ماهي انعكاسات فك الحصار عن تعز اقتصاديا وإنسانيا؟ (تقرير خاص)

[ ما هي انعكاسات رفع الحصار المفروض على تعز بموجب الاتفاق المبرم بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة؟ ]

  دخلت الهدنة، التي أقرتها الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، حيز التنفيذ ابتداء من يوم السبت، أول أيام شهر رمضان المبارك، الموافق 2 أبريل/ نيسان الجاري، والتي من المقرر أن تستمر لمدة شهرين، بحيث تنتهي في 2 يونيو/ حزيران القادم..
 
وتشمل الهدنة وقف كافة العمليات العسكرية، البرية والجوية والبحرية، ودخول سفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة، وفتح مطار صنعاء للرحلات الجوية، رحلتين أسبوعيا، بين صنعاء والأردن والقاهرة.
 
كما تشمل أيضا فتح الطرق والمعابر المغلقة في تعز وبقية المحافظات الأخرى. وبحسب مضمون الاتفاق، فإنه و"فور دخول الهدنة حيز التنفيذ، سوف يدعو المبعوث الخاص الأطراف إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز، وغيرها من المحافظات، لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وأطفال وتنقلاتهم بالاستفادة من الجو الذي تهيَئه الهدنة".
 
في هذه المساحة سنركز على البند الخاص بفتح المعابر والطرقات في تعز، وأهمية ذلك للتخفيف من معاناة المواطنين من الناحيتين الاقتصادية والانسانية..
 

أهم طرق ونقاط الحصار
 
 تفرض ميليشيات الحوثي حصارا على مدينة تعز منذ العام 2015، مغلقة بذلك معابر الطرقات والخطوط الرئيسية التي تربط محافظة تعز بمختلف المحافظات المجاورة لها، بما في ذلك الممر الرئيس بالحوبان الذي يفصل تعز نفسها إلى قسمين..
 
ونوجز هذه الممرات والطرق كالتالي:
 
- شرق المحافظة: ويشمل خط الحوبان (التعزية) - تعز المدينة.

- جنوب المحافظة: خط تعز (الحوبان) – لحج - عدن.

- غرب المحافظة: خط تعز - الحديدة.

- شمال المحافظة: خط تعز المدينة – مديرية شرعب
 
لمزيد من التوضيح، أنظر الأنفوجرافك المرفق أدناه


 

تداعيات الإغلاق
 
أدى إغلاق تلك الممرات الرئيسية إلى معاناة كبيرة للمواطنين، شملت بدرجة رئيسة الجانبيين الاقتصادي والإنساني. خصوصا إغلاق الممر الرئيسي الواصل بين مدينة تعز ومنطقة الحوبان (شرق المدينة)، التي تعتبر هي الخط الرئيسي نحو العاصمة صنعاء، عن طريق محافظة إب..
 
وحاليا، يضطر سكان مدينة تعز إلى سلوك طريق بديلة، وهي طريق جبلية طويلة ووعرة جدا، للوصول إلى منطقة الحوبان؛ والتي يستغرق قطعها سبع ساعات زمن، بدلا عن ربع ساعة فقط للدخول/ والخروج من منطقة الحوبان إلى مدينة تعز عن طريق الممر الرئيس المغلق من قبل ميليشيات الحوثي..!!
 
وبالمثل أيضا، أدى قطع طريق تعز- لحج/ عدن، إلى معاناة إضافية لسكان محافظة تعز؛ حيث كان المواطن يستغرق ساعتين زمن فقط للوصول إلى محافظة عدن عن طريق الخط الرئيسي من الحوبان بتعز إلى محافظة لحج، ومنها إلى عدن؛ بينما أصبح الآن يستغرق أكثر من سبع ساعات للوصول إلى عدن عن الطريق البديلة في ريف تعز الجنوبي (مديريات: المعافر والشمايتين).
 
بينما تستمر المعاناة قائمة بقطع الخط الرئيسي بين محافظة تعز ومحافظة الحديدة، التي ما تزال مغلقة من جانب ميليشيات الحوثي، ولا بديل لها حتى الآن.
 
وبسبب ذلك، ارتفعت تكاليف تنقلات المواطنين من/ وإلى تعز، كما هو الحال أيضا بالنسبة لتكلفة نقل البضائع والسلع التجارية من/ وإلى المحافظة ومدينتها الرئيسية وأريافها، والتي ارتفعت بشكل مهول جدا، بسبب إغلاق تلك الممرات، الأمر الذي تسبب بدوره بارتفاع قيمة بيع السلع بفارق كبير عن مثيلاتها من المحافظات الأخرى، بما في ذلك أسعار المشتقات النفطية والسلع الغذائية الأساسية والأدوية..!!
 
 


أبرز نتائج فتح الممرات
 
1) خفض تكاليف تنقل المواطنين

وسيؤدي فتح تلك الممرات الرئيسية، بدرجة رئيسية، إلى خفض تكاليف تنقل المواطنين من والى المدينة بشكل كبير جداً، وذلك على النحو التالي: -
 
- تنقلات المواطنين من تعز المدينة الى الحوبان والعكس. ومنها إلى محافظات: إب، صنعاء، لحج، الضالع، وعدن.

- تنقلات المواطنين من تعز وأرياف تعز الجنوبية والغربية، بما فيها مدينة التربة ومناطق ما تعرف بـ"الحجرية"، وغيرها؛ الى محافظة الحديدة، وغيرها من المدن المجاورة التي تقع تحت سيطرة الحوثي، والعكس.

- تنقلات المواطنين من تعز المدينة وأريافها الشرقية والجنوبية الشرقية الى محافظات لحج والضالع وعدن، وغيرها من المناطق الجنوبية، والعودة.
 

2) خفض تكاليف نقل البضائع 

كما سيؤدي ذلك إلى خفض تكاليف نقل البضائع والسلع والمنتجات الزراعية، وزيادة منسوب الحركة التجارية بين المحافظة والمحافظات الأخرى، والتي شهدت انخفاضا ملحوظا طوال الفترة الماضية بسبب إغلاق الممرات الرئيسية، واستبدال بعضها بطرق طويلة ووعرة وخطرة جدا..!!
 
 لقد أدى سلوك طرق بديلة وعرة وخطيرة، إلى خشية التجار على سلامة بضائعهم، خصوصا وأن الطرق البديلة؛ مثل "هيجة العبد"، وطريق القبيطة البديلة، شهدت الكثير من الحوادث، بما في ذلك انقلاب القاطرات المحملة بالبضائع المختلفة، طوال الفترة الماضية..!!
 



3) انخفاض تكاليف المشتقات النفطية

تمر المشتقات النفطية هي الأخرى بطرق فرعية وعرة وخطيرة، مما يزيد من تكاليف نقلها بشكل كبير جداً، وبدورها توثر سلباً على أسعار كثير من السلع والخدمات، بما في ذلك أسعار نقل وبيع اسطوانات الغاز المنزلي التي شهدت المدينة وأريافها أزمة شديدة في توفيرها طوال الفترة الماضية..!!

لذلك، في حال فتح تلك الخطوط الرئيسية؛ فمن المرجح أن تنخفض تكاليف نقل وبيع المشتقات النفطية بشكل كبير. كما سينخفض، بشكل كبير، استهلاك المشتقات النفطية، مما يخفف الطلب عليها، وبالتالي استقرار أسعارها والتخفيف من انتشار السوق السوداء الخاصة بها.
 



4) انخفاض أسعار السلع والخدمات 

نتيجة لانخفاض تكاليف نقل البضائع والسلع الغذائية، وتكاليف نقل المشتقات النفطية، ستنخفض أسعار كافة البضائع والسلع التجارية والأدوية والمنتجات الزراعية، وتكاليف الخدمات الأخرى؛ مثل تكاليف الانتقال، وتكاليف الكهرباء التجارية، والمياه، خصوصاً في المناطق التي يتم فيها شراء المياه التجارية عبر شاحنات النقل.
 
كما أن تغيير الطرق الرئيسية بأخرى بديلة، طويلة ووعرة جدا، أدى بدوره إلى استحداث نقاط التفتيش على الطرقات، ما أدى إلى زيادة الجبايات المأخوذة من التجار على البضائع التي تمر بشكل اضطراري من تلك النقاط المستحدثة. وبفتح الممرات الرئيسية، من المقرر أن تنتهي نقاط التفتيش المستحدثة، وبالتالي تقل الجبايات، مما سيساعد على خفض أسعار البيع للمواطنين.
 

5) سعر الصرف
 
نتيجة لانخفاض استهلاك الوقود، سينخفض الطلب على النقد الاجنبي لتغطية الاستيراد، مما يساهم في استقرار أسعار الصرف.
 

نتائج انسانية
 
فتح المعابر والطرقات العامة، من/ والى تعز، سينهي معاناة المواطنين الإنسانية، القائمة في ظل الوضع الحالي، خصوصاً الأمراض وكبار السن، حيث سيمكنهم الانتقال من/ والى المدينة بأمان وسلاسة، ودون قلق وبكل سهولة ويسر، وبتكاليف طبيعية.
 


كما سيسهل ذلك، على المستشفيات في مدينة تعز وأريافها المحاصرة، استيراد الأجهزة الطبية الناقصة، والأدوية والعلاجات المختلفة، التي كان من الصعب توفيرها بسبب التكلفة الباهظة التي فرضها الحصار، بما في ذلك اسطوانات الأكسجين.
 
أضف إلى ذلك، أن فتح الممرات، سيجعل منظمات الإغاثة الدولية والمحلية، تتحرك بسلاسة ويسر بين المدينة وأريافها، بعد أن كانت قد قصرت أعمالها على مناطق خارج المدينة بسبب المخاطر وتكاليف العمل والتنقل الباهظة.
  

 * باحث ومحلل اقتصادي  

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر