بعد عقوبات مجلس الأمن بحق الحوثيين.. كيف امتدت أزمة أوكرانيا إلى الدبلوماسية المتعلقة في حرب اليمن؟

[ جندي فوق أنقاض مدرسة بمنطقة حيران في حجة شمال غرب اليمن 21 يناير 2019 ( The New York Times) ]

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن أزمة أوكرانيا توسعت لتلقي بظلالها على الدبلوماسية المتعلقة باليمن، مشيرة الى أن الإمارات تمتنع عن انتقاد الغزو الروسي لأوكرانيا في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على دعم دبلوماسي من موسكو في اليمن.
 
وقد أيدت الولايات المتحدة، يوم الاثنين، مبادرة الإمارات العربية المتحدة في مجلس الأمن الدولي لتصنيف المتمردين الحوثيين في اليمن جماعة إرهابية، على الرغم من تحذيرات أربعة من أعضاء المجلس في أوروبا وأمريكا اللاتينية من أن هذه الخطوة قد تعقد الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية للحرب التي استمرت سبع سنوات في اليمن، وتسريع الأزمة الإنسانية في أفقر دولة في الشرق الأوسط.
 
ونقلت المجلة عن مصادر مطلعة على المداولات، قولها إن الموقف الأمريكي استند إلى تقييم واشنطن المستقل لسلوك الحوثيين وليس على موقف الإمارات من أوكرانيا.
 
وقالت مجلة «Foreign Policy» في التقرير – ترجمة "يمن شباب نت" – "كان القرار الاممي أولوية رئيسية للقوتين الخليجيتين، اللتين كانتا هدفاً لهجمات عسكرية متزايدة من قبل التمرد الحوثي المدعوم من إيران، لكن تصويت المجلس يأتي بعد ثلاثة أيام فقط من مخالفة الإمارات لواشنطن بشأن أهم أهداف سياستها الخارجية: وهو عزل روسيا بسبب غزوها العسكري لأوكرانيا".
 
ففي تصويت حاسم في مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، امتنعت الإمارات عن التصويت على مشروع قرار رعته الولايات المتحدة يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويطالب موسكو بسحب قواتها من أراضي جارتها، وأدى امتناع الإمارات، إلى جانب الصين والهند، إلى إضعاف الجهود الأمريكية لمواجهة روسيا بجبهة دبلوماسية موحدة.
 
يؤكد قرار الإمارات بالامتناع عن التصويت على مشروع القرار الأمريكي بشأن أوكرانيا على استمرار نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، وقد رفض حلفاء آخرون لواشنطن في الخليج، بما في ذلك البحرين وعمان وقطر والسعودية، وغيرهم، المشاركة في رعاية قرار مجلس الأمن، الذي صاغته ألبانيا والولايات المتحدة.
 
إذ أن لروسيا مصالح سياسية واقتصادية واسعة في الخليج، ووجودها العسكري في سوريا لديه القدرة على تقييد قدرة إسرائيل على شن غارات جوية ضد الميليشيات المدعومة من إيران هناك، وفقا للمجلة الأمريكية.
 


وأوضحت روسيا أن لديها مخاوف جدية من أن التصنيف الإرهابي قد يقوض احتمالات التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للأزمة، وفقًا لدبلوماسي في مجلس الأمن، وقال ثلاثة دبلوماسيين لمجلة فورين بوليسي "إنهم يعتقدون أن الإمارات امتنعت عن التصويت على القرار الأوكراني لتجنب استخدام روسيا حق النقض ضد قرار الإمارات العربية المتحدة بشأن اليمن".
 
وقال ريتشارد جوان، الخبير في الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية: "بالنسبة للإمارات، يعتبر الوضع في اليمن أولوية قومية عليا، وهذا يعني توجيه مسار صعب بين الولايات المتحدة وروسيا كقوى تمتلك الفيتو"، ومن المحتمل أن تؤدي المواجهة المطولة بشأن أوكرانيا إلى تجميد دبلوماسية مجلس الأمن، ولكن بالنسبة للكثير من الدول غير الغربية، من الضروري محاولة المعايرة بين القوى العظمى، وهذا يتضمن بعض الألعاب البهلوانية (التوازن) الصعبة للغاية"، وفق قوله.
 
ووافقت الولايات المتحدة على دعم القرار لأنها اعتقدت أنه من الضروري فرض عقوبات على الحوثيين بسبب هجماتهم على المدنيين والبنية التحتية المدنية داخل اليمن وخارجه، ووقعت على المبادرة فقط بعد ضمان ألا يكون لها تأثير سلبي، بشأن العملية السياسية والمحنة الإنسانية للشعب اليمني، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية مشاركة في المداولات.
 
وثبت أن وصف الحوثيين بأنهم جماعة إرهابية أمر صعب بالنسبة للولايات المتحدة، ففي فبراير/ شباط، أوقفت إدارة بايدن خطة لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية بعد اعتراضات من داخل الإدارة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتي أكدت أن القيام بذلك يمكن أن يعجل بانهيار الاقتصاد اليمني، القلق هو أن التجار من القطاع الخاص - المسؤولين عن استيراد حوالي 90 في المائة من أغذية البلاد - ومورديهم سيتوقفون عن ممارسة الأعمال التجارية في اليمن بسبب مخاوف من احتمال محاكمتهم لانتهاكهم العقوبات الأمريكية.
 
وأثار أربعة أعضاء في مجلس الأمن (البرازيل وأيرلندا والمكسيك والنرويج) مخاوف مماثلة من أن تصنيف الحوثيين كإرهابيين - وهو مصطلح لم تحدده الأمم المتحدة - قد يخيف المستوردين من القطاع الخاص الذين يزودون اليمن بالغالبية العظمى من غذاءه وإمداداته الحيوية الأخرى.
 


وصنفت إدارة ترامب الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في الأيام الأخيرة من ولايتها، لكن إدارة بايدن رفعت التصنيف لاحقًا لأسباب إنسانية في فبراير 2021. لكن الولايات المتحدة، التي تواجه ضغوطًا من الإمارات والسعودية لإعادة النظر في المسألة، كانت تبحث عن طرق لتكثيف الضغط على الحوثيين.
 
وخلال المفاوضات بشأن قرار اليمن، نجحت الولايات المتحدة في تخفيف المسودة الأصلية لمعالجة العديد من تلك المخاوف الإنسانية، حيث ألغى النص النهائي بنداً يفرض عقوبات مالية على الحوثيين وتضمن لغة تؤكد على الحاجة إلى تسهيل الواردات التجارية إلى اليمن.
 
كما أن أي تدابير جديدة مرتبطة بوضع الحوثيين كإرهابيين لن تنطبق إلا على انتهاكات الحوثيين لحظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة، كما أسقطت الإمارات العربية المتحدة بندا يجيز منع السفن في ممرات الشحن في المنطقة، بعد اعتراضات من الصين.
 
بالإضافة إلى ذلك، ينص القرار صراحةً على دور للحوثيين في مفاوضات السلام مع الحكومة واللاعبين الرئيسيين الآخرين، في محاولة لمعالجة مخاوف المنتقدين من أن التصنيف الإرهابي سيقوض محادثات السلام.
 
ودافعت سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، عن القرار قائلة إنه "سيحد من القدرات العسكرية للحوثيين ويدفع باتجاه وقف تصعيدهم في اليمن والمنطقة"، وأضافت أنها "ستمنع أيضا أنشطتهم العدائية ضد السفن المدنية وتهديد الخطوط الملاحية والتجارة الدولية"، كما سيوقف القرار معاناة المدنيين اليمنيين والمتضررين في دول الجوار من أعمال الحوثيين الإرهابية ".
 
 ومع ذلك، امتنعت البرازيل، وأيرلندا، والمكسيك، والنرويج عن التصويت عندما حان وقته.
 
وقال نائب سفير أيرلندا لدى الأمم المتحدة، جيم كيلي، للمجلس "ما زلنا نشعر بالقلق من أن استخدام هذا المصطلح في قرار لمجلس الأمن بشأن العقوبات في اليمن قد يكون له عواقب سلبية غير مقصودة على ملايين اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين".

وأضاف "يأتي هذا على خلفية النقص الحاد في التمويل الإنساني والاقتصاد الهش بالفعل".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر