توزيع الطرابيل الحل الحوثي منذ سنوات..

"صنعاء القديمة".. إهمال الميلشيات والأمطار يهددان أقدم مدن التاريخ في اليمن بـ"الخراب"

[ صنعاء القديمة في أحيائها مزارع خضراء تسمى "المقشامة" (تصوير: روبرت هاردينج) ]

تتعرض مدينة "صنعاء القديمة" للخراب نتيجية الأمطار والإهمال الممنهج من سلطات الأمر الواقع الحوثية، حيث تصدعت عدد من المباني وأخرى انهارات اسقفها، وبعض تلك المنازل العتيقة لم يعد صالحاً للسكن، وسط مخاوف من أن يتسبب الإهمال المتعاقب، وتأثير هطول الأمطار الغزيرة في شطب المدينة التاريخية من القائمة العالمية.
 

وخلال الأسابيع الماضية تعرضت عشرات المنازل التراثية المدرجة في قائمة التراث العالمي لدى  منظمة "اليونيسكو" للانهيار منذ عام 1986، في حين تضررت مئات المنازل، وأخرى على وشك الانهيار، عقب هطول الأمطار الغزيرة، وسط مناشدات مستمرة لإنقاذ تراث المدينة التاريخية من الاندثار. 
 

صنعاُء القديمة إحدى أقدم مدن التأريخ أسست قبل أكثر من 2500 عام، وكانت مركزاً دينياً سياسياً هاماً في القرنين السابع والثامن، إذ تميزت بطرازها المعماري الفريد الفريد، وظلت قيمةً حقيقيةً يتباهى بها الإنسان اليمني، أثبت من خلالها عبقريته في تشيد المباني على مدى عقود طويلة، لكن سنوات من الإهمال والحرب شوهت جمال رونقها الحضاري والتاريخي.


وتسيطر ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران على صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014، ولا يقومون بأي جهود لحماية المدينة من الخراب، رغم أنهم لا يدخرون جهدا في الجبايات من أسواقها والاوقاف الكثيرة المنتشرة في المدينة التأريخية، وقال سكان لـ"يمن شباب نت"، "سنويا يوزعون على المنازل طرابيل فقط وهذا كل ما يفعلونه". 
 

من جانبه قال سفير اليمن لدى اليونسكو الدكتور محمد جميح  لـ "يمن شباب نت": "قدمنا رساله إلى اليونسكو لطلب تحريك جزء من الدعم المرصود في اليونسكو لمثل هذه الحالات الطارئة، من قبل صندوق دعم الحالات الطارئة في اليونسكو، ونقوم حاليا بمتابعة ذلك مع المكتب الإقليمي لدول الخليج، واليمن ونأمل بأن يكون هنالك استجابة عاجلة".
 

تراث يندثر بصمت

على مدى نحو أسبوعين تقريباً أدت الأمطار الغزيرة التي انمهرت بشكل غير مسبوق في صنعاء القديمة إلى انهيار عشرات المنازل التراثية المدرجة في قائمة التراث العالمي في حين تضرر مئات المنازل وسط مناشدات مستمرة لإنقاذ تراث المدينة التاريخية وصمت سلطات الأمر الواقع ميليشيا الحوثي التي تسيطر على المدينة منذ عام 2014.
 

حتى هذه اللحظة يناشد سكان حي الابهر وأحياء أخرى في صنعاء القديمة سلطات الأمر الواقع ميليشيا الحوثي والمنظمات الدولية للتدخل العاجل وانقاذ مايمكن إنقاذة نتيجة الأضرار الذي خلفتها الأمطار الغزيرة خلال الأسابيع الماضية في منازلهم لكن دون جدوى.
 

أمين السياغي 50 عاماً، أحد سكان صنعاء القديمة، يقول لـ "يمن شباب نت" إن : |مئات المنازل تضررت بشكل كبير، وتعرضت أسقف مئات المنازل للسقوط وهناك  عشرات الأسر تعاني حاليا من الكارثة".
 

وقال  أن :"معظم منازل صنعاء القديمة تضررت بفعل الأمطار الغزيرة ،مشيراً إلى سقف منزل أحد أقاربه تعرض للسقوط مثل بقية منازل المواطنين".
 

"الأمطار الغزيرة التي انمهرت على العاصمة اليمنية صنعاء مؤخراً ، تسببت بكارثة إنسانية مشيرا إلى أن هناك العديد من الأسر أصبحت من دون مأوى بعد أن تهدمت منازلهم إننا نخشى على تراثنا من الاندثار حقا نحن أمام كارثة تأريخية"، يقول السياغي.
 

وكانت وكالة اسوشييتد برس نقلت عن مصادر حوثية عن تعرض نحو 10 منازل تاريخية للانهيار الكلي وتضرر نحو 80 منزل في صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي.
 

حلول ترقيعية وإهمال

نبيل الحرازي 55 عاماً هو الآخر تعرض سقف منزله  للسقوط بشكل كلي موضحا لـ "يمن شاب نت" أن "سبب السقوط ناتج عن الاهزازت الناجمة عن الصواريخ منذ بداية الحرب، ومع هطول الأمطار الغزيرة تعرض للسقوط بشكل كلي لافتاً إلى أنه اضطر إلى السكن في منزل أخيه حتى يتمكن من إعادة ترميم منزله.

يقول الحرازي : "عندما هطلت الأمطار الغزيرة قبل عامين تعرض منزله لأضرار كبيرة ذهب أكثر من مرة إلى  الجهات المعنية، وبعد كفاح طويل صرفت له الميليشيا الحوثية طرابيل لتغطية سقف منزله".
 

وتابع: "الآن وبعد سقوط سقف المنزل بشكلٍ كلي انتظر مالذي يمكن أن تقدمه لي سلطات الأمر الواقع ميليشيا الحوثي مشيراً إلى خيبة أمله من حلول الحوثيين الذي يصفها بـ"البلاستكية".
 

يوافقه في الرأي الدكتور جميح قائلاً  لـ يمن شباب نت :" نحن لا نعول على ميليشيا الحوثي للقيام بدور ترميم المباني المتضررة في صنعاء القديمة، مشيراً إلى أن الحوثيون يحاولون دائماً استغلال عمل المنظمات الدولية بهدف تصدير أنفسهم بأنهم هم من قاموا بفعل ذلك في حين ليس لهم ناقة ولا جمل، في عملية الدعم، ولا عملية المتابعة، ولا عملية التنفيذ".
 

وتعرضت  صنعاء القديمة ومبانيها التراثية للأهمال المعتمد من قبل الجهات المعنية طيلة السنوات الماضية على وجه الخصوص السنوات السبع الماضية إذ تعرضت بعض المباني التأريخية للهدم والخراب وإضافة مواد بناء جديدة غير مطابقة لمواصفات التراث الحضاري للمدينة، بالإضافة إلى السطو على بعض المرافق التراثية وتأجير بعضها للتجار الذين بدورهم قاموا بتحويلها إلى محلات تجارية.
 

كما تسببت غارات التحالف العربي على بعض أحياء صنعاء القديمة بتدمير عددا من المنازل التأريخية  وتضرر الكثير من المنازل  الأمر الذي وضع مدينة صنعاء القديمة في قائمة المدن المهددة بالخروج من قائمة التراث العالمي، حيث حذرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) مطلع العام 2015، من شطب صنعاء القديمة من قائمة التراث العالمي على ضوء تقارير تفييد بوجود مخالفات وتغييرات معمارية مخالفة.

 

حاقدون على التراث

خلال السنوات الماضية عمدت ميليشيا الحوثي إلى استهداف المعالم الأثرية في مناطق سيطرتها، حيث قامت بهدم منازل ومساجد تاريخية في صنعاء القديمة وتأجيرها للتجار تحت إشراف وزارة الأوقاف التابعة للمليشيات الحوثية.

لا يستغرب الدكتور محمد جميح، إهمال ميليشيا الحوثي لمدينة صنعاء القديمة وقال :هم بالأساس لا ينظرون إلى الثراث اليمني على أنه تراث يستحق الأهمية، وانه بالنسبة لهم إما أنه تراث ما قبل الإسلام وهذا تراث أقوام كافرة واحجار واوثان على حد تعبير حسين الحوثي مؤسس الجماعة". 
 

وتابع: "أو أنه إذا كان تراثاً اسلامياً ولكنه لا يمد بصلة لفترة دويلتهم التي كانت تقوم وتسقط بين حين وأخر فهو أيضا تراث غير إسلامي بالنسبة لهم وفقاً لرؤيتهم التاريخية ومعتقدهم حول الإسلام الصحيح".
 

"إجمالا ميليشيا الحوثي لا تهتم بهذه الزوايا، والثقافة العربية والتراث العالمي في اليمن، لأنهم في الاساس معنيون بشيين فقط  الإمساك بالسلطة والبحث عن الثروة فهم دولة جبايات ولذلك لا نتوقع منهم القيام بشي من أجل الحفاظ على التراث في البلاد".
 

مرحلة جديدة لإنقاذ مايمكن إنقاذة

وأعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة السبت الماضي في بيان لها عن إطلاق مرحلة جديدة من مشروعها المشترك مع الاتحاد الأوروبي، لإعادة تأهيل عدداً من المباني المتضررة في صنعاء القديمة. 

ووفقاً لليونسكو فإن نحو 10 الف مبنى تعرضت للضرر حسب التقييم الشامل للأضرار الذي أجري عام 2021، لافتة إلى ستطلق "مرحلة جديدة من المشروع لمواصلة إعادة تأهيل المباني التاريخية في المدينة.   
 

يأسف  سفير اليمن لدى اليونسكو محمد جميح من أن صنعاء القديمة ليست في نطاق سيطرة الحكومة، وبالتالي لا يمكن الوصول إلى إليها، لكنه أكد بأن لديهم وسائل أخرى لدعمها، وقال: "هي مصنفه على قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو وبالتالي لديها دعم كبير من اليونسكو بتمويل من الاتحاد الأوروبي في مشروع النقد مقابل العمل الذي استمر لعامين وانتهت المرحلة الأولى قبل أشهر" لافتا "أن  المرحلة الجديدة سوف تبدأ قريباً".
 

وقال جميح لـ "يمن شباب نت": "في المرحلة الأولى كان التمويل بنحو 10 مليون يورو اشرف عليه في الداخل الصندوق الاجتماعي للتنمية، وهيئة الأشغال بإشراف من اليونسكو".
 

وأضاف : "كان هنالك مطالبات حثيثة لتمديد المشروع وبالفعل تم تمديد المشروع إلى أربع سنوات بمبلغ نحو 20 مليون يورو تم تقديمها لليونسكو من الاتحاد الأوروبي من أجل الترميمات في مدينة صنعاء القديمة، وفي شبام حضوموت وزبيد".
 

واختتم جميح :"المرحلة الحالية التي سوف تبدأ بعد أسابيع سوف تشمل مناطق أخرى غير المدن التاريخية المسجلة على قائمة التراث العالمي وهي أماكن تراثية في تعز، وريف صنعاء، وفي عدن، ومأرب وشبوة وبعض الآثار التي تعرضت للأضرار بسبب السيول والفيضانات".


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر