عام دراسي جديد بصنعاء.. الحوثيون يتربصون لتفخيخ عقول الأطفال بعد حرمانهم من المعيشة (تقرير خاص)

[ طالبات يحملن دفاتر المدرسة بعلاقيات بلاستيكية في العاصمة صنعاء (يمن شباب نت) ]

"غيث محمد" (5سنوات) بدأ عامة الدراسي فرحاً بحقيبته وأدواته الجديدة، لكنه عاد إلى المنزل محبط بسبب الواقع الذي شاهدته في مدرسته التي بدت عكس ما كان يتوقع، وقال "جلست على الأرض ولم أجد كرسي ولم يستقروا على معلم منذ بدء الدراسة" بحسب ما ذكر والده.
 
وبعد مرور بضعة أيام على انطلاق العام الدراسي الجديد في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية، تبدو المدارس الحكومية خاوية من الطلاب وشعارات الحوثيين تملأ جدرانها، ولا يوجد أي تجهيزات تعليمية، وبالعكس هناك تعديل طائفي للمناهج التعليمية.
 
وللعام الخامس على التوالي يشهد التعليم في مناطق سيطرة الحوثيين تدهور هو الأسوأ في تأريخ اليمن الحديث، فمنذ انقطاع رواتب المعلمين في أغسطس من العام 2016، وصولاً إلى استخدام المليشيات للمدارس لنشر أفكارها الطائفية بين أوساط الطلاب، عملت الميلشيات على دفن التعليم وتفخيخ مستقبل الأجيال القادمة.
 

مخاوف الأسر

"محمد" يخشى على مستقبل طفلة "غيث" بسبب تشاؤمه من التعليم في ظل حالة التدهور غير المسبوقة في المدارس الحكومية، وفي ظل العمل الممنهج من قبل الحوثيين لاستقطاب الطلاب إلى صفوهم سواء من خلال تعديل المناهج، او التوعية التي يقومون بها من قبل مدرسين تابعين لهم.
 
وقال في حديث لـ "يمن شباب نت" التعليم شبة منهار في العاصمة صنعاء، ما عدا بعض المدارس الأهلية التي هي باهظة التكلفة علينا في ظل حالة الحرب وسوء المعيشية في البلاد، لم نعد قادرين على تلبية احتياجاتنا المعيشية، ناهيك عن دفع رسوم للمدارس الأهلية.
 
وعمدت ميلشيات الحوثي على غرس الأفكار الطائفية في المدارس الحكومة ومحاولة التشويش على عقولهم من خلال تكثيف الأنشطة والفعاليات الطائفية وفرض شعارات الجماعة الحوثية، بالإضافة إلى تحريف المناهج الدراسية وإضافة بعض الدروس التي من شأنها تفخيخ عقول الطلاب وتفيئت النسيج الاجتماعي وذلك يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الطلاب.
 
ويقول "محمد عبد العليم" لا خيار أمامنا سوى أننا نقدم دروس إضافية لأبنائنا في المنازل ومعرفة ما يتعلمونه في المدارس بشكل يومي، من أجل حمايتهم وتحصينهم من الطائفية وثقافة الحرب والعنف التي يحاول الحوثيين ترسيخها في عقول الأطفال".
 

تغيير المناهج
 
ثمة تغييرات أدخلها الحوثيون في المناهج الدراسية، وتحديداً في كتب التاريخ والتربية الإسلامية واللغة العربية وتم حذف أجزاء من تاريخ الحضارات اليمنية القديمة وتم استبدالها بخرافات آل البيت وبطولاتهم وتمجيد رموز الجماعة الحوثية، والتحريض عن العنف والموت.
 
وكشفت مصادر تربوية بصنعاء إن مليشيات الحوثي الانقلابية أجرت تغييرات واسعة في المناهج الدراسية الخاصة بطلاب المرحلتين التمهيدية والأساسية، حيث شكلت لجان لتغيير لمادة القرآن الكريم الخاص بالصف الثاني الابتدائي، مضمنة إياها تفسيرات لعدد من السور تستند إلى ملازم مؤسس الجماعة الصريع حسين بدر الدين الحوثي.
 
وقالت المصادر "أن التغييرات التي أجرتها الميليشيات تضمنت دروساً تحرض على القتل والعنف والكراهية والفتنة، وتحث على ثقافة الموت، وتضم صورة لزعيمهم المقتول بدر الدين الحوثي، مليئة بالتحريض والمشبعة بالعنف والكراهية وتمجيد آل البيت والحسن والحسين".
 
وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صورا للمناهج التي بدا عليها، تغيراً واضحاً من خلال ادخال أفكار حقنها طائفية، الأمر الذي سيخلق جيلاً عدائياً يحكمه الفكر الطائفي، وتسعى الميليشيات من وراء تغيير المناهج الدراسية، لتفخيخ عقول الطلاب، وشحنهم طائفياً، والزج بهم في جبهات القتال.
 
 
معلمون بلا رواتب
 
للعام الثالث على التوالي يعيش المعلمون في العاصمة صنعاء، ومناطق سيطرة المليشيات بلا رواتب، وهو ما انعكس سلباً على العملية التعليمة وألقى بظلاله على الطلاب وتحصليهم العلمي، وغالبية أولئك المعلمون أصبحوا يعملون في مهن أخرى لتوفير احتياجات اسرهم.
 
وعلى الرغم من محاولة جماعة الحوثي الانقلابية إجبار المعلمين والمعلمات إلى أداء الدروس بشكلٍ إجباري وبدون مقابل إلا الظروف المعيشية القاسية أجبرت غالبية المعلمين على ترك المدارس والذهاب إلى أسواق العمل بحثاً عن لقمة العيش وذلك نتيجة انقطاع رواتبهم منذ ثلاثة أعوام.
 
"مختار حمود" معلم منذ 13 عام في العاصمة صنعاء يقول "من الصعب العودة للتدريس في ظل عدم وجود رواتب، ولا حتى قيمة مواصلات، في الأخير نحن علينا مسؤوليات وأسر بحاجة إلى أكل وشرب ومصروف وأشياء كثيرة، ولا يمكن أن نعلم مجاناً لأننا لا نعبش للأسف مجاناً".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" رغم التهديدات من قبل الحوثيين بفصلنا من الوظائف الحكومية، لكن هذه التهديدات في الحقيقة مثيرة للسخرية، المدرس عندما يخسر راتبة ومعيشته ما الذي سيتغير اذا تم فصلة من قبل سلطات انقلابية غير قانونية بالتأكيد لن يتغير شيئ.
 
 
أطفال حرموا من كل شيئ
 
رغم حالة التعليم المتدهور لكن الحالة المعيشية انعكست على ملامح "الأطفال" التي بدت حزينة وخيبة أمل تجتاح قلوبهم في ظل عجز أسرهم عن توفير لهم المستلزمات المدرسية للعام الدراسي في ظل القتامة والبؤس التي يعيشها المواطنون بصنعاء.

الطفلة "أمل" - بائعة المجلجل بمنطقة دارس بشارع المطار بصنعاء- من بين الأطفال الذين يبحثون عن مستلزمات مدرسية تتوزع ما بين الدفاتر والأقلام والألوان والأدوات التي تحتاج اليها أثناء دراسته، ورغم انها لن تتلقى تعليم جيد لكن تفاصيل الاستعدادات للمدرسة مازالت تثير حزنها في ظل حالة الفقر.
 
وبسبب الظروف المعيشية القاسية اضطرت عدم شراء أي مستلزمات للدراسة سوى الدفاتر والاقلام، على الرغم من أنها كانت تفضل شراء مستلزمات مدرسية ذات الألوان الزاهية والأنفية مثل بقية زميلاتها في المدرسة. "أمل" وغيرها من الأطفال محرومون  من التعليم ومن حتى الاحتفاء بشراء مستلزمات مدرسية جديدة تبهج طفولتهم في زمن الحرب.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر