بالصواريخ والطائرات المُسيّرة.. ما وراء التصعيد الحوثي تجاه السعودية؟ (تقرير خاص)

[ حطام صاروخ باليستي سقط على مبزل في العاصمة السعودية الرياض ]

بالصواريخ الباليستية، والطائرات المُسيّرة، صعّدت مليشيا الحوثي هجماتها العسكرية على الأراضي السعودية، بالتزامن مع تصعيدها ضد مدينة مأرب، والتي قصفت الأحياء السكنية فيها بعدة صواريخ وطائرات مسيرة ايضَا.

الجمعة الماضية؛ وفي غضون ست ساعات فقط، أعلن التحالف تدمير ست طائرة أطلقتها مليشيا الحوثي تجاه الأعيان المدنية في المملكة، اضافة الى صاروخ باليستي، تزامنًا مع هجمات مماثلة شنتها مليشيا الحوثي على مدينة مأرب الآهلة بالسكان.

منذ مطلع فبراير المنصرم، صعّدت مليشيا الحوثي هجماتها على الأراضي السعودية، ومحافظة مأرب كذلك. وشنت هجومًا عنيفًا على المحافظة التي تحتضن 2 مليون نازح، ولا تزال تشهد مواجهات وصفها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيت، في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن بأنها الأعنف منذ تعيينه منتصف فبراير 2018، فيما اعتبرها "مارك لوكوك"، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، بأنها الأشد منذ ست سنوات. 

وجاء هذا التصعيد الحوثي، ردًا على قرار الإدارة الأمريكية، والتي أعلنت تراجعها عن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، والذي كان قد اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في أخر فترته الرئاسية، وهو القرار الذي وصفه القيادي في حزب الإصلاح علي الجرادي، بـ"السلاح المهم"، الذي كان من الممكن أن يقود الحوثي إلى طاولة المفاوضات.


استغلال إيراني

وفي هذا الصدد، أكد الباحث اليمني، عبد السلام محمد رئيس مركز أبعاد للدراسات، أن "الحوثي وإيران يستغلون الضغط الذي تمارسه الإدارة الأمريكية على السعودية، لتحقيق أي تقدمات مهمة على الأرض اليمنية". 

وقال عبد السلام محمد في تصريح لقناة "يمن شباب"، إن إيران "تبدو وكأنها مطمأنة من سياسة بايدن خلال السنة الأولى على الأقل؛ لأنه يريد أن ينفذ بعض وعوده الإنتخابية، وبالتالي أول وعد هو ايقاف بيع السلاح للسعودية". 

وأضاف: "أيضا ما يتعلق بمقتل خاشقجي، حيث وعد بايدن بإعلان نتائج التحقيقات، وبالفعل أعلنوها، والذي ورد فيه اتهام واضح للقيادة السعودية". مشيرا إلى أن "هذا كله؛ تستغله إيران للتصعيد، كونها تريد أن تحصل على أكبر مكاسب على الأرض في اليمن". 

وأوضح أن هذا الاستغلال الإيراني للأحداث في اليمن "يأتي استباقًا لأي مفاوضات قد تجريها إدارة بايدن مع إيران بضغوط أمريكية، فتريد إيران أن تأتي هذه المفاوضات والحدود بين اليمن والسعودية قد أصبحت أشبه بدويلة كاملة لها". 

وجدد رئيس مركز أبعاد تأكيده بالقول: إن إيران من خلال محاولة سيطرتها على الحدود اليمنية السعودية، "تسعى لتفعيل وتنفيذ خطتها الإستراتيجية خلال الفترة القادمة، عبر فكفكة المملكة العربية السعودية؛ من خلال إعمال وإحداث فوضى داخلية، وتحديدًا في المناطق الجنوبية". 


السعودية أولًا

وأكد عبد السلام محمد، "أن إيران لا تهتم باليمن كدولة يمنية؛ وإنما تعتبر اليمن كنز مقاتلين، وتريد أن تستفيد منهم لتحقيق هدفها الأكبر؛ كون عينها على الأراضي المقدسة، من أجل السيطرة والنفوذ على منطقة الشرق الأوسط". 

وأشار إلى أن هذه المحاولات الإيرانية تأتي "لإنهاء أي كتلة سنية في المنطقة العربية، بالتوازي مع اتجاهها نحو السيطرة على أماكن النفط، هي تعرف المنطقة الشرقية والفوضى الحاصلة هناك، أيضا في البحرين، وفي بعض المناطق الشيعية كالقطيف السعودية". مؤكدا أن "إيران تدعم الفوضى فيها؛ باعتبار أنها تتجه اتجاه سيطرة، إذا سمحت لها الظروف تقوم بالسيطرة على السعودية ككل".

وأكد ان السعودية هي "الهدف الأساس والرئيسي لتصعيد إيران في اليمن، والسعي لتحقيق حلمها في تشكيل الدولة الشيعية في المنطقة، وليس كما يسميه البعض بالهلال الشيعي؛ بل حلقة مكتملة شمالا وجنوبًا. ولذا تريد السيطرة على الأماكن المقدسة لكي تكون ذات رمزية بالغة الأهمية لها". حسب وصفه.

 


ضوء أخضر

من جهته، قال المحلل السياسي السعودي والمهتم بالشأن اليمني، سليمان عسكر، إن التصعيد الحوثي على الأراضي السعودية، بالتزامن مع هجوم مماثل على مأرب "ليس جديد، أو وليد اليوم".. مؤكدًا أن هذا "التحرك الحوثي الأخير جاء بضوء أخضر، ودعم مباشر من المجتمع الدولي، والذي تجاهل أو تخاذل ما يحدث في اليمن من ست سنوات".

وأكد سليمان عسكر في تصريح لقناة "يمن شباب"، أن "الإدارة الأمريكية الجديدة ساهمت في زيادة النفوذ الحوثي، ولذا قاموا باستهداف أعيان مدنية داخل المملكة العربية السعودية، ولعل الجميع شاهد في جميع وسائل الإعلام وما نشرته الوكالة السعودية الرسمية من استهداف الحوثي للمواقع المدنية". 

وتساءل عسكر: "ما هي المواقع العسكرية التي حددها الحوثيون قبل ثلاث سنوات عندما قالوا لدينا 300 هدف مستهدف في المملكة؟ مؤكدًا أن "ما استهدفه الحوثي هي المطارات والمستشفيات والمدارس والمناطق الأهلة بالسكان، وهي ذاتها الاستهدافات الحوثية  في مأرب ضد السكان المدنيين بالدرجة الأولى، والثانية للنازحين الذين فروا من مناطق الحرب في مناطق سيطرة الحوثيين اليها، ولم يكتف الحوثيين بالاستهدافات الجوية؛ بل زرعوا الألغام في المناطق التي تؤدي الى مخيمات النازحين".

واستغرب المحلل السعودي سليمان عسكر صمت المجتمع الدولي إزاء الممارسات الحوثية الإرهابية. مستبعدًا وجود شيء اسمه منظمات دولية. مشيرا إلى أن "هذه المنظمات الدولية عبارة عن خًدع للعالم؛ من أجل بعثرة المجتمع الدولي، وتمهيد لهذه العصابات الإرهابية لتتوغل في مناطق والإسهام في زيادة نفوذها بكل صراحة"


تحدٍ للمجتمع الدولي

وأوضح عسكر، أن "الأمر لم يعد بيد المجتمع الدولي، ولا مجلس الأمن بعد ست سنوات من مطالبة اليمنيين والمنظمات الدولية أن تنظر إلى وضعهم، وأن تتدخل، ولكنها لم تفعل شيئًا، بل قامت بدعم الحوثي". 

وأكد أن الحوثي "حين يُصعّد ويستهدف الأراضي السعودية أو اليمنية، هو يُصعّد ليس لأجل السيطرة؛ وإنما بهدف التحدي للمجتمع الدولي؛ لأنه لا يوجد أي قوانين دولية تردعه عن ذلك". مشيرًا إلى أن "الأحداث في اليمن أثبتت أن كل ما كنا نسمع عنه في المراحل السابقة من قوانين حقوق الانسان وغيرها كشفت الأحداث أن هذه ليس لها وجود إطلاقا". 

واستغرب من إصدار المجتمع الدولي لقرارات ولا يتم تنفيذها أو متابعة تنفيذها، وخاطب المجتمع الدولي قائلا: من أنت حتى تصدر هذا القرار ولا تستطيع تنفيذه؟ مشيرًا إلى "القرار 2216 والذي نصّ على منع استيراد السلاح إلى اليمن، في الوقت الذي لا تزال إيران تقوم بإدخال الأسلحة الى الحوثيين الى اليوم". 

وأكد أن "المجتمع الدولي اذا أراد شيء أن ينفذه فأنه سيفعل، مستشهدًا "بالقرار الذي اتخذه مجلس الأمن ضد صدام حسين والذي نُفذ بعد ست ساعات، بينما في اليمن ست سنوات ولم ينفذ أي قرار، وهناك قرارات أممية وليس قرار واحد". 

واعتبر الكاتب السعودي سليمان عسكر ذلك بأنه تناقض يمارس المجتمع الدولي". واصفًا إياه  بـ"الأمر الخطير"؛ لأنه يؤكد أن المجتمعات العربية بما فيها اليمن وغيرها مستهدفة؛ ولذا بدأوا باليمن كعمق للعروبة والاسلام وكل شيء". 


مقايضة سعودية

من جهته، أوضح الكاتب والباحث اليمني عبد الناصر المودع، التصعيد الحوثي تجاه السعودية، أن "الحوثيين يهدفون من خلال الضغط على السعودية عبر الطائرات المُسيّرة والمفخخة للدخول في مقايضة مع السعودية، بأن تتوقف هي عن ضربهم بالطائرات في مأرب، مقابل أن يتوقفوا هم عن ضرب السعودية واستهدافها". 

وأكد المودع في تصريح لقناة "يمن شباب"، أن المقايضة "هي الهدف الأساسي للحوثي؛ باعتبار أن الطيران له دور فاعل في المعارك خصوصًا في المناطق المفتوحة، وتمنع الحوثي من تنظيم هجمات كبيرة، أو يعمل حركات التفافية؛ لهذا تحييد طائرات التحالف بالنسبة للحوثي هو الهدف من خلال الضغط على السعودية عبر استهدافها بالطائرات المسيرة والمفخخة".
 
واستبعد المودع قبول السعودية بالتفريط في مأرب، كونها تدرك أن سيطرة الحوثي على مأرب هو انتصار لإيران، وبالتالي ستخسر كل الأوراق الرابحة التي تملكها، ويصبح الحوثي مفروض عليها، والعالم الخارجي سيعترف بهذا الأمر الواقع؛ ليس لأنه متواطئ مع الحوثي؛ ولكن بحكم الواقع، وسيقول للسعودية أنتم من فرط في مأرب، وأنتم السبب في سيطرة الحوثي على مأرب". 


نتائج عكسية

كما استبعد الكاتب والباحث عبد الناصر المودع، قبول السعودية بهذه المقايضة الحوثية، خصوصًا وأن الطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية، حتى الأن لا تُشكّل للسعودية أي خطر أو ازعاج حقيقي؛ ولهذا لن تقبل بهذه المقايضة". حسب قوله. 

ورأى "أن الضغوط الأمريكية على الرياض تكون قليلة كلما استمر الحوثي في استهدافها عسكريًا، خصوصًا إذا ما أصابت ضحايا مدنيين، وبالأخص اذا قتلوا مواطنين أمريكيين في هذه الحالة الحوثي يقامر ومن ورائه إيران من خلال هذه العمليات؛ لأنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وقد تتحول إلى دعم أمريكي حقيقي للسعودية لهزيمة مليشيا الحوثي وضربه". 

وأشار المودع في ختام حديثه إلى "ما قام به الرئيس الأمريكي جون بايدن مؤخرًا من ضرب لجماعات مسلحة في سوريا موالية لإيران، وهذه كما أسماها رسالة أمريكية بأنهم ليسوا ضعفاء". حسب وصفه.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر