ما هي أبرز أهداف تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن؟

[ شكل الرئيس اليمني هادي مجلس قيادة رئاسي منحه كامل صلاحياته الرئاسية برئاسة رشاد العليمي وعضوية سبعة أخرين لإدارة ما تبقى من المرحلة الإنتقالية ]

  في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، بحسب كثيرين؛ أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، فجر يوم الخميس الماضي (7 أبريل)، إعلانا رئاسيا تخلى بموجبه عن صلاحياته، لمجلس قيادة رئاسي برئاسة مستشاره اللواء رشاد العليمي، وعضوية سبعة آخرين، لاستكمال تنفيذ المرحلة الانتقالية.
 
ونصّ الإعلان الرئاسي على نقل السلطة من الرئيس هادي إلى المجلس، وتفويضه بكامل صلاحيات الرئيس لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وفقا للدستور والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية.
 
ويضم مجلس القيادة الرئاسي في عضويته كلًا من: اللواء سلطان علي العرادة (محافظ مأرب)، والعميد طارق محمد صالح (قائد المقاومة الوطنية)، وعبد الرحمن أبو زرعة (قائد ألوية العمالقة)، والشيخ عثمان حسين مجلي (وزير سابق ونائب في البرلمان)، واللواء عيدروس قاسم الزبيدي (رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي)، واللواء فرج سالمين البحسني (محافظ حضرموت)، وعبد الله العليمي باوزير (مدير مكتب الرئيس).
 
وجاءت هذه الإجراءات المفاجئة قبيل ساعات من الجلسة الختامية لـ "المشاورات اليمنية- اليمنية" في الرياض التي دعت إليها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، من 29 مارس/آذار الماضي وحتى 7 أبريل/ نيسان، بمشاركة ممثلين عن مختلف المكونات اليمنية المحسوبة على الشرعية.
 

 

مجلس للحرب أم للسلام؟
 
وفقا لمراقبين فأن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي جاء بتوافق مسبق بين الرياض وأبو ظبي، قائدتي التحالف العربي في اليمن، بهدف رسم شكل المرحلة المقبلة في اليمن وتصحيح مسار المعركة، لا سيما بعد تصاعد قدرات مليشيات الحوثي الإيرانية العسكرية المتمثلة باستهداف منشآت حيوية في السعودية والإمارات.
 
وفي خضم توسع الجدل الدائر حول طبيعة مهام "مجلس القيادة الرئاسي" خلال المرحلة المقبلة، وما إذا كان مخصصا فقط للتحاور مع الميليشيات الحوثية لفرض السلام، كما نصت المادة الأخيرة منه، أم أنه سيواصل مهام الشرعية في حربها الدائرة مع الميليشيات الحوثية؛ أكد نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، عبر منصة "تويتر" يوم أمس السبت، أن التحالف "سيستمر في دعم المجلس الرئاسي على كافة الأصعدة، بما في ذلك الدعم العسكري لحين الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة".
 
ثم عاد بن سلمان وقال إن "الخطوة الشجاعة والتاريخية التي اتخذها الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، في نقل السلطة لمجلس القيادة الرئاسي، تؤسس لمرحلة مهمة وحاسمة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار لليمن والمنطقة".
 
ونوه إلى أن "الصفحة الجديدة التي اختارها اليمنيون تتطلب استشعاراً للمسؤولية الوطنية من كافة شرائح المجتمع اليمني لبناء يمن سعيد يسمو بالعزة والشموخ، وينعم بالأمن والأمان ضمن منظومته الخليجية العربية، وينتقل من الفرقة والاختلاف والحرب، إلى السلام والأمن والتنمية والازدهار".
 
وفي السياق أيضا، قال رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، الجمعة (8 أبريل) في أول خطاب له بعد تعيينه؛ إن "هذا اليوم من أيام تاريخ شعبنا اليمني، تم فيه اجتماع الكلمة، ورص الصفوف، وتوافقت فيه كافة القوى السياسية في بلادنا سعياً منها لإنهاء الحرب وبناء السلام".
 
وأضاف، "نتطلع إلى أن يكون هذا المجلس المبارك نقطة تحول في مسيرة استعادة الدولة ومؤسساتها وتحقيق تطلعات شعبنا في الأمن والاستقرار والتنمية"، مؤكدا في الوقت ذاته على العمل "لتجنيب اليمن أطماع الطامعين الذين يستهدفون عروبته ونسيجه الاجتماعي والجغرافي".
 
وفيما يبدو أنه حسما لهذا الجدل، أوضح رئيس مجلس القيادة، العليمي، ضمن كلمته، على أن المجلس الرئاسي "هو مجلس سلام، لا مجلس حرب"، لكنه شدد ايضا على أنه "مجلس دفاع وقوة، ووحدة صف، مهمته الذود عن سيادة الوطن وحماية المواطنين".
 



ما أهداف مجلس القيادة؟
 
- توحيد القوى المناهضة للانقلاب 

 بالنظر إلى تركيبة مجلس القيادة، فقد شمل ثلاثة من القادة العسكريين الذين يقودون قوات عسكرية على الأرض، هم: عيدروس الزبيدي (رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي)، وطارق صالح (وقائد المقاومة الوطنية)، وأبو زرعه المحرمي (قائد ألوية العمالقة)، إضافة إلى اللواء سلطان العرادة (محافظ مأرب) الذي يواصل خوض معارك شرسة مع ميليشيات الحوثي في المحافظة الغنية بالنفط..
 
وهو ما أعتبره كثيرون مؤشرا على أن أولوية التحالف العربي من تشكيل هذا المجلس الجديد تصب في "توحيد القوى العسكرية المناهضة لمليشيات الحوثي وإنهاء حالة الانقسام والتشظي الحاصلة حاليا في الجيش الوطني والقوات الأخرى التابعة والمدعومة من دولتي التحالف".
 
وكان المرسوم الرئاسي، الذي شكل بموجبه المجلس، ذكر أن من اختصاصاته تشمل: ".. تهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة، ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية..".
 
كما تضمن الإعلان إنشاء "هيئة التشاور والمصالحة"، من 50 عضوا ينتمون إلى مختلف القوى السياسية في البلاد، مهمتها العمل على "جمع مختلف المكونات لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي، والعمل على توحيد وجمع القوى الوطنية بما يعزز جهود مجلس القيادة الرئاسي، وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال والصراعات بين كافة القوى والتوصل لسلام يحقق الأمن والاستقرار في كافة أنحاء الجمهورية".
 
كما يندرج ضمن مهامها أيضا- وفقا لما جاء في الإعلان: "توحيد رؤى وأهداف القوى والمكونات الوطنية المختلفة، بما يساهم في استعادة مؤسسات الدولة، وترسيخ انتماء اليمن إلى حاضنته العربية".
 
وكان رئيس الوزراء معين عبد الملك قد قال في مقابلة له مع قناة "العربية" يوم الجمعة، إن "المرحلة المقبلة فيها توافقات كبيرة، فيها توسعة لقيادات المرحلة القادمة في الجانب الأمني والعسكري، وهذا الموضوع سيساعد مهام الحكومة بشكل كبير".
 
بدوره، وصف رئيس الدائرة الإعلامية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، علي الجرادي، بصفحته على "تويتر"، المجلس الرئاسي الجديد بأنه "ينهي الصراعات السياسية والبينية، بين مكونات الشرعية، ويجدد الأمل بتوحد الجهود السياسية والمكونات العسكرية لمواجهة الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية".
 
وفي هذا السياق؛ شرع أعضاء في المجلس الرئاسي الجديد بعقد لقاءات مختلفة، أبرزها اللقاءات التي عقدها- بشكل منفصل- كل من عيدروس الزبيدي وطارق صالح، يوم أمس السبت، مع قيادة وزارة الدفاع اليمنية، وقيادة وزارة الداخلية، في مقر إقامتهما المؤقت بالعاصمة السعودية الرياض. ما أعتبره مراقبون مؤشرا على أن البدء بمشاورات جدية بشأن الخطوات الأولية لدمج تشكيلات الانتقالي والمقاومة الوطنية في إطار الوزارتين.
 

 
- إصلاحات اقتصادية  

 بعد تشكيل المجلس الرئاسي الجديد لقيادة المرحلة القادمة، من المقرر أن تعود مؤسسات الدولة الرسمية والحكومية المختلفة للعمل من الداخل (في العاصمة المؤقتة عدن)، وتفعيل وتنشيط المرافق والمنشآت الاقتصادية والإيرادية، كأحد الأهداف الرئيسية بعد تعطلها (بعضها بشكل كلي، وبعضها جزئيا)، خلال فترات متقطعة من السنوات الخمس الماضية. ويرى مراقبين أن هذا الأمر يمثل واحدا من أبرز التحديات أمام مجلس القيادة الرئاسي الجديد، التي ستقرر نجاحه من فشله.
 
ونصت المادة الرابعة من المرسوم الرئاسي، على تشكيل فريق اقتصادي من 15 عضوا من ذوي الكفاءات الوطنية المختصة، لدعم الإصلاحات الحكومية، وتقديم الدراسات لمجلس القيادة الرئاسي في الموضوعات الاقتصادية والمالية العامة للدولة. إلى جانب تقديم النصح والمشورة للحكومة والبنك المركزي فيما يخص الإصلاحات العاجلة في المجالات الاقتصادية والتنموية والمالية والنقدية.
 
كما تشمل مهمته، العمل على تعزيز الفعالية والشفافية والنزاهة في الأجهزة الحكومية، ودراسة التحديات الاقتصادية والعمل على إرساء أسس التنمية المستدامة ورسم الخطط اللازمة للتنمية الاقتصادية وطرح الحلول التحفيزية للنمو الاقتصادي، والعمل على زيادة إيرادات الدولة ورفع كفاءة التحصيل، وتنويع القاعدة الاقتصادية.
 
وكانت المملكة السعودية، وبعد ساعات من صدور الإعلان الرئاسي الأخير، أعلنت تقديم دعم للبنك المركزي اليمني بمليارين دولار، مناصفة بينها وبين الإمارات، كما أعلنت الرياض تقديم مليار دولار إضافي، منها 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية في اليمن، و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية.
 
وبمجرد صدور هذا الإعلان من التحالف، شهدت قيمة الريال تعافيا ملحوظا أمام أسعار صرف العملات الأجنبية. حيث أنخفض سعر صرف الدولار الواحد من 1,150 ريال، إلى 850 ريال، كما أنخفض سعر صرف الريال السعودي من 330 ريال يمني إلى 220 ريال، وذلك في اليوم التالي مباشرة على إعلان التحالف. غير أن أسعار الصرف عاودت الارتفاع مجددا، وبشكل تدريجي، منذ يوم أمس السبت، ليقترب سعر صرف الدولار اليوم من الـ 1000 ريال يمني.
 
وترتبط الإصلاحات في الملف الاقتصادي، بعودة مؤسسات الدولة للعمل من الداخل، وإنهاء صفة "الاغتراب" التي ظلت تلازم الحكومات المتعاقبة منذ انقلاب الحوثيين على السلطة. ويؤكد مراقبون على أنه قد آن أوان البدء بعودة مؤسستي الرئاسة والبرلمان إلى العاصمة المؤقتة عدن، مع كافة المؤسسات والمرافق الحكومية الأخرى لتسيير شئون المرحلة القادمة، التي يؤمل عليها اليمنيون لإنقاذهم من المعاناة في مختلف الجوانب نتيجة تعطل أعمال الكثير من المؤسسات الوطنية طوال الفترة الماضية، لا سيما في الجانب الاقتصادي.
 
 

- التفاوض مع الحوثي لإنهاء الحرب 

 من مهام مجلس القيادة الرئاسي ايضا، الدخول في مفاوضات مع الانقلابيين الحوثيين، المدعومين من إيران، لأجل التوصل إلى توافقات تنهي الصراع الدامي المستمر في البلد لعدة سنوات لكنه يبقى هدفا ثانويا، لأن إنهاء الحرب لا يزال بعيد المنال.
 
وبهذا الشأن، فقد كلف الإعلان الرئاسي، مجلس القيادة الجديد بـ "التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية، والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام".
 
وحثت السعودية في بيان لها، فجر الخميس (أي بعد صدور الإعلان الرئاسي مباشرة)، مجلس القيادة الرئاسي "بالبدء في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن فترة انتقالية تنقل اليمن إلى السلام والتنمية".
 
وتزامن ذلك مع تسريبات تحدثت عن نقاشات بهذا الخصوص تدور في العاصمة العمانية مسقط؛ الهدف منها إقناع الحوثيين بالتعاطي مع الرؤى المطروحة للسلام، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة.
 
يأتي ذلك، في خضم تعالي ردود فعل قيادة الحوثيين إزاء خطوة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، في العاصمة السعودية الرياض، والذين أعلنوا رفضهم للخطوة وشددوا على أنه لا حوار إلا بعد تلبية كامل شروطهم، بخصوص الحصار والقضايا الإنسانية..!!
 
وبحسب مراقبين، فإن المحدد أو المعيار الرئيسي لنجاح أو فشل أي مفاوضات مع الحوثيين، سيظل مرتبطا بمخرجات الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، كما أكد خبير الأمن الاستراتيجي الاردني "عمر الرداد" لوكالة "فرانس برس".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر