تعز.. تساؤلات حول مصير العمليات العسكرية.. وشروط التحالف لتحريرها؟ (تقرير خاص)

[ "إنتظار وتأهب".. مقاتلون من أبناء تعز يرابطون في إحدى الجبهات غرب المدينة- خاص: يمن شباب نت ]

 في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات اليمن تصعيداً عسكرياً ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية، لايزال الجمود العسكري يخيم على جبهات محافظة تعز (جنوب غربي البلاد)، وسط دعوات عسكرية وسياسية وشعبية تطالب الحكومة والتحالف باستكمال تحرير ما تبقى من المدينة، وإنهاء الحصار المفروض عليها منذ ثلاثة أعوام.
 
في أواخر يونيو/ حزيران الفائت، تزايدت الدعوات المطالبة بتحريك جبهات المحافظة، ومن بينها توجيه الائتلاف السياسي لدعم الشرعية (مكون من مختلف أحزاب وقوى تعز)، دعوة إلى رئاسة الجمهورية ودول التحالف العربي بمعالجة معوقات تحرير المحافظة وفك الحصار عنها. في حين دعا قائد محور تعز العسكري، اللواء خالد فاضل، الحكومة الشرعية إلى دعم تحرير المحافظة أسوة ببقية الجبهات المختلفة بالبلاد.
 
وفي السياق، أيضا، طالب أبناء مديريات: صالة (شرق المدينة)، والشمَّايتيّن والمسراخ (جنوب غرب المحافظة)، خلال فعاليات جماهيرية منفصلة، بضرورة استكمال تحرير المدينة ودعم الجيش الوطني وتفعيل كافة مؤسسات الدولة وتطبيع الأوضاع الأمنية.
 
جاءت تلك الدعوات المختلفة، من قيادات عسكرية وقوى سياسية وفعاليات شعبية، بعد أشهر على توقف وجمود آخر عملية انطلقت لتحرير تعز، والتي كان أعلن عنها مطلع العام الجاري (أواخر يناير/ كانون الثاني)، لكنها لم تستمر أكثر من شهر واحد، لتتجمد فجأة مع نهاية شهر فبراير/ شباط.
 
شروط جديدة للتحالف
 
ويثير تجميد تحرير تعز الكثير من التساؤلات، في حين تتعزز، يوما عن أخر، التكهنات التي تُرجع أهم أسباب الجمود العسكري في تعز إلى رغبة التحالف العربي في إبقاء المحافظة كجبهة استنزاف لجماعة الحوثي. فيما اصبحت الشائعات ملاذا لتفسيرات الكثيرين، بينها ما يقال عن تعرض الحكومة الشرعية لضغوطات من قبل التحالف العربي بإجراء تغيرات عسكرية في صفوف الجيش الوطني.
 
وقبل أسبوع؛ التقى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، بمقر إقامته بالعاصمة المؤقتة عدن، قيادات السلطة المحلية وقادة الألوية العسكرية بالمحافظة. وإذ كان متوقعا أن يخرج اللقاء بقرارات حاسمة لجهة معركة تحرير تعز، إلا أنه- بحسب ما أكدته مصادر عسكرية لـ"يمن شباب نت"- لم يخرج بشيء مهم يُذكر لهذا الشأن. وبدلا من ذلك- تضيف المصادر- صُرف معظم اللقاء في مناقشة الخلافات والمماحكات السياسية، وانتهى بنصائح للرئيس هادي للقادة بضرورة العمل بروح الفريق الواحد.
 
لكن المصادر، التي تحدثت لـ"يمن شباب نت" شريطة سرية هويتها لحساسية الأمر وعدم تخويلها مناقشة مثل هذه القضايا مع الصحافة، كشفت أيضا: أن قوات التحالف العربي تقدمت بشروط جديدة لتحرير المدينة، على رأسها "تغيير عددا من القيادات العسكرية، أو استقدام قوات عسكرية من خارج تعز لتولي مهمة تحرير ما تبقى من المحافظة بيد الحوثيين. وألمحت المصادر إلى ورود أسم "لواء العمالقة" التابع للمنطقة العسكرية الرابعة (مقرها عدن)، كخيار مناسب لهذه المهمة.   
 
وحاليا، تتولى ألوية العمالقة، مهمة تحرير محافظة الحديدة الساحلية غرب اليمن، والتي بدأت عملياتها قبل أسبوعين تقريبا، مع أواخر شهر رمضان المنصرف.
 
وبالتزامن مع إعلان العمليات العسكرية في جبهة الساحل الغربي، وجبهات أخرى من البلاد، مثل الجوف وصعدة؛ علم "يمن شباب نت" أن القيادة العسكرية في تعز كانت تقدمت بخطة لمعركة تحرير جبهة "مقبنة"، غرب المحافظة. إلا أن تلك الخطة- بحسب المصادر، بدى وكأنها لم تحظى باهتمام القيادات العسكرية للتحالف في اليمن. حيث استهلكت- كالعادة- بالوعود، وانتهت إلى طي النسيان.
 
تُعد جبهة مقبنة، الواقعة على مشارف الساحل الغربي، من أهم الجبهات القتالية، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يربط مدينة تعز مع ميناء المخا (تعز) ومحافظة الحديدة المجاورة. وتمتد فيها المعارك على أكثر من 35 كيلو متراً، وتتواصل المعارك فيها منذ ثلاثة أعوام.
 
خارج حسابات التحالف

وتعليقا على عدم اهتمام التحالف العربي بمعركة تحرير تعز، يعتقد المحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية، علي الذهب، أن مشكلة تعز تكمن، أولا، في قياداتها المتنافرة، سياسيا وعسكريا وحزبيا، وقد مثل ذلك مدخلا أو مبررا للتحالف أو بعض أطرافه، لاتخاذ موقف حذر من مستقبلها ومن سيتحكم فيه.
 
ويؤكد، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت"، على أن "النظرة إلى تعز مختلفة تماما عن بقية المحافظات"، مضيفا "ولعل دورها في ثورة فبراير 2011، من أبرز ما جعلها محط أنظار القوى المناوئة لهذه الثورة، الداخلية منها والخارجية".
 
ويرى الذهب أن وضع تعز سيظل على هذا الحال طويلا، ما لم تقم مختلف القوى الفاعلة فيها بدور إيجابي لتجاوز حالة الانقسام، وقيام قوى أخرى بتبديد مخاوف القوى المناوئة لها، من خلال تقديم بعض التنازلات، فلم يعد هنالك وقت أو طاقة للتضحية، بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات، دون تحرير أهم مناطق المحافظة.
 
من جهته يقول الكاتب الصحفي، منذر فؤاد، إن "الجمود الراهن في جبهات القتال في مدينة تعز، يعود بالأساس إلى عوامل عسكرية، تتمثل في عدم توفر السلاح الثقيل وشحة الإمكانيات اللازمة التي يحتاجها الجيش الوطني لتحرير ما تبقى من المدينة".
 
ويرى، ضمن حديثه مع "يمن شباب نت"، أنه من الصعب خوض معارك عسكرية دون وجود هذه الأسلحة الضرورية، مذكرا بأن الجيش الوطني أعلن عن معركة تحرير ما تبقى من المدينة في يناير الماضي، وتوقفت هذه المعركة نتيجة توقف الدعم، ولكن أيضا بعد مقتل عشرات الجنود في الجيش.
 
وأضاف: "وهذه التكلفة الكبيرة ما كان لها أن تحدث بهذا الشكل في حال توفرت الأسلحة الثقيلة اللازمة للتقدم والسيطرة".
 
وفضلا عن ذلك، هناك أسباب أخرى- في نظره- لعبت دورا في جمود بعض جبهات القتال، منها "انشغال المؤسسة العسكرية بالحملة الأمنية، وملاحقة العناصر الخارجة عن القانون وتأمين الأحياء التي تتواجد فيها هذه العناصر، وانشغال السلطة المحلية بالشؤون الإدارية، مع إهمال ملحوظ لمسألة تحرير ما تبقى من المدينة".
 
 دفاع "نشط"

كانت معركة تحرير تعز الأخيرة، مطلع العام الجاري، حققت إنجازات كبيرة، تمثلت باستعادة العديد من المواقع والمرتفعات الجبلية في مختلف جبهات المدينة. غير أنه، ونظرا لتوقف الدعم عنها بعد شهر فقط من انطلاقها، تحولت المعارك في مختلف جبهات المحافظة من مرحلة الهجوم والتقدم إلى الدفاع والحفاظ على المواقع المستعادة. ولا يزال الوضع على هذا الحال منذ قرابة خمسة أشهر.
 
ومع ذلك، فإن حالة الدفاع هذه، هي عبارة عن حالة "دفاع نشط"، بحسب وصف ناطق محور تعز العقيد عبد الباسط البحر، لافتا إلى أنها قد تتحول إلى "هجوم معاكس يؤدي إلى نتائج حاسمة على الأرض بأقل الإمكانيات والخسائر"..
 
وأوضح البحر، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت"، أن "الدفاع النشط يعمل على استنزاف العدو واستدراجه إلى أماكن تكون فيها قوات الجيش أكثر قدرة على إلحاق الخسائر بالعدو وتشتيت قواته وقدراته"، مؤكدا أن "هناك جبهات في وضع الدفاع النشط، وأخرى في حالة الهجوم مثل الجبهة الغربية في مقبنة وجبل حبشي، وايضاً الجنوبية في حيفان، وأطراف دمنة خدير".
 
وعن التعامل مع جبهة تعز باعتبارها "جبهة استنزاف" للعدو، يرى ناطق محور تعز، أن ذلك قد يكون من ضمن الأهداف العسكرية وفقا للخطة الموضوعة من المستوى الأعلى، مستدركا: "ولا أعتقد أن هذا هدف مستقل عن بقية الأهداف الأخرى المتمثلة في استكمال التحرير وكسر الحصار".
 
 تفاؤل وتشاؤم

وإذ أكد ناطق محور تعز أنه "لا خيار أمامنا في التعامل مع المليشيات اليوم، إلا خيار الحسم العسكري، بعد أن استنفدت كل الخيارات ورفضت المليشيات كل الخيارات السلمية"، كشف أن هناك خطط قدمت ودُرست من قبل القيادة العسكرية "وسترى النور قريبا".
 
وفي هذا الصدد، كشف أيضا أن اللقاءات مستمرة بين قيادة تعز العسكرية والقيادة العليا للجيش في الشرعية والتحالف العربي خلال هذه الأيام في عدن، وأن تلك اللقاءات توصلت إلى نتائج مثمرة وايجابية سيكون لها أثر إيجابي على أرض الواقع خلال المرحلة المقبلة.
 
ومع ذلك، يعتقد المحلل الاستراتيجي، علي الذهب، أن التحالف العربي "لن يقدم أكثر مما قدم، مادامت نظرته لم تتغير تجاه تعز. وفي أسوأ الأحوال قد تلجأ بعض أطراف التحالف إلى تغليب بعض القوى على قوى أخرى لا تطيقها، ولو استلزم ذلك عملا مسلحا داميا".
 
وبين تفاؤل "البحر"، وتشاؤم "الذهب"، تواصل تعز انتظار مصيرها المجهول، بين ما ستسفر عنه لقاءات قياداتها العسكرية مع التحالف، وقد وصفها "البحر" بأنها "مثمرة"؛ أم أنها ستظل معلقة بحبال التحالف الطويلة، المتفرعة والمتشابكة، والتي قد تستلزم "عملا مسلحا داميا" لحسم الخلاف، بحسب توقعات "الذهب".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر