"ميدل ايست آي": اتفاق السلام في اليمن ليس إلا هدنة هشة بين السعودية والإمارات (ترجمة خاصة)

اعتبر تقرير بريطاني إن الاتفاق بوساطة سعودية لدمج حكومة الرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي في نظام واحد، بعث آمال السلام في البلاد التي مزقتها الحرب، لكنه يمثل فرصة للقوى الخارجية لتوسيع نفوذها.
 
وقال التقرير نشره موقع «Middle East Eye» -وترجمة "يمن شباب نت"- إن هذه "الصفقة" تمثل بالفعل فرصة للقوى الخارجية لتعزيز نفوذها في البلاد، بالنظر إلى أن الفصيلين اليمنيين قد تلقيا دعمًا متبايناً سعودياً وإماراتياً.
 
وأثار انقلاب الانتقالي الجنوبي في عدن في أغسطس، واستيلاءه على العاصمة الجنوبية المؤقتة من سيطرة الحكومة، بالإضافة لسيطرة القوات المتحالفة معه على مواقع القوات الحكومية في المحافظات الجنوبية الأخرى، ما يعتقد أنه حلقة جديدة في حرب اليمن.  حيث تقدمت ميليشيات الانتقالي تدريجياً عبر الجنوب وسط دعم إماراتي واسع النطاق.
 

تحالف استراتيجي
 
مع ذلك، فقد عقدت الرياض وأبو ظبي العزم على الحفاظ على تحالفهما الاستراتيجي الإقليمي، وعملت من أجل توحيد الفصائل المتنافسة. ومجدداً سحبت الإمارات بعض القوات بعد وصول القوات السعودية إلى عدن في وقت سابق من هذا الشهر لاستعادة المدينة.
 
على الرغم من أن ذلك قد خفف الانقسامات السعودية - الإماراتية حول اليمن، مع سعي الرياض وراء طموحاتها الجيوسياسية عبر استعادة اليد العليا مؤقتاً. لقد أعادت تمكين ممثلها السياسي المفضل هادي، مع تأمين العلاقات مع الانتقالي الجنوبي الذي أصبح بارزاً بشكل متزايد، وحضر محادثات السلام في الرياض.

[إقرأ أيضاً.. موقع بريطاني: رغم اتفاق الرياض.. من يحكم عدن لم يتغير وخصوم الانتقالي لا يجرؤون على الكلام]

في هذه الأثناء، لابد وأن تعمل أبو ظبي على مواجهة وجود هادي، الذي حاولت تقويضه بطموحاتها الانفصالية.
 
لكن اتفاق الوحدة الأخير يتجاهل الوضع الأمني والاستقرار في اليمن، فبدلاً من السعي لتحسين الاستقرار في اليمن، تدعم المملكة العربية السعودية هادي -المقيم في الرياض- لأنه يمنح المملكة الشرعية للتدخل في سياسة البلاد.
 
وكانت هذه هي استراتيجية الرياض طويلة الأجل في اليمن، وليس الهدف الرسمي المتمثل بمحاربة الحوثيين.
 
اتبعت المملكة العربية السعودية استراتيجية "القوة الناعمة"، وهي تسييس المساعدات والاستثمار لإعادة تأسيس نفوذها التقليدي على جارتها الجنوبية وجعلها تعتمد على سيطرة الرياض. وكانت الأداة الرئيسية لهذا البرنامج هو البرنامج السعودي للتنمية وإعادة الإعمار في اليمن، والذي يمضي بتنفيذ عشرات من مشاريع "التطوير" في المناطق الخاضعة لسيطرة هادي.

ومع ذلك، فإن هذه التدابير هي أداة لتعزيز الروابط بين الرياض واليمن. حيث تعمدت المملكة العربية السعودية استهداف البنية الأساسية اليمنية ومصادر الغذاء والمراكز الزراعية والأسواق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لإضعاف أهمية الفصيل.  وهذا يدل على أنها لا تعطي الأولوية لدولة يمنية قوية، ولكنها تدعم يمناً ضعيفاً يمكنها السيطرة عليه بسهولة.

على الرغم من أن هادي هو الرئيس المعترف به من قبل الأمم المتحدة، إلا أنه بات يعتبر غير شرعي على نحو متزايد في جميع أنحاء المجتمع اليمني، خاصةً وأنه غاب في الرياض لأكثر من أربع سنوات.  وبالتالي لم يتمكن من توفير الأمن والخدمات الكافية لليمن.  ما تزال المملكة العربية السعودية تحاول دعمه في البلاد، مؤيدة عودته إلى جلسة برلمانية في سيئون في أبريل.

انقلاب الانتقالي الجنوبي كان قد هدد في البداية بمثل هذا التأثير، خاصة وأنه مدعوم أساسًا من الإمارات.  لو لم يتم التوصل إلى اتفاق، لكان الانتقالي قد سيطر على جزء كبير من الجنوب.
 
وتسعى المملكة العربية السعودية الآن إلى استرضاء الانتقالي الجنوبي، بهدف إعادة توحيد الحكومة والانفصاليين ضد خصم الرياض الأساسي في اليمن وهو الحوثيين.  ومع ذلك، فإن هذا يخاطر بإحداث ردة فعل عنيفة آخري في بلد دمر بالفعل. إذ يتجاهل الاتفاق حالة الأمن والاستقرار الخطيرة في اليمن.
 
ومع توسع الحوثيين في سبتمبر 2014 والاستيلاء على العاصمة صنعاء والادعاء جزئيًا بمعارضة الفساد والتدخل الخارجي في اليمن، فإن هذا الاتفاق -الذي ليسوا طرفًا فيه- يمكن أن يثير مزيدًا من العداء من قبل الجماعة، لا سيما وأن الرياض هي من توسط فيه.
 
[للمزيد إقرأ أيضاً.. خبير دولي بارز: تنفيذ "اتفاق الرياض" المليء بالتعقيدات اختبار مهم للسعودية]

على الرغم من أن الحوثيين قد أيدوا وقف إطلاق النار في سبتمبر/ أيلول، إلا أن هذا الاتفاق قد يشعل صراعاً آخر، في حين يسعى ظاهريًا إلى وقف العنف بين الحكومة والانفصاليين.
 
وفي الوقت نفسه، لم يتخلى الانتقالي الجنوبي عن دعواته لاستقلال الجنوب، معتبراً الاتفاق فرصة لتأمين قدر أكبر من الحكم الذاتي في الجنوب، خاصة وأن بنوده غامضة، الأمر الذي ستضطر المملكة العربية السعودية لمواجهته.  إذ أنه من المرجح أن تعارض الرياض رغبة الانتقالي الجنوبي في الحصول على مزيد من الاستقلال الجنوبي، نظراً لأن من شأن ذلك دعم الحوثيين في الشمال.

رد الفعل الانفصالي

إن عدم الاهتمام برغبات الانتقالي الجنوبي وفرض رؤية هادي للبلاد يمكن أن يؤدي إلى ردة فعل انفصالية أخرى، بحيث تستمر التوترات بين الجانبين.  وبالتالي فإن الاتفاق ليس سوى حل مؤقت، حيث تسعى الرياض بشكل يائس إلى تجنب فقدان نفوذها في اليمن.
 
تلعب السعودية لعبة خطرة.  حيث نجا وزراء الداخلية والنقل في اليمن من محاولة اغتيال بعد ساعات من الانتهاء من اتفاق السلام.  وفي حين لم يعلن أحد مسؤوليته، فإنه يبدوا أنه لا تزال هناك معارضة لحكومة هادي المدعومة من السعودية.
 
وبالتالي، في حين أن المملكة العربية السعودية عادت مؤقتًا إلى قيادة زمام الأمور، فإنها ستظل تواجه عقبات أمام أهدافها السياسية في البلاد، بما في ذلك مصالح دولة الإمارات العربية المتحدة.

[إقرأ أيضاً: اتفاق الرياض.. هل ينهي التمرد جنوبي اليمن؟.. (تحليل)]

وفي حين أن اتفاق السلام وتمكين هادي يعيقان طموحات أبو ظبي، إلا أنه لا يزال بإمكانها استخدام المجلس الانتقالي للدفع نحو مزيد من الحكم الذاتي في الجنوب، بعد "الانسحاب" من اليمن مع مواصلة تدخلاتها في وقت لاحق، ولا يزال بإمكان الإمارات السعي لفرض إرادتها على الجنوب والسيطرة على موانئه الاستراتيجية.
 
في الوقت الحالي، تعمل ابوظبي مرة أخرى بشكل أكثر واقعية للحفاظ على صورتها كـ "صانع السلام" وعلى تحالفها مع المملكة العربية السعودية. إلا أنه وحتى مع استمرار ذلك لحد الآن مستمرا، ستظل هناك خلافات بين هاتين القوتين.
 
ويتعين على الجهات الدولية الفاعلة الحد من تورط هاتين القوتين وذلك من أجل بناء سلام واستقرار حقيقيين في اليمن. إذ لا تزال الأزمة الإنسانية الهائلة في اليمن قضية أكثر إلحاحا، فالمدنيون هم الضحايا الحقيقيون لمثل هذه الصراعات على السلطة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر