تقرير أمريكي يكشف: حالات الانتحار في اليمن تؤكد عمق الأزمات الصحية والنفسية الناجمة عن الحرب  (ترجمة خاصة)

قال تقرير نشرة موقع «Fox News» الأمريكي "بعد أكثر من أربع سنوات من القتال، تحطمت الكثير من أحلام وسبل عيش أولئك المحاصرين في العاصمة اليمنية صنعاء، الذين يأملون في أن ينتهي سفك الدماء في أقرب وقت".

"ناصر" البالغ من العمر 58 عاماً ويقطن صنعاء، والذي عمل كمنسق لوجستي سابق لشركة أدوية بالخارج، اضطر إلى التوقف عن العمل في اليمن، حيث يقول "كلنا مكتئبون، الجميع فقراء، والجميع فقدوا وظائفهم". 
 
وقال لفوكس نيوز "كانت الحياة تسير على ما يرام حتى اندلعت الحرب، والآن تم تعليق كل شيء.  وأسوأ شيء هو أن الناس قد فقدوا أملهم في الوقت الراهن".
 
غير أنه، وإلى جانب الدمار المادي الذي يتكبده مدنيو اليمن - فقد قُتل أكثر من 100000 شخص في حين يحتاج 80 في المائة من السكان البالغ عددهم 29 مليونًا إلى المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء البلاد - كما أن الخسائر النفسية الناجمة عن النزاع تدمر عائلات بأكملها.
 
وفقًا لما قاله ناصر، فقد دُمر مجتمعهم بسبب الأنباء التي انتشرت الشهر الماضي، حول قيام أب بقتل بناته الثلاث - اللاتي تراوحت أعمارهن بين 7 و10 و14 سنة - قبل أن يصوب سلاحـه على نفسه وينتحر.
 
وعن ذلك الاب المنتحر، تحدث قائلا " الناس مصابون بصدمات نفسية. واعتقد أنه وجد نفسه وحيداً. حيث يعتقد الكثير من الآباء أنهم مسؤولون عن هذا الوضع السيئ وعدم تمكنهم من رعاية أسرهم".
 
وتابع "لا يريد الناس الانضمام إلى جماعات العنف، لكنهم يشعرون أنه لا توجد خيارات أخرى أمامهـم.  وصار الناس يعتقدون الآن أن كافة أطراف الحرب لا تهتم لحالهم؛ وبأن لا شيء سيتغير"
 
هذه ليست الحادثة الوحيدة المروعـة.  إذ كشف ناصر أيضًا أنه قبل حوالي عام، أقدم رجل على الانتحار بالإضافة إلى أبنائه الثلاثة الصغار.  ويشك البعض في أن حالة من الشعور باليأس، ممزوجة مع الخوف من أن السبيل الوحيد للشباب هو القتال - هي من تقود لبعض العواقب التي تنذر بالمخاطر.
 
في عام 2017، قيل إن امرأة تبلغ من العمر 40 عامًا، في محافظة إب اليمنية (وسط البلاد) انتحرت عن طريق ابتلاع مادة مطهرة سامة - بعد أن سممت ابنتيها البالغتيـن 9 و12 عامًا - وذلك فقًا لصحيفة للعربي الجديد.
 
وعلى الرغم من كون بلدهم الأفقر في الشرق الأوسط حتى قبل اندلاع الحرب، يسعى شباب اليمن إلى التسجيل في الجامعات أو تأسيس أعمال تجارية، حتى أن فكرة حمل السلاح مجدداً كانت في بعض الأحيان مهنة مستبعدة كثيراً.
 
ويعرب المواطن ناصر عن دهشته من أن الثقة التي كانت قائمة في الماضي بين الجيران والأصدقاء وأفراد الأسرة "قد اضمحلت"
 
وقال "لقد فقدنا صلات الناس مع بعضهم البعض، كما ضاعت الثقة ايضاً"، وتابع " لم تعد الناس ترغب بمغادرة منازلهم بعد الآن"
 
وشهد الصيف الحالي في صنعاء موجة من العنف بين الجماعات القبلية المتحالفة مع الحوثيين.  وبعد الإعلان المفاجئ في وقت سابق من هذا الشهر من الإمارات العربية المتحدة - الحليف الوثيق في التحالف الذي تقوده السعودية - عن سحب قواتها البرية من اليمن، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية أيضًا، مطلع الأسبوع، عن إطلاق عملية جديدة لتعطيل مواقع الدفاع الجوي ومستودعات الصواريخ الباليستية في العاصمة اليمنية.
 
ووفقًا لأحد سكان صنعاء، وهو حسين البق، فإن الوضع داخل المدينة "يزداد سوءًا كل يوم" مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبضائع، وبات يتعين على المزيد والمزيد من اليمنيين النوم في الشوارع المتسخة، حيث لا خيار أمام البعض سوى "العثور فقط على دخل من خلال التسول".
 
 وقال "لم أكن أرى في السابق الكثير من اليمنيين يتسولون المال لقد أصبحت صنعاء مزدحمة حقاً". وأضاف "لا توجد مياه ولا كهرباء حكومية.  يجب أن نشتري من المؤسسات الخاصة والأسعار مرتفعة للغاية".
 
وأشار إلى "أنه على الرغم من أن بعض المدارس لاتزال مفتوحة، إلا أنها لا تعطي ما كان معتاداً منها في السابق مع انقطاع رواتب المعلمين منذ شهور".
 
وأضاف "المستشفيات مفتوحة، لكن لا يوجد شيء فيها. كما أن الحصار يمنع الأدوية من الوصول إلينا " وذلك في إشارة إلى الحملة البحرية والبرية والجوية التي أشعلها التحالف.
 
وتابع "وعندما يحدث ذلك، فإن الأمر مكلف للغاية بحيث يستحيل على الفقراء نقلهم إلى مستشفى عام".
 
 "ناصر" الذي لديه ولدان في الخامسة والثامنة من العمر، لا يستطيع سوى أن يرسل ابنه الأكبر إلى المدرسة، وحتى جودة التعليم رديئة وغالبيتها يركز على "الدروس الدينية والتلقين".
 
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حكمت محكمة جنائية متخصصة يديرها الحوثيين، على 30 من ضحايا المعارضة السياسية - أكاديميين وشخصيات سياسية معروفة - بالإعدام، فيما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "عملية قانونية معيبة وتهم ملفقة".
 
واتهمت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية (الحوثية) الخاصة بملاحقة واعتقال "الأشخاص الذين يعتبرونهم معارضين أو حتى مجرد منتقدين" بشكل غير قانوني. كما وثقت زيادة استخدام المحكمة في استهداف الأقليات الدينية".
 
وقالت منظمة العفو "إن قوات الحوثيين اعتقلت واحتجزت بشكل تعسفي النقاد والمعارضين وكذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأفراد الطائفة البهائية، وتعرضت عشرات للمحاكمات الجائرة والسجن بمعزل عن العالم الخارجي، والاخفاء القسري".  كما اتهمت المنظمة الحكومة اليمنية ايضاً بملاحقة النشطاء واحتجازهم بشكل تعسفي.
 
 ومع احتدام القتال، أُغلقت الطرق البرية المهمة في الأشهر الأخيرة - مما يجعل من الصعب للغاية على مجموعات الإغاثة الوصول إلى المدنيين المعرضين للخطر في المناطق، وفقًا لتقارير اليونيسف للإغاثة.  وعلاوة على ذلك، أُجبرت الأمم المتحدة على أن توضح في يونيو / حزيران، أنها لن تسمح للحوثيين بتحويل المساعدات الإنسانية إلى أنصارهم؛ بدلاً من أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها، مما تسبب بتعليق الكثير من برامج المساعدة لصنعاء.
 
وقال بنيامين فريدمان، مدير (مركز) أولويات الدفاع الامريكي "لقد تضررت البنية التحتية للرعاية الصحية في اليمن، وخاصة في المناطق القريبة من جبهات القتال، بسبب النقص والهجمات على المستشفيات". مضيفاً "إن أكبر المخاوف هي المرض ووفيات الرضع وسوء التغذية والفقر".
 
وفي رأيه، يتحمل كلا طرفي النزاع مسؤولية الفوضى المستمرة على الرغم من أن التحالف يقف وراء العديد من القتلى والدمار. وأكــد فريدمان "لا أتوقع حدوث أي تغييرات في الحكم في صنعاء قريبًا. إذ لا يبدو أن الحوثيين على وشك فقدان السيطرة عليها".
 
وقال "الأكثر ترجيحًا (حتى الان) هو استمرار حكمهم، وربما يحدث اتفاق تقاسم السلطة بين المتصارعين اليمنيين".
 
 وصرح مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لقناة فوكس نيوز بأنه كان هناك في البداية قدر من التساهل الشعبي مع الحوثيين بين السكان ناتج عن اعتُبارهم بأن الحوثيون "يقاتلون ضد المعتدين الأجانب"، لكن الحكم الحوثي السيء أدى إلى حالة من السخط الشعبي على نطاق واسع ضد "الطريقة السيئة التي يحكم بها الحوثيون في صنعاء."
 
 وقال "حالياً بات يوجد في المكاتب الحكومية ممثلون للحوثيين، يتخذون قرارات ليس لديهم الخبرة أو المعرفة لاتخاذها بكفاءة". وقال المصدر "سوء إدارة الحوثيين وضعف حكمهم يزيد الوضع الإنساني المتدهور بالفعل سوءً".
 
وأضاف "لكن في الغالب، لا ينتفض اليمنيون الذين يعيشون تحت حكم الحوثيين ضدهم لأنهم غير متأكدين من توفـر البديل".
 
وبلا شك ينظر اليمنيون الى الأجزاء الاخرى من بلدهم فيرونها متدهورة أمنياً، ومن ثم تتولد لديهم قناعة بأن الوضع يتجه للأسوأ في كل الاحوال.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر