"هدنة رمضان في اليمن".. فترة راحة للمدنيين لكن حالة اليقين من إنهاء الحرب غائبة

[ فشلت محاولات سابقة عديدة لتأمين وقف إطلاق النار للتفاوض على إنهاء الحرب ]

توقفت الغارات الجوية العنيفة التي يشنها التحالف العسكري بقيادة السعودية، في الوقت الحالي.  وكذلك توقفت القذائف الصاروخية العابرة للحدود، التي يطلقها المتمردون الحوثيون، والتي خوفت جيران اليمن وزعزعت المنطقة. 
 

ووفق تقرير صحيفة «The Washington Post» الأمريكية - ترجمة "يمن شباب نت" - "أثارت الخطوات الأخيرة، بما في ذلك الهدنة بين الأطراف المتحاربة في اليمن واستقالة رئيس البلاد، آمالًا حذرة في إحراز تقدم نحو إنهاء الحرب الأهلية، أو على الأقل توفير بعض الراحة للمدنيين اليمنيين المحاصرين في قبضة الحرب.. التي تمثل إحدى أشد الأزمات الإنسانية في العالم". 
 

الصراع يدور بين الحوثيين، جماعة مسلحة مدعومة من إيران من شمال اليمن، ضد الحكومة المعترف بها دوليا في البلاد وداعميها السعوديين، وقُتل عشرات الآلاف في القتال في جميع أنحاء البلاد حيث امتدت الحرب إلى ما وراء حدود اليمن نحو الممالك الغنية بالنفط في الخليج العربي. 
 

في أحدث هدنة، والتي من المفترض أن تستمر شهرين، اتفقت السعودية والحكومة اليمنية على السماح بشحنات الوقود إلى ميناء يسيطر عليه الحوثيون.  سيسمح للمطار الدولي في صنعاء، العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون، باستقبال رحلات الركاب، بعد أن منع التحالف الذي تقوده السعودية الطيران التجاري هناك لسنوات. 
 

في الأسبوع الماضي، استقال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي - الذي يُنظر إليه على أنه زعيم بعيد وغير فعال - وفوض السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مدبرة من قبل المملكة العربية السعودية.  ووصف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في بيان، هذه الخطوة بأنها "خطوة مهمة نحو الاستقرار وتسوية سياسية شاملة يقودها ويملكها اليمنيون تحت رعاية الأمم المتحدة". 
 

لكن الخبراء والمسؤولين يقولون إنه من السابق لأوانه وصف هذه الإجراءات بأنها انفراجه، إذ كانت الهدنة متزعزعة وأدت بالفعل إلى مخاوف من أن يستخدمها الحوثيون لإعادة نشر القوات لشن هجمات جديدة، يتكون المجلس الرئاسي - في محاولة لتوحيد الجبهة المناهضة للحوثيين - من أفراد ذوي آراء أيديولوجية واسعة وغالبًا ما تتعارض. 
 

وقالت ميساء شجاع الدين الباحثة البارزة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية إن توقف القتال قد يوفر مناخا لجهود الوساطة التي تشارك فيها الأمم المتحدة والوسطاء الإقليميون.  وقالت إن البديل هو هدنة فاشلة يتبعها "انفجار عسكري". 
 

وفي حديثه يوم الأربعاء في نهاية زيارة استمرت ثلاثة أيام، أقر هانز غروندبيرغ، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، بالمخاطر المقبلة، قائلاً إنه "قلق" بشأن ما تردد عن انتهاكات الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ في 2 أبريل / نيسان، والمح بالقول بأنه لا يمكن للغرباء فرض وقف إطلاق النار بأي حال من الأحوال، وقال: "نحن نعتمد على التزام الأطراف المستمر والانخراط الجاد". 
 

ومع ذلك، قال إن هنالك "انخفاض إجمالي كبير في الأعمال العدائية أو الهجمات عبر الحدود". فقد رست سفن وقود في ميناء يسيطر عليه الحوثي، ولفت إلى أن "العمل المكثف والاستعدادات جارية لافتتاح مطار صنعاء أمام أول رحلة تجارية منذ ست سنوات". 
 

بالنسبة لأولئك الذين يطالبون بمغادرة اليمن - بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض تهدد حياتهم - كانت إعادة فتح المطار هي كل شيء، مما زاد الآمال في السفر إلى دول مثل الهند ومصر حيث تعمل أنظمة الرعاية الصحية بشكل جيد، على عكس اليمن. 
 

وقال عبد الله عبد الخالق معوضه، 44 سنة، الذي يعاني من فشل كلوي مزمن ويحتاج إلى زراعة كلية، "بصراحة، فقدت الأمل وكنت أحاول فقط أن أعيش لإعالة أطفالي".
 

وقال: "أتمنى لو كانوا قد تركوا مطار صنعاء بعيدا عن هذه الحرب لأن ذلك أضر بالعديد من المرضى"، وأضاف "الآن هناك أمل بالنسبة لي وللمرضى الآخرين مثلي".
 

كان البديل بالنسبة للمرضى في صنعاء هو رحلة طويلة مليئة بنقاط التفتيش إلى عدن أو سيئون، حيث توجد مطارات.  لكن مثل هذه الرحلات شاقة بالنسبة لمرضى مثل رقيبة صالح حسن، 56 عامًا، التي تعاني من سرطان الغدة الدرقية، وهو أحد أكثر أنواع السرطانات قابلية للشفاء إذا تم علاجها في مرحلة مبكرة.  لكن مع نقص العلاج، تدهورت صحتها. 
 

وقالت "عندما سمعت أن مطار صنعاء سيعاد فتحه بكيت فرحا". 
 

ويقول الخبراء إن صدام العوامل - بما في ذلك ديناميكيات ساحة المعركة وضغط المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة - ربما يكون يعجل من وقت توقف الحرب. 
 

دعمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة المجهود الحربي السعودي، ابتداءً من عام 2015، عندما دخل تحالف عسكري بقيادة المملكة في الصراع المدني اليمني لإنهاء سيطرة الحوثيين على صنعاء، قال الرئيس بايدن، تحت ضغط من الكونجرس، إن الولايات المتحدة لن تقدم أسلحة "هجومية" للسعودية، لكنها واصلت تعاونها الوثيق مع الجيش السعودي. 
 

وتزامنت الهدنة الأخيرة مع حلول شهر رمضان المبارك كما حصل مع محاولات وقف إطلاق النار الأخرى، لكن الخبراء قالوا إن ذلك يأتي أيضًا بعد شهور من العنف المتصاعد في اليمن الذي أثار مخاوف من أن الحرب تزعزع استقرار المنطقة ككل. 
 

يحاول الحوثيون منذ سنوات التقدم باتجاه مأرب، وهي محافظة غنية بالنفط والغاز وآخر معقل رئيسي للحكومة اليمنية في الشمال، عرّضت المعركة الدامية مئات الآلاف من النازحين الذين استقروا هناك للخطر بعد فرارهم من مناطق الخطوط الأمامية الأخرى، سيكون استيلاء الحوثيين على المحافظة بمثابة ضربة محرجة للحكومة اليمنية وكذلك المملكة العربية السعودية، وسيضع المتمردين الحوثيين في موقع متقدم لإملاء شروط أي تسوية للحرب. 
 

أدى تدخل الإمارات العربية المتحدة، التي تدعم الميليشيات في اليمن، بما في ذلك لواء العمالقة، في ديسمبر/ كانون الأول، إلى تفادي سقوط مأرب، وردا على ذلك، كثف الحوثيون هجماتهم الصاروخية عبر الحدود، وضربوا الإمارات والسعودية، وأثاروا جولة جديدة من الضربات الجوية على اليمن.
 

مع منع الحوثيين من الاستيلاء على مأرب، وتفاجئ خصومهم في الخليج بالهجمات الصاروخية، "كان لدى الجميع القليل من النفوذ، وكان لدى الجميع سبب للرغبة في التوقف"، وفقا لما قاله بيتر سالزبوري ، كبير المحللين في شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية.   
 

وقال إن الجمود سهّل على الأمم المتحدة تأمين هدنة كانت تسعى إليها منذ أكثر من عامين، كما سمح للسعودية بالتصرف على أساس مخطط طالما ترددت شائعات عنه، بخصوص إبعاد هادي.
 

وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد يوم الخميس في إفادة لمجلس الأمن بشأن الحرب: "لم نحظى بهذا الزخم الكبير في اليمن منذ وقت طويل"، وحذرت من أن الصراع في أوكرانيا يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وأشادت بالسعودية والإمارات لتعهدهما بتقديم المليارات للبنك المركزي اليمني. 
 

وقالت شجاع الدين، من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن التحركات أظهرت أن "السعودية تمهد الآن الطريق لفترة ما بعد الحرب". 
 

وقالت: "إن السعودية تحاول إنهاء هذا الملف"، لقد أدركت أنه لا يمكنها عسكريا تحقيق مكاسب من أي نوع، في وقت أدى ملف الحرب اليمنية إلى نزيفها اقتصاديا ودمر سمعتها دوليا. 
 

وقالت "الكرة في ملعب الحوثيين: سيقررون ما إذا كانت الحرب ستتوقف أم لا"، مضيفة أن الحوثيين، على الرغم من قيامهم ببعض واجبات الدولة، ما زالوا ميليشيا، "وليس لدى الميليشيات ما تخسره".  ببساطة، البقاء على قيد الحياة كجماعة يعتبر نجاحًا. 
 

في بعض النواحي، يضع إنشاء المجلس الحوثيين والقوة الحكومية على قدم المساواة، وكلاهما يفتقر إلى الشرعية الدستورية، وكلاهما يتكون الآن من قادة عسكريين ورجال دين.
 

وقالت شجاع الدين: "فترة ما بعد الحرب، إذا انتهت الحرب، ستكون فترة قوى سياسية فرضت وجودها بالسلاح، هذه ليست بالضرورة صيغة للنجاح". واضافت: "لن يكون اليمن مستقرا بعد الحرب". 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر