"تخادم الحوثي والانتقالي".. ما وراء اقتحام "قصر المعاشيق" والتهديد بطرد الحكومة من عدن؟

[ عناصر الانتقالي أثناء اقتحام مقر الحكومة بعدن (قصر المعاشيق) الثلاثاء 16مارس 2021 (وسائل التواصل) ]

في الوقت الذي تخوض قوات الجيش معارك ضد ميلشيات الحوثي في جبهات القتال، حيث أعلنت النفير العام في محافظة تعز، وصدت أكبر هجوم حوثي بمأرب، بالتزامن مع هجوم بالطائرات المسيرة يشنه الحوثيون على الأراضي السعودية؛ بدأت ميلشيات الانتقالي- المدعومة من الإمارات- التصعيد ضد الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن).
 
وأمس الثلاثاء، اقتحم متظاهرون تابعون لميليشيا الانتقالي، القصر الرئاسي في عدن، حيث مقر الحكومة اليمنية، في خطوة تصعيدية، سبقها تنفيذ سلسلة احتجاجات، وتهديدات بالتصعيد من قبل قيادات في المجلس الانتقالي خلال الأسابيع الماضية؛ وذلك بعد أقل من ثلاثة أشهر من تشكيل الحكومة وعودتها إلى عدن، إثر اتفاق جديد امتدادا لاتفاق الرياض.
 
ويرى مراقبون أن ما يمارسه المجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات، يعد تخادماً مفضوحاً مع مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، التي تتكبد خسائر متتالية في مأرب، وتعز، وحجة، وجبهات أخرى، وهذا يعطل دور الحكومة، ويخفف الضغط على الحوثيين، ويعطيهم مجال للمزايدة على الحكومة والتحالف.
 
واعتبر المراقبون، أن ما حدث في العاصمة المؤقتة عدن، هو نتيجة حتمية لتأجيل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، الذي رعته السعودية بين الحكومة الشرعية وبين قيادة المجلس الانتقالي؛ ويمثل طعنة في خاصرة السعودية من حليفتها الإمارات، التي تسعى إلى إفشال جهود المملكة في اليمن خدمة لأجندتها.


عدم تنفيذ الشقيّن العسكري والأمني

"يمن شباب نت" رصد أراء وتعليقات مراقبين وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، حول اقتحام مقر الحكومة من قبل الانتقالي..

 وفي هذا السياق، قال الصحفي والباحث اليمني نبيل البكيري: "حينما قالوا إنهم طبقوا اتفاق الرياض، قلت يومها أنه وُلِدَ ميتا، ولا يمكن لاتفاق- في جوهره ترتيبات أمنية وعسكرية- أن يتم تطبيقه من الشق السياسي الذي كان يفترض أنه أخر مسار للاتفاق"..

وأضاف البيكري، في تغريده له: "ولكنهم بدءوا بالمسار الأخير، وأخروا أساس المشكلة، وهو الشق الأمني والعسكري، فكانت النتيجة هكذا كما ترون".
 
من جانبه، أعتبر عبد السلام محمد- رئيس مركز أبعاد للدراسات- ما يحصل في عدن من اقتحام ميلشيات الانتقالي لقصر معاشيق الذي تتواجد فيه الحكومة اليمنية "نتيجة طبيعية لاتفاقيات الفشل، ومعالجة المشاكل بالمهدئات والمسكنات". حسب وصفه..
 
وأضاف: "كان هدف اتفاق الرياض هو عودة الحكومة الى عدن، لإدارة الدولة، وتفرغ الجيش لمواجهة الحوثي شمالا، وعندما بدأت المعارك، وهزم الحوثي في ثلاث جبهات؛ جاء أمر الضاحية الجنوبية للابن المدلل بالتصعيد في الجنوب والتخفيف عن الحوثيين".
 
وخلص عبد السلام إلى القول: "ولو أن اتفاق الرياض طبق بشكل كامل ما حصلت هذه الخيانة".
 
 
استهداف إماراتي للمملكة

لا يخلو أي تحرك للانتقالي في المحافظات الجنوبية، من دور للإمارات التي تعتبر الداعم الرئيسي لهم، وتقيم قيادات عليا للانتقالي في أبو ظبي..

وعليه، يرى مراقبون أن ما حدث بعدن، يؤكد أن دولة الإمارات تريد إفشال جهود السعودية الراعية والضامنة لاتفاق الرياض، والتي تتلقى أراضيها صواريخ الحوثيين بشكل يومي.
 
حيث يرى المحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي "أن اقتحام الانتقالي مقر إقامة الحكومة بعدن جاء بأمر من داعمه الإقليمي"، في إشارة إلى الامارات.
 
وكتب العقيلي، في تغريده أخرى، قائلا: "..بمحاولة اسقاط حكومة الوحدة الوطنية، وطردها من عدن، تتكشف الحقائق؛ ويتأكد ماكنت أحذر منه طيلة سنوات عن وجود مصادر تهديد للأمن القومي السعودي (من غير الحوثيين وإيران)!"، في إشارة، هي الأخرى، يُعتقد أنه يلمز بها الإمارات.
 
 
من جانبه كتب السياسي اليمني أمين الشفق، قائلا: "قررت السعودية تحريك بعض الجبهات للتخفيف على الجيش الوطني الشرعي في مارب، بالمقابل قررت الامارات تحريك بعض الجبهات في عدن وسيئون حضرموت للتخفيف على الحوثي".
 
وتابع: "هذه هي المعادلة التي تحدث اليوم؛ الامارات تضع نفسها رأسا برأس، ووجها لوجه؛ في مواجهة السعودية وأمنها القومي".
 
وحذر هو الأخر بالقول: "مادامت الإمارات موجودة في التحالف العربي، فهناك الكثير من المشاكل الخطيرة، ستستهدف السعودية والشرعية اليمنية معا.. الان وفي المستقبل".
 

تخادم "حوثي" - "انتقالي"
 
يرى الباحث نبيل البكيري "أن التخادم الإماراتي الإيراني، يتمثل بتعاون الحوثي والانتقالي"، موضحا: "فكلما بدء انكسار الحوثي شمالا، ومن ثم انهزامه، سارع الانتقالي للفوضى جنوبا، والعكس"!!..

وأضاف: "هذا التعاون، لم يعد يخفى على أحد؛ وأن الحوثي والانتقالي أدوات إيرانية، الهدف منها إلتهام السعودية في حال فراغهم من اليمن".
 
من جانبه وصف المحلل العسكري اليمني يحيى أبوحاتم، المجلس الانتقالي على أنه "دمية"، مضيفا: "وما يقوم به، ليس إلا تنفيذا لأجندات الداعمين له"، واستدرك: "الانتقالي والحوثي وجهان لإرهاب واحد".
 
 وسبق أن صرح رئيس المجلس الانتقالي والمدعوم من الإمارات، عيدروس الزبيدي، في حوار مع صحيفة الجارديان البريطانية، قائلا إن سيطرة الحوثيين على مارب، سيدفع باتجاه حوار بين الإنتقالي والحوثيين، باعتبارهما وحدهما يتقاسمان السيطرة على الأرض.
 
وفي هذا السياق قال الصحفي اليمني علي الفقية: "عندما فشلت محاولات تقدم مليشيا الحوثي في مارب، وتقدم الجيش في جبهات تعز، حرك الانتقالي أتباعه في مظاهرات ضد الحكومة الشرعية".
 
وأضاف: "يعتقد قادة الانتقالي، ومن ورائهم الإمارات، أنه يجب ألا تقوم للشرعية قائمة، وأن بقاء سيطرة الحوثيين على الشمال هي سبيلهم الوحيد لتمرير مشروع تمزيق اليمن".
 
أما الصحفي والحقوقي اليمني همدان العليي، فيرى بأن ما قام به الانتقالي بعدن يوم أمس "يندرج ضمن "إضعاف العاصمة السياسية المؤقتة عدن"، لافتا إلى أن ذلك "سيخدم الحوثيين مجددا، كما حدث خلال السنوات الماضية".
 
وتابع: "فشل الحوثيون في اغتيال الحكومة اليمنية، عبر قصف مطار عدن بالصواريخ، وها هي الأدوات التي تعمل لصالح الحوثيين في عدن، تستخدم وسائل أخرى لصناعة الفوضى من جديد".

وسبق اجتياح قصر "معاشيق" بعدن، يوم أمس الثلاثاء، مظاهرات شعبية متواصلة، شهدتها العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات جنوبية أخرى، خلال الأيام الماضية، احتجاجا على تردي الخدمات الأساسية، والأوضاع المعيشية..

وفي حين، كان مراقبون وناشطون قد حذروا من استغلال المجلس الإنتقالي- المسيطر حاليا على عدن وعدد من المحافظات الجنوبية- تلك التظاهرات، للإنقلاب على الحكومة، التي يشارك فيها بخمس وزارات، بهدف التنصل عن تنفيذ بقية الشقيّن العسكري والأمني من أتفاق الرياض..؛ فقد أتهم أخرون الأنتقالي بالتورط فعلا بالوقوف وراء تلك المظاهرات، وتوجيهها لمصلحة تحقيق أهدافه..

يذكر أن المتحدث الرسمي باسم المجلس، علي عبدالله الكثيري، كان هدد الحكومة- في بيان الثلاثاء قبل الماضي- بالقول: "ننتظر من الحكومة موقفا واضحاً من ذلك كله، مالم فإننا في المجلس الإنتقالي الجنوبي لن نكون إلا مع شعبنا وخياراته المفتوحة".
   

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر