فوائد هدنة اليمن "مبالغ فيها".. مركز أمريكي: والصراع الاقتصادي يهدد بإطلاق دوامة جديدة من التصعيد العسكري

[ وصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء اليمن ظل يمثل تحديًا طوال فترة الهدنة (رويترز) ]

قال تقرير أمريكي "أن فوائد الهدنة في اليمن قد تكون مبالغًا فيها، برغم أنها خلقت مساحة عملياتية أكبر للجهات الفاعلة الإنسانية، مشيراً إلى "أن الآثار الإيجابية للهدنة لم تتحقق بالتساوي في جميع أنحاء البلاد، حيث قوضت تحديات الوصول المستمرة جهود حشد المساعدات الإنسانية".
 
ووفق التقرير الذي نشره مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية «CSIS» - ترجمة "يمن شباب نت" - "رغم تراجع الأعمال العدائية باليمن، فقد قُتل ما معدله 44 مدنياً خلال كل شهر من الهدنة بسبب الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة واستمرار العنف في مناطق النزاع الرئيسية".
 
وأشار "بأن وصول المساعدات الانسانية في جميع أنحاء البلاد ظل يمثل تحديًا طوال فترة الهدنة بسبب العوائق البيروقراطية وزيادة العنف ضد العاملين في المجال الإنساني في كل من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والحكومة".
 
وأوردت التقارير الأممية حول وصول المساعدات الإنسانية، أن العقبة الرئيسية أمام وصول المساعدات الإنسانية خلال الهدنة نتجت عن فرض قيود على حركة عمال الإغاثة، وأن ما يقرب من 90 في المائة من حوادث عرقلة الوصول وقعت في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. كما تم ذكر عقبات إضافية أمام الأنشطة الإنسانية - مثل التعليق، والتدخل في تصميمات المشروع، والطلبات التعسفية للبيانات والوثائق والتقارير - إلى سلطات الحكومة اليمنية.
 
ووفق التقرير، بين أبريل ويونيو 2022، أثرت المساعدات المتأخرة أو المتقطعة على ما يصل إلى 5.5 مليون مدني، إضافة إلى ذلك وعلى الرغم من تحسن الظروف الأمنية، أدت الثغرات في التمويل المتاح للاستجابة الإنسانية في اليمن إلى الحد من قدرة الجهات الإنسانية الفاعلة على نشر خدمات الإغاثة بكفاءة خلال الهدنة.
 
 شهد جنوب اليمن انخفاضًا في المساعدات الغذائية حيث أوقفت الحكومتان السعودية والإماراتية، المسؤولتان تقليديًا عن ميزانية المساعدات الإقليمية، جميع المساهمات في العمليات الإنسانية، وكشفت دراسة استقصائية أجرتها الأمم المتحدة في جنوب اليمن أن العديد من النازحين لديهم انطباعات سلبية عن فترة الهدنة، حيث رأوا أن الظروف لم تتحسن إلى حد كبير.
 


شكّل استمرار العنف السياسي والقبلي وقضايا حقوق الإنسان والحكم العالقة نتائج متباينة للهدنة بالنسبة للمدنيين في المنطقة، كما أن استمرار الاشتباكات المسلحة بين قوات الحوثي وقوات الحكومة اليمنية وما يترتب على ذلك من مخاطر على المدنيين شكل التصورات المحلية لفوائد الهدنة.
 

الوضع الإنساني الحالي
 
على الرغم من "الحوادث المثيرة للقلق"، لم ينزلق الصراع اليمني مرة أخرى إلى حرب كاملة، ومع ذلك يواجه ملايين المدنيين حالياً خطر تجدد القتال وخطر الضربات الجوية والقصف البري والهجمات الصاروخية، ونظرًا لأن كل طرف من أطراف الصراع يسعى للسيطرة والاستفادة من الاقتصاد الهش، يمكن أن يهدد الصراع الاقتصادي المتبادل بإطلاق دوامة جديدة من التصعيد العسكري. 
 
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون على مناطق النفط والموانئ البحرية التابعة للحكومة اليمنية في المحافظات الجنوبية قد أجبرت على وقف الصادرات وهددت بإطلاق دوامة جديدة في الأعمال العدائية النشطة.
 
وتشير الأرقام الأولية إلى أن الأوضاع الأمنية والإنسانية قد بدأت في التدهور، ارتفع عدد الضحايا من الأطفال بمعدل 42.5 في المائة منذ سبتمبر، على سبيل المثال يشكل التصعيد وإطلاق القذائف في تعز ولحج تهديدات جديدة للمدنيين ويظهر تتبع النزوح السريع التابع للمنظمة الدولية للهجرة زيادة مقلقة بنسبة 191 في المائة في الأسر النازحة في أسبوع واحد فقط.
 
ويمثل هذا أعلى معدل نزوح منذ تنفيذ الهدنة. يواجه ما يقرب من 40 في المائة من اليمنيين الآن انعدام الأمن الغذائي، لا يزال تصاعد المنافسة الاقتصادية بين الأطراف المتحاربة واشتداد ظروف الجفاف مدفوعة بتغير المناخ يزيدان من حدة هذا الضعف.


مسار مستقبلي
 
رغم أن الهدنة لم تكن مثالية، إلا أنها مكنت من تحقيق مستوى من الاستقرار داخل اليمن وقدمت لمحة عن مستقبل أكثر هدوءًا، ومع ذلك فإن التحسينات الجوهرية في الظروف الإنسانية تعتمد على استمرار الدعم الدولي واستعداد الأطراف لتيسير وصول المساعدات الإنسانية والالتزام بحل سياسي.
 
على المدى القريب، يجب بذل كل الجهود لحماية السكان المعرضين للخطر من تجدد الأعمال العدائية ولدعم جهود الاستجابة الإنسانية، يجب على الحوثيين والحكومة اليمنية الاعتراف بمسؤوليتهم عن تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتعزيز الظروف الإنسانية المحسنة من خلال مفاوضات السلام.
 


وفي حين أن تعاون قوات التحالف هو عنصر مهم في أي اتفاق مستقبلي، فإن السلام سيعتمد على تنازلات والتزامات الأطراف المحلية، ومع ذلك ينبغي مساءلة جميع أطراف النزاع من قبل المجتمع الدولي وفقًا لالتزاماتها بحماية المدنيين.
 
وعلى الرغم من أن التقدم في قضايا حقوق الإنسان والحوكمة سيستغرق وقتًا، إلا أنه يمكن تحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية أسرع عن طريق إزالة العوائق البيروقراطية والمسلحة أمام الجهات الفاعلة الإنسانية.
 
يجب أن تستمر العمليات الإنسانية الحالية والمستقبلية بتمويل كافٍ، على الرغم من تأثير التقشف المالي العالمي، والتمويل الكبير المخصص لتأثيرات الحرب في أوكرانيا، فقد حافظ بعض المانحين الرئيسيين على تمويلهم لليمن، ففي مارس 2022 تعهدت الدول المانحة الرئيسية بأكثر من 1.3 مليار دولار في حدث التعهدات رفيع المستوى للأمم المتحدة للأزمة الإنسانية في اليمن.
 
وضاعفت الولايات المتحدة وحدها تقريبًا مساهمتها من 805 مليون دولارًا في السنة المالية 2021 إلى ما يقرب من 1.1 مليار دولار في السنة المالية 2022، ومع ذلك وسط الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، كان إجمالي التعهدات أقل بمقدار 370 مليون دولار عن العام السابق.
 
والجدير بالذكر أن كل من السعودية والإمارات فشلا في تقديم تعهدات، على الرغم من أنهما يمثلان حوالي 40 في المائة من الأموال التي تم التعهد بها في عام 2021، كما خفض البلدان أيضًا مساهمتهما المجمعة في خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام بأكثر من 350 مليون دولار، نظرًا لانخراطها في النزاع والالتزام السابق بدعم العمل الإنساني استجابةً لذلك، يجب على هذه الدول أن تلتزم مجددًا بدعم الأنشطة الإنسانية.
 
ومع استمرار المناقشات غير المباشرة لدفع مفاوضات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، يجب على الأطراف إيجاد طريقة لبناء الثقة وتعزيز حل شامل للصراع، ومع ذلك فإن إرساء وقف دائم لإطلاق النار، ووقف الأعمال العدائية، وتوفير مسار للتسوية سيعتمد على قدرة الوسطاء على خلق قيمة تحفز التعاون المستمر بين الأطراف وعلى الأطراف أنفسهم الذين يقودون ويتبنون عملية تفاوضية.
 
سيعتمد مستقبل الأزمة الإنسانية في اليمن في نهاية المطاف على تصور أن استمرار الصراع لا يوفر أي أمل في المستقبل، فضلاً عن تأييد جماعي لطريقة للخروج من الصراع تعطي الأولوية لكرامة وسلامة السكان المدنيين في اليمن.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر