بعد ثلاث سنوات من "عاصفة الحزم".. هل "صمد" الحوثيون أم فشل التحالف؟ (تقرير خاص)

[ صواريخ بالستية يقول الحوثيون في اليمن أنهم طوروها لا ستهداف المملكة السعودية، بينما تتهم الاخيرة إيران بتزويدهم بها ]

 
بعد ثلاث سنوات من انطلاق عملية "عاصفة الحزم" لدول التحالف العربي في اليمن، في 26 مارس 2015، بقيادة المملكة العربية السعودية، ما تزال الحرب اليمنية تشكل تحديا حقيقيا للتحالف والمجتمع الدولي، مع المزيد من التعقيد بشأن إمكانية انهائها عسكريا، أو إيقافها عبر الحلول السياسية.
 
وما هو أكثر تعقيدا في هذه المعادلة، اليوم، أن ميليشيات الحوثي الانقلابية- رغم ما منيت به من هزائم على الأرض، وتلقيها ألاف الضربات الجوية، وأخيرا: مقتل شريكها السابق "صالح"- إلا أنها بدت وكأنها قد زادت من قدراتها التسليحية النوعية. حيث أصبحت أكثر قدرة، من ذي قبل، على إطلاق المزيد من الصواريخ البالستية نحو المملكة السعودية، وتهديد أمن واستقرار، ليس فقط مدنها القريبة، بل وأيضا عاصمتها البعيدة (الرياض).
 
مؤخرا؛ وفي ظرف أسبوع واحد فقط، أطلقت ميليشيات الحوثي عشرة صواريخ بالستية تجاه الأراضي السعودية، سبعة منها أطلقتها دفعة واحدة، مساء الأحد، 25 مارس، عشية الذكرى الثالثة لانطلاق "عاصفة الحزم". وقالت الجماعة إنها استهدفت ثلاثة مطارات ومنشآت نفطية ومعسكرات سعودية، ضمن ما اعتبرته تدشينا للعام الرابع من "الصمود". كما هددت أن شركة "أرامكو" السعودية- أغنى شركة نفط عالمية- باتت هدفا لصواريخها.
 
واليوم التالي لأكبر هجوم صاروخي حوثي على السعودية؛ احتشد الآلاف في ميدان السبعين بالعاصمة اليمنية صنعاء- التي ما تزال تحت سيطرتهم بعد ثلاث سنوات من الحرب والقصف شبه المتواصل من قبل طيران التحالف- لإحياء ما وصفوه بالذكرى الثالثة لـ"الصمود ضد العدوان"، في إشارة إلى "عاصفة الحزم".
 
وخلال الفعالية، ألقى رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" للحوثيين، صالح الصماد، كلمة شدد فيها على "ضرورة تعزيز عوامل الصمود ورفد الجبهات، للوصول إلى الحسم والانتصار"..!!
 
يأتي هذا، بعد عامين، تقريبا، من إعلان المتحدث الرسمي باسم التحالف، في أبريل 2015، تحقيق جميع أهداف "عاصفة الحزم"، بما في ذلك "إنهاء خطر الصواريخ البالستية".
لكن الحوثيين والموالين لصالح، واصلوا- بعد ذلك- إطلاق تلك الصواريخ. وتجاوز عدد ما أطلقوه منها، 100 صاروخا تجاه السعودية منذ بداية الحرب حتى الأن. وفقًا لسفير المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية الأمير خالد بن سلمان.
 
مفاجأة القوة الصاروخية

منذ بداية انطلاقة "عاصفة الحزم"، شن طيران التحالف العربي آلاف الغارات على العاصمة صنعاء، استهدفت معظمها- وبشكل متكرر- مواقع ألوية الصواريخ في جبال عطان، وجبل النهدين، وجبل نقم، وجبل الصباحة، وغيرها من المواقع التي يعتقد أنها مخازن للصواريخ.
 
وبعد أقل من شهر واحد على بدء العاصفة، قال المتحدث السابق للتحالف، العميد ركن أحمد عسيري، في إيجازه الصحفي اليومي، في 21 أبريل 2015، إن غارات العاصفة التي استهدفت مواقع لـجماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، حققت جميع أهدافها بعد تنفيذها 2415 طلعة جوية، معلنا عن نهايتها وبداية عملية "إعادة الأمل".
 
وأشار ضمن حديثه إلى أن العمليات الجوية للتحالف استهدفت "محاور الصواريخ البالستية والإمداد والتموين والتحركات ومخازن الذخيرة وورش الصيانة والتصنيع البدائي الذي كان لديهم.."
 
لم يمر على تلك التصريحات، سوى شهر واحد، تقريبا، حتى أطلقت جماعة الحوثي صاروخ "سكود" من محافظة صعدة، صوب قاعدة الملك خالد الجوية في مدينة خميس مشيط السعودية.
 
بعدها، توالت عمليات التصعيد بإطلاق الصواريخ باتجاه عدد من المدن السعودية، بينها: خميس مشيط، والطائف ومكة والرياض. وكان أبرزها الصاروخ البالستي الذي أطلقه الحوثيون في مايو العام الماضي، باتجاه الرياض، قبل يوم واحد على زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى العاصمة السعودية. ومع أنه أُسقط على مسافة مئتي كيلومتر من العاصمة؛ إلا أن تقارير أمريكية ودولية اعتبرته تطوراً غير مسبوق يهدد أمن دول الخليج والمنطقة.
 
ولاحقا؛ على وقع تلك الصواريخ المتتالية، أعتبر مراقبون تصريحات ناطق التحالف تلك، أنها ربما جاءت نتاج حسابات خاطئة لقيادة التحالف، وأن السبب في ذلك، قد يعود بدرجة رئيسية إلى افتقار التحالف للقدرات الاستخباراتية في جمع المعلومات.
 
ووصل عدد الطلعات الجوية للتحالف في اليمن إلى 145,000 طلعة جوية خلال الثلاث سنوات من الحرب، بحسب ما نشرته صحيفة "ذا وول ستريت جورناك"، في تقرير لها الشهر الماضي من داخل غرفة العمليات الخاصة بإدارة الحرب بالرياض. 

بينما أرجع مراقبون أخرون الأسباب وراء "صمود" الحوثيين، ومواصلتهم تحقيق النجاح في استهدافهم المتكرر للمملكة بالصواريخ البالستية، إلى ما اعتبروه "فشل" التحالف في إيقاف تدفق الأسلحة المهربة إلى الحوثيين، ومن جهة أخرى: عدم وجود استراتيجية شاملة وواضحة للتحالف في حرب اليمن.
 
أسباب "صمود" الحوثيين

ويقدم رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، في حديث خاص لـ"يمن شباب نت"، جملة من الأسباب التي أدت إلى ما يعتبر أنه "صمود" للحوثيين، أو بالأصح "عجز" للشرعية والتحالف في إنهاء المعركة وإحراز النصر.
 
ويرجع "محمد" السبب الأول في ذلك إلى "حصول الحوثيين على أسلحة حديثه نوعية، وأموال كبيرة"، إلى جانب "الغطاء السياسي الدولي الذي يضغط على التحالف والمقاومة بعدم التقدم في مناطق هامة مثل صنعاء والحديدة"، مضيفا "وهذا ما يؤكده التحالف العربي نفسه، عقب كل قصف صاروخي يستهدف السعودية، عن استمرار إيران بتهريب الأسلحة والصواريخ إلى الحوثيين".
 
وإلى جانب الأموال الضخمة التي تصلهم من الداعمين الخارجيين، يسيطر الحوثيون على مصادر دخل مالية كبيرة في مناطق سيطرتهم. ويرجع رئيس مركز أبعاد للدراسات، أحد أسباب بقاء الحوثيين وتمتعهم بالقوة بعد ثلاثة أعوام من الحرب إلى "احتكار الجماعة للتجارة والاستيراد وانشاء اسواق سوداء للمشتقات النفطية والطاقة والمواد الغذائية وفرض الضرائب على المدنيين".
 
ويضيف: كما "تقوم جماعة الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها بفرض أموال على التجار كمجهود حربي، ومصادرة المساعدات الإنسانية والاغاثية التي تقدمها منظمات دولية، والمقدرة بملايين الدولارات".
 
انحرافات التحالف

كما أن انحراف التحالف العربي عن أهدافه في اليمن وخروجه عن المسار الذي جاء لأجله، ساهم في انتاج عدة عوامل عززت موقف الحوثيين وأضعفت موقف الشرعية. بحسب رئيس مركز أبعاد، الذي أشار إلى أن "انشاء ودعم بعض دول التحالف لمليشيات وكيانات خارج إطار الدولة، كما فعلت الإمارات في الجنوب، أدى إلى ضعف الشرعية، وعمل على تجريف مؤسسات الدولة".
 
وهو ما أكدته الحكومة اليمنية الشرعية حين أشارت- في رسالتها إلى مجلس الأمن الدولي أواخر مارس الفائت- إلى أن قوات الحزم الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية، المدعومة من دولة الإمارات، "لا تتبع الشرعية". وترى الحكومة "أنها قوات جهوية مناطقية وعشائرية قبلية، ومسؤوليها لا يعملون تحت قيادة المؤسسة الأمنية والعسكرية، وتعتبرها تعيق عمل المؤسسات وتحدث تمزقا للمجتمع في اليمن".
 
وبشكل عام، يعتقد محمد أن السعودية والامارات لا تريدان انهاء الحوثيين خلال هذه المرحلة على الأقل. لأنهم وفقا لتصوره: يرون أن كل الكتل تفككت باستثناء حزب الإصلاح. وبالتالي يرون أولوية إضعاف الاصلاح قبل انهاء الحوثيين، ما يجعلهم يطيلون أمد الحرب بهدف استنزاف الحوثيين وتلك القوى التي لا يرغبون ببقائها كقوة مؤثرة داخل إطار الشرعية.
 
وفيما يتعلق بموقف المجتمع الدولي الفاعل والمؤثر في الملف اليمني، إزاء تنامي قوة الحوثيين، بما يجعلهم يهددون أمن دول الجوار، ينزع رئيس مركز أبعاد للدراسات إلى التشكيك بمدى جدية هذا الموقف الدولي. ويقول إن دول عظمى مؤثرة ترى في جماعة الحوثي بأنها "ليست جماعة طائفية ومذهبية خطيرة كما يصفها مناوئوها، بل هي حركة مجتمعية صاعدة، تتسم بالبرجماتية السياسية. وبالتالي فمن مصلحتهم أن تظل قوة صلبة، حيث يسعون إلى اشراكها في الحكم وصناعة القرار في اليمن".
 
وفي النهاية، يعتقد محمد أيضا، أن المجتمع الدولي يريد أن يظل الحوثيون محل تهديد دائم لدول الخليج، من أجل استمرار تجارة الأسلحة.
 
كما تسعى دول أخرى- كما يقول- إلى استخدام الحوثيين كورقة ضغط ضد السعودية، التي يرغبون في إضعافها وتفكيكها، وفقا لما اظهرته خارطاتهم المسربة إبان صعود وانتشار ثورات الربيع العربي.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر