على غرار داعش.. كيف عسكر الحوثي موارد المياه واستخدمها كوسيلة لتعزيز أجندته العسكرية؟

 أدى التوسع الحضري للصراعات وانتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية في العراق وسوريا واليمن إلى عسكرة الموارد المدنية الحيوية. 
 
ونظرًا لأن الجماعات المسلحة من غير الدول تواجه تحديات غير متكافئة ضد خصومها، فقد لجأت إلى عسكرة المياه واستخدامها كوسيلة لتعزيز أهدافها العسكرية والسياسية، واستغلال نقاط الضعف في المناطق المجهدة بالمياه. 
 
وأوضح تقرير، لمعهد لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية بأنه "كما فعلت داعش في العراق، استهدف الحوثيون الموارد المائية في الخليج لتقويض التحالف السعودي ونقل الصراع إلى ما وراء حدود اليمن. ففي مارس 2022، أطلق الحوثيون صواريخ على محطة لتحلية المياه في الشقيق جنوب السعودية بالقرب من البحر الأحمر. 
 
وقال التقرير إن "الحوثيين تمكنوا من الاستفادة من الموارد المائية بما يتجاوز حدودهم الجغرافية باستخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الدقيقة كوسيلة لإسقاط القوة". 
 
حيث يشير استهداف المحطة إلى قدرة الحوثيين على تعطيل البنية التحتية المدنية الحيوية في بلد يعاني من ندرة المياه ويعتمد على تحلية المياه في ضوء الخطط الاقتصادية السعودية لبناء محطات تحلية على طول ساحل البحر الأحمر.
 
كما عطل الحوثيون إيصال المياه لعزل ومعاقبة السكان في تعز بسبب مقاومتهم، وقطعوا الطرق ووصول المساعدات الإنسانية بما في ذلك شحنات المياه إلى تعز منذ عام 2015 من خلال تطويق المدينة والسيطرة على نقاط التفتيش.
 
وقد استخدم الحوثيون التجويع كوسيلة للعقاب الجماعي لكسر المقاومة ولكن أيضًا كورقة مساومة خلال المفاوضات مع المجتمع الدولي الأوسع. ونتيجة لنقص المياه الذي تفاقم بسبب النزاع، هناك ما يقرب من ثلثي السكان لا يحصلون على المياه النظيفة أو الصرف الصحي.
 
وبالمثل، تم تدمير منشآت المياه في الحديدة، وهي منطقة مكتظة بالسكان وميناء مهم للمساعدات الدولية، بسبب الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون بهدف تحويل مسار التحالف الذي تقوده السعودية والقوات اليمنية. 
 
وفي حين أن الألغام الأرضية أبطأت القوات من التقدم نحو المدينة، وبالتالي ساعدت الأهداف التكتيكية للحوثي، فقد دمرت أيضًا أنظمة المياه الحيوية لبقاء السكان على قيد الحياة.
 
 
الاستجابة الدولية والعقبات
 
 لدى المجتمع الدولي خيارات محدودة للاستجابة لعسكرة الجماعات المسلحة غير الحكومية للمياه بسبب التحديات الفريدة التي تطرحها. 
 
على الرغم من أن الاستيلاء على سد الموصل في عام 2014 أثار أول حملة جوية بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش، إلا أنه وضع التحالف أيضًا أمام تحديات، لأن انهيار السد سيكون له عواقب وخيمة على السكان العراقيين. 
 
سعى داعش إلى استغلال هذه المقايضة، واعتبر أي محاولات للهجوم بالقرب من السد "تهديدًا مباشرًا للسكان المدنيين".  على سبيل المثال، لجأ داعش إلى سد الطقبة في عام 2016 على افتراض أن القوات الأمريكية لن تقصفهم.
 
وبالمثل، فإن حصار الحوثيين يشكل تحدياً أمام التحالف السعودي لأن العمل العسكري من المرجح أن يؤدي إلى أضرار مدنية.
 
وبالنظر إلى المزايا العسكرية والسياسية التي يجنيها الحوثيون من خلال عسكرة  الموارد المائية من خلال الحصار، فمن المرجح أن يستمروا في القيام بذلك لدفع أجندتهم. 
 
وقد شكل حصار المدن المركزية مثل تعز والحديدة ومنع وصول السكان المدنيين إلى المياه أجزاءً مهمة من اتفاقية ستوكهولم، وقد استخدمت للضغط على السعوديين للتنازل في ظل تعليق الولايات المتحدة للدفاع الجوي وتراجع التقدم.
 
على سبيل المثال، بعد أيام من رفض دعوة دول مجلس التعاون الخليجي إلى طاولة المفاوضات، هاجم الحوثيون مصنع الشقيق. تأتي الجهود المبذولة للتوصل إلى مفاوضات أو هدنة بكلفة أعلى حيث يتم استخدام الحصار، بشكل مباشر أو غير مباشر، كوسيلة ضغط. 
 
كما يقوض الحصار جهود التحالف السعودي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والأمم المتحدة بسبب افتقارهم إلى الاستجابة وفشلهم في حماية الشعب اليمني. لذلك من الصعب تخيل تخلي الحوثيين عن هذا المكون الاستراتيجي من جهودهم الحربية.
 
ونظرًا لأن تغير المناخ يسرع من انعدام الأمن المائي ويجعل الوصول إلى الموارد المائية أكثر أهمية في المنطقة، فمن المرجح أن تواصل الجماعات المسلحة غير الحكومية استغلال الموارد المائية في غياب طرق مجدية للتصدي لهذا التهديد. 
 
إن تحديات تسليح المياه تجعل الحلول العسكرية والدبلوماسية عديمة الجدوى، حيث تستغل المجموعات المخاطر الكبيرة التي تأتي مع الاستجابة للتهديد، والمزايا المتصورة لتقويض المجهود الحربي لخصومهم.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر