ما وراء تصعيد الاحتجاجات الجماهيرية في المحافظات الجنوبية؟ (تقرير خاص)

[ متظاهرون بمحافظة حضرموت- جنوب اليمن، يزيلون صور لزعماء دولة الإمارات المشاركة في التحالف العربي، احجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية/ صفحات التواصل الإجتماعي ]

 بعد هدوء نسبي بالشارع جنوب اليمن، تصاعدت الأحداث مجددا بالمحافظات المحررة هناك، بعد انهيار سعر العملة المحلية بشكل غير مسبوق خلال أقل من أسبوع، ووصول سعر الدولار الواحد إلى 650 ريالا.
 
وعمَّت المظاهرات المنددة بارتفاع الأسعار، بعض المحافظات الجنوبية، أبرزها عدن والضالع وحضرموت ولحج، التي هتف فيها متظاهرون غاضبون بشعارات مناوئة للمملكة العربية السعودية والتحالف العربي. في حين مزق محتجون في حضرموت صورا لقادة دولة الإمارات.
 
وأدى ذلك التصعيد ضد رموز وقيادات الدولتين اللتين تقودان التحالف العربي في اليمن، إلى إرباك المراقبين بشأن الجهة التي تقف وراء تلك الأعمال؟
 

تبادل الاتهامات
 


على إثر ذلك، اتهم وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، في تغريدة على تويتر، حزب التجمع اليمني للإصلاح، بالضلوع في استهداف رموز الإمارات والتحالف في حضرموت وبعض مناطق الجنوب، واصفا حزب الإصلاح بـ"الأقلية التي لا تريد الخير لليمن"، بعد أن شدد على أن ذلك لن يثنيهم عن تأدية مهمتهم.
 
وجاء الرد سريعا من "الإصلاح"، عبر تغريدة لنائب رئيس الدائرة الإعلامية للحزب عدنان العديني، أعرب فيها عن استغرابه من اتهامات "قراقاش" تلك، وأعتبرها لا تعبر عن رأي دولة الإمارات، التي يكن لها الحزب كل الامتنان على دعمها لليمن.
 
وأشار العديني إلى أن (الإماراتيين) يدركون أنه لا علاقة للإصلاح بما يحدث في حضرموت أو غيرها، ويعلمون جيداً من هي الجهة التي تقف وراءها وأجندتها التي تحملها.
 
 ومع تواصل التصعيد الجماهيري للاحتجاجات، تبنى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يدعو إلى الانفصال والمدعوم من دولة الإمارات، الاحتجاجات في محافظة الضالع، داعيا إلى ما أطلق عليها "مسيرة الغضب الكبرى"، وجملة من الإجراءات، بينها إيقاف إيرادات المدينة إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتصدير واستيراد المواد من المحافظات الشمالية.
 
وفي حضرموت، هدد المحافظ اللواء الركن فرج البحسني، بوقف تصدير النفط من المحافظة، إذا استمر الوضع الاقتصادي بالتدهور.
 
ورأى مراقبون أن محاولة خلط الأوراق بتلك الطريقة، هي استهداف واضح للسعودية التي تُبدي رفضها للممارسات الإماراتية التي تُضعف الشرعية وتقوض جهودها.
 
وكما هو معروف، فقد دعمت الإمارات تأسيس ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي أكد مساعيه لإسقاط الحكومة الشرعية بقيادة الدكتور أحمد عبيد بن دغر. كما قامت الإمارات، أيضا، بتشكيل أحزمة أمنية تدين لها بالولاء، في كل من عدن ولحج وأبين والضالع، ومثلها قوات للنخبة في حضرموت وشبوة.
 
وكان الغرض من ذلك، خلق قوى- تابعة لها- ككيانات موازية للجيش اليمني، الذي اصطدمت معه عسكريا في مرات عديدة، كان أخطرها في عدن، أواخر يناير/ كانون الثاني. حيث قاد المجلس الانتقالي الجنوبي- بمساندة قوات الحزام الأمني- عملية عسكرية لإسقاط الحكومة ومحاولة السيطرة على العاصمة المؤقتة عدن بعد طرد الحكومة منها. لكنها فشلت نتيجة وقوف قوات الجيش الموالي للحكومة دون انجاحها.
 
استهداف ممنهج

 

ويتهم الكاتب الصحفي أمجد خشافة ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بالوقوف وراء التصعيد الأخير، مشيرا إلى أن ذلك يندرج في إطار الصراع المعلن الذي يقوده المجلس ضد الحكومة الشرعية، منذ اندلاع المعارك بين الجانبين في يناير/كانون الثاني، الماضي.
 
وبيَّن خشافة لـ"يمن شباب نت" أنه وبرغم الهدوء الذي لحق تلك المعارك؛ إلا أنه لم تتوفر الفرصة لعودة شعار إسقاط حكومة بن دغر حتى توفرت هذه الأيام في نقطتين: انهيار العملة المحلية؛ ومفاوضات جنيف بنخستها الثالثة.
 
وأضاف: نظرا لفشل قيادة المجلس الانتقالي من اقناع المبعوث الأممي اشراكهم في تلك المشاورات، فقد استغل انهيار العملة المحلية للتصعيد وقيادة مظاهرات ضد الحكومة، كضغط سياسي لإسقاطها، وأيضا كردة فعل غاضبة ضد المبعوث الأممي الذي لم يضمهم إلى مشاوراته المزمعة في جنيف..
 
 وشبَّه خشافة المظاهرات الأخيرة في المحافظات الجنوبية ضد انهيار العملة المحلية وارتفاع الاسعار، بتلك التي قادها الحوثيون بالعاصمة صنعاء قبل انقلابهم على السلطة الشرعية، لافتا إلى أن الهدف منها هو توجيه رسالة سياسية مفادها "إننا على الأرض ومن يمتلك الأرض يمتلك القرار".
 
وفيما يتعلق بتخلل الاحتجاجات هتافات ومظاهر مناهضة للتحالف العربي، وتحديدا المملكة العربية السعودية، كشف الصحفي اليمني أن من يقف وراءها هو فصيل حراكي آخر يجيشه تيار "باعوم"، الذي قضى وقتا طويلاً في الضاحية الجنوبية بلبنان.
 
 
استغلال الشارع
 
ولا يختلف تفسير الصحفي أحمد عبدالغني الشميري، عن الرأي السائد الذي ينزع إلى تأكيد وجود استغلال لحالة التدهور الاقتصادي لتحقيق مآرب سياسية.
 
يقول الشميري لـ"يمن شباب نت"، إن هناك مساعٍ لبعض الأطراف الجنوبية (لم يسمها)، لتحقيق مكاسب شخصية من خلال استغلال مطالب الشارع اليمني، وخصوصاً أبناء المحافظات المحررة في عدن ولحج والضالع وتعز، حيث يتم التشديد على تفعيل مؤسسات الدولة ووضع حلول فعلية وسريعة للأزمة الاقتصادية.
 
ولفت الشميري إلى أن بعض المطالب، لاسيما لأبناء الجنوب، مدرجة في إطار مخرجات الحوار الوطني الشامل، والمتمثلة بتعزيز بناء الوحدة اليمنية على أسس قوية من خلال بناء الدولة الاتحادية، مشيرا في الوقت ذاته إلى مساعي المملكة العربية السعودية لاحتواء ما يجري بالشارع الجنوبي، وأنها لم تقف يوماً موقف المتفرج، بل هي مع الشعب اليمني.
 
وكان التحالف العربي بقيادة السعودية، تدخل في اليمن منذ مارس/آذار 2015، لمساندة الجيش الوطني في دحر الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة.
 
وبعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من الحرب، تمكن الجيش اليمني بمساندة قوات التحالف العربي، من تحرير عدد من المحافظات التي سيطر عليها الحوثيون. لكن المحافظات الجنوبية، وهي جميعها محررة، آلت إلى سيطرة دولة الإمارات التي أحكمت قبضتها عليها عبر كياناتها العسكرية والأمنية المشكلة خارج نطاق الجيش اليمني.
 
ومع انسياق معظم التفسيرات نحو تأكيد وجود أطراف مستفيدة من خلط الأوراق، يقول الصحفي أمجد خشافة "لكن ذلك، لا يعني أن الجنوبيون لم يعد لديهم رأي صاخب ضد سياسة التحالف في الجنوب، لا سيما وأن التحالف لم يقدم للمناطق المحررة مشاريع تنمية اقتصادية، ترفع من معاناة المواطنين، وهي النقطة التي يبحثون عنها أكثر من الرغبات السياسية".

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر