوات الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عام 2015م.
 
وتتلقى هذه القوات بانتظام دعماً مستمراً من السعودية، حيث تملك مئات المركبات والعربات القتالية، ومختلف أنواع الأسلحة، فضلا عن التدريب والتأهيل. كما أن مقر الإدارة العامة لقوات درع الوطن في العاصمة السعودية الرياض، وفق مراسلات بين قياداتها.
 
وتقدم هذه القوات نفسها كقوة أُسست لقتال مليشيا الحوثي المدعومة من إيران. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي قال محمد الكازمي قائد اللواء السادس درع وطن في أبين إن "المجندين الجدد أبدوا استعدادهم لخدمة الدين والوطن والدفاع عنه من الفكر والغزو الفارسي المجوسي".
 
والاثنين، علق رئيس هيئة أركان القوات اليمنية المسلحة الفريق ركن صغير بن عزيز، على قرار تشكيل هذه القوات، قائلا: "قوات درع الوطن، جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، بموجب قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفق المرجعيات، وإعلان نقل السلطة".
 
وأضاف بن عزيز، في تغريدة له على حسابه الرسمي في موقع "تويتر": "سيكونون رافدا قويا، في معركتنا المقدسة، ضد تنظيم ميليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من رأس الشر إيران".
 
مهام درع الوطن
 
وفيما لم يعلن بعد عن المهام التي ستتولاها قوات درع الوطن ومسرح عملياتها؛ فقد أبدى ناشطون يتبعون المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم إماراتيا عن استياءهم من قرار تشكيل هذه القوات، معتبرين ذلك استهداف لقوات الانتقالي.
 
وتوقع مراقبون بأن هذه القوات ستتولى تأمين قصر معاشيق الرئاسي ومؤسسات الدولة ومقرات الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، بالإضافة إلى تأمين المسؤولين الحكوميين، بدلا من القوات التابعة للمجلس الانتقالي المنتشرة في عدن.
 
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية إن "قرار العليمي بتشكيل القوة العسكرية الجديدة، يأتي في سياق بناء قوات الجيش اليمني الذي يتكون من كثير من التشكيلات العسكرية التي تعمل اللجنة العسكرية والأمنية العليا على إعادة هيكلتها، تحت مظلة وزارة الدفاع".
 
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي ياسين التميمي، إن "ظهور قوات درع الوطن في مسرح العمليات العسكري، يرسل إشارات واضحة بشأن رغبة السعودية، على ما يبدو، في تحرير تدخلها العسكري في اليمن من الرهانات الإقليمية ومن الشراكة العسكرية والأمنية الإشكالية مع الإمارات".
 
وأضاف التميمي في مقال له على صفحته بالفيسبوك، أن "تأسيس هذه القوات يعود عملياً إلى الفترة التي تشكل فيها مجلس القيادة الرئاسي، وكانت تحمل مسمى" قوات العمالقة الجديدة" أي أن قوام هذه القوات تم جلبه من قوات العمالقة السلفية ذات المرجعية العقائدية والأمنية والعسكرية الحصرية للسعودية".
 
وأوضح أن الأمر مرتبط بحاجة السعودية إلى تقوية المركز السلطوي للرئيس الأعزل (العليمي) في عدن، عبر تعزيزه بقوات عسكرية مدججة بالسلاح وبالإمكانيات وبوسعها أن تُحدث فارقاً في تحديد مساحة النفوذ للجماعات السياسية الجنوبية والتشكيلات العسكرية التابعة لها داخل العاصمة السياسية المؤقتة عدن.
 
وأشار التميمي إلى أن ردود الأفعال الغاضبة من قبل أنصار الانتقالي تجاه تشكيل قوات درع الوطن، إنما تكشف مخاوف المجلس الانتقالي وأنصاره وداعميه من هذه القوات الآتية من خارج المشروع الانفصالي رغم هويتها الجنوبية.
 
من جانبه قال الباحث اليمني سيف المثنى عبر "تويتر"، إن "إنشاء قوات عسكرية تحت مُسمى درع الوطن وهي قوات عسكرية سلفية، مناهضة للعمالقة المدعومة من الإمارات وكأنها تستخدم لغة ما تكسر الحجر إلا اختها مما يعني اصطدام حسابات الإمارات بالسعودية، فتتحولت عدن إلى ثكنة عسكرية".
 
كما يتوقع أن تنتشر قوة من قوات درع الوطن في وادي وصحراء حضرموت شرقي البلاد، على الحدود مع السعودية، والتي يسعى المجلس الانتقالي بدعم إماراتي للسيطرة عليها وإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى وضمها إلى مشروعه الانفصالي.
 
وبعد تصعيد الانتقالي ضد المنطقة العسكرية الأولى والتلويح باجتياح وادي وصحراء حضرموت عسكريا؛ اعتبر ناشطون وكتاب سعوديين، أن حضرموت خط أحمر بالنسبة لبلادهم، محذرين من أن المملكة لن تسمح بإثارة الفوضى في محيطها وعمقها الجيوسياسي.
 
عقب قرار تشكيل قوات درع الوطن، علق المغرد السعودي علي العريشي على "تويتر" بالقول، "ثلاثة ألوية عسكرية من قوات درع الوطن بقيادة فهد بامؤمن تم تدريبها وتأهيلها في شرورة - السعودية سوف تستلم مهامها في حضرموت الوادي بعد إخلاء معسكرات"جثمة، عندب، بنين" من الميليشيات المتسللة إليها"، في إشارة إلى مليشيات تابعة للانتقالي.
 
وكانت مرجعية قبائل حضرموت قالت في بيان لها في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي، إن "هناك معسكرات أنشأت حديثا، بدون أي تنسيق مع أبناء الأرض مثل معسكر جثمة ومعسكر بنين بوادي وصحراء حضرموت ولواء بارشيد في الساحل والتي وصلت لها قوات من خارج حضرموت".
 
ودعت القبائل في بيان لها السعودية إلى تحمل مسئوليتها في حفظ الأمن والاستقرار في حضرموت، مطالبا إياها بإدارة هذه المعسكرات التي تقع في نطاق مسئوليتها، وفتح باب التجنيد العاجل لأبناء المحافظة فيها.
 
وفي 24 من الشهر ذاته قالت ما تسمى بلجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت التابعة للانتقالي في بيان لها، إنها" تلقت بلاغا من السلطة المحلية وقيادة التحالف العربي بالوادي والصحراء بإخلاء وتسليم معسكرها في منطقة عدب".
 
وأضافت اللجنة المدعومة إماراتيا، في بيانها، أنه "وبعد مفاوضات قيادة الهبة الحضرمية الثانية طرحت أنها لا تمانع في تسليم المعسكر مقابل استيعاب وترقيم كافة أفراد المعسكر البالغ عددهم 800 فرد".
 
وأشارت إلى أن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل السلطة المحلية وقيادة التحالف العربي في الوادي والصحراء، والإدعاء بأن هذا شرط تعجيزي وأنه سيتم اقتحام المعسكر بالقوة، داعية للاستعداد والجاهزية للدفاع عن المعسكر.
 
في مقابل ذلك نقل موقع "إرم نيوز" الإماراتي الثلاثاء، عن مصدر عسكري –لم يذكر اسمه- قوله، إن "بعض الألوية التي سيتم تأسيسها، ضمن الوحدات المندرجة تحت قوات درع الوطن، سيتم نقلها إلى مدينة سيئون عاصمة وادي وصحراء حضرموت للإشراف على المنطقة العسكرية الأولى".
 
 تهميش الحماية الرئاسية
 
وتشبه قوات درع الوطن، في تشكيلها تشكيل قوات الحماية الرئاسية التي أعلن عنها الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي في 2012 والتي كانت تتبع "رئاسة الجمهورية" بنص القرار الصادر في أغسطس/آب 2012م.
 
ولذلك أبدى مصدر عسكري رفيع المستوى بألوية الحماية الرئاسية استغرابه من ما وصفه بـ"تهميش رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي لألوية الحماية وعدم التعامل المباشر معها رغم تبعيتها له".
 
وقال المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- لـ"يمن شباب نت" إنه "ومنذ إعلان نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي في أبريل /نسيان الماضي، لم يتم أي تواصل مباشر بين قيادة ألوية الحماية الرئاسية مع مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي".
 
وأوضح أن "تشكيل وحدات درع الوطن في إطار قوات الاحتياط جاء في إطار استكمال تهميش ألوية الحماية الرئاسية التي تعد جزءا من قوات الاحتياط وفق اللوائح المنظمة للخدمة في القوات المسلحة".
 
بالإضافة إلى ذلك، ينص اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة والمجلس الانتقالي برعاية سعودية في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019م على أن تتسلم ألوية الحماية الرئاسية مهام تأمين القصور الرئاسية ومقرات الحكومة، بالإضافة إلى تأمين المسؤولين وقيادات الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن.
 


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر