تحقيق لـ"يمن شباب نت" يكشف: كيف يعوض الحوثي نقص مقاتليه باستدراج أطفال المدارس بريف تعز للقتال في صفوفه؟

[ مركز صيفي للحوثيين يجمع مدارس مديريتي شرعب (السلام والرونة) شمال تعز- 2021/ الصورة من مواقع التواصل الاجتماعي ]

بعد استنزاف جبهات القتال لمقاتليهم، ومع ضعف استجابة القبائل في مناطقهم لمزيد من التحشيد، بسبب الحصاد المُرّ للحرب طوال الفترة الماضية؛ كثفت ميليشيات الحوثي الإرهابية من استهداف طلاب المدارس، شبابا وأطفالا، للزج بهم كوقود لحربها العبثية في البلاد.
 
تدريجيا؛ تتحول المدارس في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي بريف محافظة تعز، إلى خطر محدق يهدد الأسرة والمجتمع، في ظل تعميم الميليشيات تجاربها الطائفية في المدارس الواقعة تحت سيطرتها بالمحافظة لاستقطاب الأطفال وتجنيدهم للقتال في صفوفها.

فمنذ عامين تقريبا، شرع الحوثيون في تعز باقتياد الكثير من الأطفال من بوابة المدرسة إلى معسكرات التدريب، ومنها يساقون وقودا إلى محارق الموت، حيث لا عودة من هناك إلا كمجرد صورة معلقة، أو بقايا أشلاء ممزقة..!!

 


أطفال "شرعب" وقود جديد للمعركة

ومطلع العام الجاري، وسّعت عناصر حوثية نشاطها في الريف الشمالي لمحافظة تعز، في إطار المديريات التي ما تزال تحت سلطة وسطوة الميليشيات، بينها مديرية "شرعب السلام" ومحيطها، والتي شهدت مؤخرا تحولات دخيلة على المجتمع، أهمها تطييف التعليم وملشنة المدارس.
 
وبحسب ما أكده مدير المديرية الأستاذ فاروق الصوفي، لمراسل "يمن شباب نت"، فتحت ميليشيات الحوثي في مديريتي "شرعب السلام" و"شرعب الرونة"، خمسة مراكز صيفية، هذا العام، لنشر الطائفية وسط المجتمع، بعد أن سعت إلى التمدد في الوسط التعليمي عن طريق ما يسمى "القطاع التربوي" التابع لها، عبر إقامة ما يعرف بـ"الدورات الثقافية"، وهي دورات حوثية خالصة ذات طابع طائفي وجهادي (إرهابي).
 
ويضيف الصوفي: تقوم الميليشيات بتنفيذ مثل تلك الدورات التثقيفية إجباريا في مختلف المدارس الواقعة في المديرية ومحيطها، بواقع من ثلاث إلى أربع جلسات ثقافية أسبوعيا، يقيمها وينظمها مشرفي المدارس في كل عزلة.
 
ووفقا لسكان محليين، تحدثوا لـ"يمن شباب نت"، بدأت الدورات الحوثية الطائفية تغزوا المديرية، تحديدا، مع نهاية العام 2019. وتفيد روايات متطابقة أنها بدأت بعد التخلص من مشايخ ووجهاء المنطقة الذين كانوا يشددون على ضرورة تحييد منطقتهم وتجنيبها الحرب والفتن. ومع أن الميليشيات وافقت على مضض، إلا أنها سعت لإضعافهم والتخلص منهم تدريجيا بمختلف الطرق؛ كان آخرهم الشيخ أحمد سيف الشعبي الذي اغتيل في مركز المديرية في يوليو 2019)، وبعدها استباح الحوثيون- وأنصارهم من المتحوثيين- المنطقة، وشرعوا بتنظيم دوراتهم الثقافية بشكل سافر، وإجباري، حتى وصل الأمر إلى طلاب المدارس.
 
ويقول أحد سكان المديرية، إن معظم الأسر غير مؤيدة لتواجد المليشيات الحوثية في منطقتهم، فيما عدى القليل منهم فقط، ممن تحوثوا، مضيفا: لذلك لجأت تلك الميليشيات إلى محاولة اختراق عمق المديرية وجيلها المستقبلي المنشود، وذلك عبر استهداف فئة الشباب والأطفال في المدارس، بإخضاعهم إجباريا لدوراتها التوعوية الجهادية، وصولا إلى تجنيدهم في صفوفها بدوافع وإغراءات مختلفة..
 
وأضاف: تستقطب مليشيات الحوثي أطفال المدارس من خلال دورات التعبئة الجهادية الممنهجة، التي يقيمها فريق الإشراف التربوي الحوثي في المدارس التي أصبحت تشكل خطرا حقيقياً يعاني منه الأهالي، وعملت على تفكيك روابط الأسر والمجتمع وأحدثت شرخا في النسيج الاجتماعي.
 



أرقام تدق ناقوس الخطر

وتفيد إحصائية أولية، غير رسمية، حصل عليها "يمن شباب نت"، أن 1,500 طفلا، دون سن الثامنة عشر، استقطبتهم عناصر المليشيات إلى صفوفها القتالية، في مديريتي شرعب (السلام والرونة)، في حين لم تسلم عقول آلاف الطلاب من التلوث بفكرها الطائفي الإرهابي الدخيل على المنطقة، ما يجعل منهم قنابل موقوتة، قابلة للانفجار في أي لحظة..!!
 
وكانت إحصائية رسمية متداولة، مؤخرا، أكدت أن هناك 640 طفلا، تتراوح أعمالهم بين 13-17 سنة، قتلوا في صفوف المليشيات خلال النصف الأول من العام الجاري فقط، فيما جرح أكثر من 3,400 طفلا، يقبع معظمهم في مستشفيات صنعاء. ومعظمهم تم استقطابهم بطرق مختلفة، منها الدورات الثقافية بالمدارس والمراكز الصيفية.

وتقوم المليشيات بالتغرير بكثير من الشباب المراهقين والأطفال بطرق عدة، بينها الإغراءات المادية والوعود بمنحهم رتبا عسكرية، والتي تنجح غالبا في استمالتهم واستقطاب المزيد منهم إلى معسكراتها التدريبية.
 
وبحسب تقارير متداولة لمنظمات حقوقية محلية، هناك "نصف مليون طفل شملتهم مراكز التعبئة الجهادية التابعة الحوثين" خلال الفترة الماضية، ويعد عدد كبير منهم لإحراقهم في معاركها كوقود حرب لاستمرار بقائها..!!
 

تلغيم الأسر

"يذهب الطفل إلى المدرسة طالباً، ويعود قاتلا". هكذا يقول حال الأسر القابعة في مناطق سيطرة الحوثيين، لا سيما بعد ارتفاع معدل الجرائم التي يرتكبها الأطفال بحق أسرهم وأقاربهم عقب خضوعهم لدورات ثقافية جهادية، أو ما يفرض عليهم في المدارس من قراءة لملازم طائفية، تحرِّف الدين وفقا لأهواء ومزاج وتوجهات الجماعة..!!
 
ذات يوم، عاد الطفل عاصم فؤاد الكمالي، (15 عاما)، من إحدى ندوات الحوثي إلى منزلهم متشبعا بالحماسة الجهادية، وشرع مباشرة في تجهيز ملابسه وعدته استعداداً للالتحاق بأحد المعسكرات التابعة للحوثيين. وحين حاول والده منعه ونصحه، أنتهى به الأمر مقتولا بدبة غاز صغيرة قذفها الطفل على رأسه بدم بارد.
 
كانت تلك هي الجريمة الرابعة، التي يقدم عليها أطفال ينتمون للمليشيات بحق أقاربهم منذ العام 2020، وهي الجريمة رقم 15 في قائمة جرائم القتل، عموما، التي يرتكبها مجندون في صفوف المليشيات بمديرية السلام بشرعب.
 
وفي يوليو/ تموز 2019، أرتكب المُتَحوِّث سليم صدام الحاج، من قرية الزوحة بمديرية شرعب السلام، جريمة بشعة بحق أسرته؛ حيث أقدم على قتل أمه طعنا بالسكين دون رحمة، ثم حاول قتل أبيه وشقيقه الذين حاولا منعه فأصيبا بجروح بالغة. وتؤكد مصادر مطلعة على الجريمة أن ذلك حدث بعد أيام على عودة الابن (القاتل) من معسكر تدريبي مع الحوثيين.
 
وتزايدت شكاوى الكثيرين في شرعب، من وجود تهديدات مختلفة تطال الأقارب من أطفال جندتهم ميليشيات الحوثي، بينها تهديدات بالتصفية الجسدية والاعتقال، معظمها على خلفية اختلافات في الرأي، أو حتى نصائح يقدمونها لهم بالابتعاد عن تنظيم الحوثين الإرهابي.
 



إجراءات للحماية  

بعد أن تنبه الأهالي لتزايد عمليات تفخيخ الحوثيون لعقول أبنائهم في المدارس، أضطر البعض إلى اتخاذ إجراءات قسرية لحماية أطفالهم من السقوط في شباك الميليشيات؛ منها محاولة إبعادهم خارج المنطقة الموبوءة، وتسفيرهم للدراسة بمدارس تقع في المناطق المحررة، القريبة منهم كمنطقة "الفاخر"، أو إلى مدينة تعز، أو محافظات أخرى قد تكون بعيدة مثل مأرب، أو محافظتي البيضاء والحديدة (الأجزاء المحررة منها)، حيث يوجد أقارب للأسرة هناك يقومون برعايتهم.
 
 ويشير بعض السكان إلى أن هذه الإجراءات الاضطرارية، بدأ البعض في اتخاذها، بشكل خاص، بعد التعديلات الأخيرة للمناهج الدراسية، والتي حرَفت العملية التعليمية عن أهدافها ومقاصدها الرئيسة، وحولتها إلى مجرد تسويق للفكر الطائفي الممجد للرموز الأمامية والحوثية، ولغسل أدمغة الطلاب وحثهم على الانضمام إلى معسكرات التدريب، من خلال التشويق المُطَعّم في كتب التاريخ والوطنية، التي تحولت- في بعضها- إلى تربية جهادية بحتة، ومحرّفة..!!
 
وخلال العامين الأخيرين، ازدحمت المدارس بمدينة تعز بسبب نزوح الطلاب من مناطق سيطرة الحوثين للدراسة في المدينة. وأكد نائب مدير عام التربية بتعز، الأستاذ بجاش المخلافي، أن عدد النازحين من الطلاب إلى مدينة تعز، يزدادون عاما بعد آخر، وخصوصاً طلاب الصفوف الأساسية (أي من هم في سن الخامسة عشرة وأقل).
 
ويضيف المخلافي لـ"يمن شباب نت"، أنه "وخلال العام الماضي فقط، تجاوز عدد الطلاب النازحين من مديريتي شرعب (السلام والرونة)، ومديرية التعزية، أكثر من ألف طالب"، مرجحا أن يكون عدد الطلاب الذين نزحوا للدراسة في المدينة قد أزداد أكثر خلال العام الدراسي الجديد.
 
ومع أنه- كما يقول- لم يتم حساب النسبة الإجمالية بعد؛ إلا أن مؤشر المترددين لطلب استمارة النقل، ورفض بعض المدارس استقبال الطلاب الجدد منذ الأسبوع الأول للتسجيل نتيجة الازدحام، يكشف لنا كثافة الطلاب المنتقلين إلى المدينة بشكل كبير.
 

"محمد".. نموذج العبث ببراءة الطفولة

يمثل الطفل محمد عبد الله احمد (14عاما)، أحد أولئك الطلاب الذين أبعدتهم أسرهم للدراسة في مدينة تعز، بعد أن انتزعته ميليشيات الحوثي الإرهابية من مدرسته وحولته إلى وحش صغير، ورمت به إلى محرقة الموت التي نجا منها بأعجوبة وعاد إلى قريته رغم إعلان ميليشيات الحوثي وفاته.
 
ينتمي "محمد" إلى قرية "الشُرَيِف" بمديرية "شرعب السلام"، شمال محافظة تعز. وكغيره من الطلاب، خضع "محمد" لدورات تثقيفية مكثفة لغسيل المخ؛ بدءا بالمدرسة، ثم مجالس الحوثيين، وانتهاء بمعسكرات التدريب.
 
وبحسب أحد أقربائه بمدينة تعز، الذي تحدث لـ"يمن شباب نت" شريطة السرية لأسباب أمنية، كان "محمد" يدرس في الصف التاسع بمدرسة الجماهير، التي كانت تعد أكبر صرح تعليمي في المديرية، قبل أن تتحول مؤخرا إلى مركز رئيسي لتجنيد الأطفال وتحشيد المقاتلين عبر ما يسمى "القطاع التربوي" التابع للميليشيات، والمسئول عن تنظيم دورات ثقافية أسبوعية ونصف شهرية في مختلف مدارس المديرية.
 
ويضيف: بدأت الميليشيات باستدراج خرجي الثانوية عن طريق التعبئة الجهادية، وتوحيد نمط الخطاب المدرسي لاستقطاب بقية أطفال المدارس؛ تارة عن طريق المراكز الصيفية وأخرى بما يسمى "الدورات الثقافة للمسيرة". وفي المرحلة التالية، يتم إضافتهم إلى جروبات ضمن برامج التواصل الاجتماعي، لتكثيف التعبئة الجهادية وطمس هدف المستقبل (وهو التعليم) من عقل كل طفل، كما حدث مع "محمد"، الذي أصبح يرى المستقبل من فوهات البندقية وخطابات زعيم مليشيات الحوثي الإرهابية ومشرفيهم في المنطقة.
 
وتابع: وجدنا "محمد" ينسحب تدريجياً من كراسي المذاكرة إلى دواوين ومقايل "متحوثيّ" المنطقة، ثم ازداد تعلقه للذهاب إلى جبهات القتال في صفوف المليشيات، حيث طور علاقاته مع مشرفي المنطقة وقيادات المليشيات في المديرية، وأبرزهم: "أبو راكان" و"أبو عمار" و"أبو صلاح" (الأول ينتحل صفة نائب مدير الأمن بالمديرية، والثاني مسئول التجنيد والتحشيد في المدارس)، وغيرهم من قيادات المليشيات ومسؤلي التجنيد.
 


وفي تلك المجالس، كما يوضح: كانوا يتدارسون الملازم الإرهابية، ويستمعون لحلقات جهادية تعزز التعبئة والنفير العام، مع تناول بعض الممنوعات التي يقال إنها تحسن النشاط الذهني..
 
ولمعرفة المزيد مما كان يدور في تلك المجالس، تحدث أحد أبناء المنطقة لمراسل "يمن شباب نت" شريطة عدم كشف هويته لأسباب أمنية أيضا، قائلا: "كان مجلس زياد مهيوب- أحد المتحوثيّن، ومسؤول التعبئة والتوجيه بالمنطقة- يمتلئ بالأطفال والشباب؛ يتناولون فيه مادة "الحوت"، وهي "شمة" هندية، إلى جانب حبوب بيضاء، يقال أنها تعمل على زيادة النشاط الذهني، يتبعها خطابات لقيادة المليشيات ودروس جهادية تعرض على الشاشة بشكل شبه يومي".
 
 ويستدرك قائلا: "كان لذلك نتائج فعّالة، وحملات تجنيد شاملة لأبناء عزل الشُرَيِف والزوحة وعقبة وبني وهبان، وما يجاورها، بمختلف فئاتهم العمرية"
 

الهروب الأول والعودة الإجبارية

هكذا، غُرر بـ"محمد"، الذي صدّق ما قيل له في الخطب الجهادية الحماسية، من أن "الشهادة الحقيقية في جبهات القتال، لا في فصول المدرسة"، يقول قريبه، مضيفا: كانوا أيضا يعدونهم بأن كل طالب ينضوي للقتال معهم سيحصل على معدل لا يقل عن 90% بحسب توجيهات زعيمهم عبد الملك الحوثي..!!. كان مطلوب منه فقط أن يستبدل مدرسته، بحضور الدورات الثقافية لدراسة ملازم الهالك حسين بدر الدين الحوثي، تمهيداً للزج به إلى جبهات القتال.
 
وفي أبريل/ نيسان الماضي، نفذ "محمد" أول هروب له من المنزل، ليتجه- مع أحد رفقائه- نحو مدينة "الصالح" بمنطقة الحوبان، شرق المحافظة، حيث التحقا بمعسكر تدريبي متقدم، خضعا فيه لدورات ثقيف جهادية مكثفة، جنبا إلى جنب مع التدريب على السلاح..
 
عندما علمت أمه بذلك، لم تجد أمامها سوى التهديد بمحاولة الانتحار بإطلاق عدة رصاصات على نفسها أمام مشرف التجنيد الحوثي. وبتلك الطريقة نجحت في إجبار المشرف الحوثي على التدخل وإعادة طفلها إليها في اليوم التالي مباشرة.
 
أنقذت الأم طفلها من موت محقق. الموت الذي كان سيطاله حتما- إن بقى هناك- كما طال رفيقه الذي عاد، بعد شهر ونصف، كجثة هامدة بلا ملامح واضحة. لقد أصبح الأن مجرد صورة معلقة عليها اسمه وكنيته، يسبقهما وصف "الشهيد"- وهي الطريقة التي يمجد فيها الحوثيون قتلاهم، لتحفيز الأحياء على اقتفاء أثرهم، وتقديم أرواحهم قربانا للسيد، بلا مقابل سوى تلك الصورة المعلقة على جدران القرية.. وهكذا تستمر المحرقة..!!
 
ولاحقا سيحصل "محمد"، أيضا، على صورته المعلقة، التي سيلتقي بها وجها لوجه في قريته أثناء عودته من الهروب الثاني..!!
 

الهروب الثاني.. والعودة بعد الموت

بعد عودة محمد، بتلك الطريقة الدراماتيكية، اضطرت أمه إلى مصادرة هاتفه، ومنعه من الخروج لأكثر من شهر، دخلت معه خلالها في صدامات شبه يومية، دفعت فيها ثمنا باهضا من صحتها، مع مرضي الضغط والسكر. لكن ذلك لم يمنع الطفل المسكون برغبة الموت، نتيجة التعبئة الخاطئة التي استقرت في مخيلته الطفولية؛ من أن يقرر مرة أخرى الانسلال خلسة من جوار أمه المريضة، ويعود إلى ساحة القتال بحثا عن ذاته بتعريض نفسه للموت..!!
 
غير أن دعوات أمه أنجته للمرة الثانية من المحرقة؛ وهذه المرة، أضطر "محمد" للعودة على إثر شهادة وفاته التي سبقته إلى القرية؛ حيث عُلِّقتْ صورته الطفولية البريئة وقد كُتب أسفلها: "الشهيد محمد عبد الله أحمد" (أبو حرب)، تاريخ الاستشهاد: 16/08/ 2021".
 
شاهد محمد بعينيه شهادة وفاته تلك، التي عمدها له المدعو "أبو عمار"- مسئول تجنيد أطفال المدارس بالمديرية- ربما لمنع أسرته من الاحتفاظ بأمل عودته، والتخلص من إزعاجهم له بالمطالبة بإرجاعه، أو ربما لأمر آخر غير معلوم..!! 
 


حينها، لم يكن أمام والده سوى اتخاذ الإجراء الاضطراري: إبعاد طفله عن هذا الجو الموبوء بالموت، وإرساله إلى مدينة تعز لمواصلة تعليمه، بعيدا عن دروب الميليشيات القاتلة.
 

"لا أعلم ماذا فعل الحوثيون بطفلي، حتى يذهب إلى الموت مشيا على الأقدام"، قال والده معلقا على حالة طفله الموبوء. أما قريبه، الذي تحدث مع "يمن شباب نت"، فيقرر أن المدارس في منطقتهم أصبحت "تشكل خطرا كبيرا يهدد حياة أطفالنا"، مضيفا: "لم نعد نأمن على أطفالنا من هذا الوباء المتفشي في مناطق سيطرة هذه المليشيات، لذلك من الأفضل إبعادهم ونقلهم إلى مدارس بعيدة عن هذه الأجواء الخطيرة عليهم وعلى أسرهم..".
 

تحذيرات وحلول عاجلة

ويعتبر أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتور ياسر الصلوي، أن "المدرسة أكثر تأثيرا على الأطفال خلال مرحلة التنشئة والانفصال التدريجي عن الأسرة، بل وقد يتجاهل الطفل الأسرة ويتأثر سلوكيا وعقلياً بالمدرسة".
 
ويؤكد الصلوي لـ"يمن شباب نت"، أن التعليم في مدارس الحوثين يمثل تفخيخا لعقول الأجيال القادمة، وسيحمل عبئها المجتمع اليمني ككل.
 


وعليه، يحذر أستاذ علم الاجتماع من أن استمرار سيطرة الحوثين على التعليم والمدارس والجامعات، وعدم حسم الصراع سياسياً، أو عسكريا، يشكل خطرا حقيقياً على الحاضر والمستقبل، ستمتد تداعياته إلى المناطق المحررة..
 
وعن الحلول العاجلة وما يجب فعله، دعا الصلوي إلى تشكيل رابطة مجتمعية لإنقاذ أطفال اليمن من التجريف وغسل عقولهم بتلك التعبئة الجهادية الخالصة التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية.
 
 
* تحرير: قسم التحقيقات

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر