أضاحي العيد في اليمن.. للقادرين فقط وهم أقلية (تقرير خاص)

[ تدهور أحوال المواطنين وغلاء الأسعار يعقّد شراء أضاحي العيد ]

من عام لآخر، تُصبح أضحية العيد في اليمن كالحج" لمن استطاع إليه سبيلا" وهؤلاء قلة هذا العام أكثر من غيره، لعوامل من أبرزها عدم صرف رواتب الموظفين الذين يعيلون مئات الآلاف من اليمنيين وتوقف الأعمال وتراجع دور المنظمات بهذه المناسبة لإغلاق بعضها وتوقف تمويل البعض الآخر.

ومع الحرب الدائرة في البلاد منذ ثلاث سنوات، تغيرت أولويات الأسر اليمنية نتيجة تدهور أحوالها وتوقف مصادر دخلها، وبات الهمّ الشاغل لها هو توفير ضروريات الحياة والتخلي الإجباري عمّا يُعتبر في هذا الوضع من الكماليات كالأضاحي رغم أنها سنة مؤكدة اعتاد اليمنيون الالتزام بها تقربا لله.

وفي بلد يحتاج ثلثي سكانه إلى المساعدات العاجلة وتصنف الأمم المتحدة أزمته الإنسانية بالأكبر في العالم، وتتكالب عليه الحرب والكوليرا تضيف مناسبة العيد همّا فوق كاهل الأسر التي تتنازعها الاحتياجات والالتزامات الكثيرة.

ترتيب الأولويات

العديد من اليمنيين دفعت سوء أحوالهم المادية إلى العدول عن شراء أضحية العيد لتجاوز سعرها قدراتهم، ناهيك عن أن ما بحوزتهم من مال بالكاد يغطي التزاماتهم الأخرى، كحال محمد علي الذي يرى في ذلك خيار المضطر.

يقول محمد لـ" يمن شباب نت" إن ما جمعه من دخله المحدود وحوالات أقاربه المغتربين في الخارج يجعله في موازنة اختيار الأهم والضروري وقد اختار أولوية شراء الدقيق والسكر والرز وما تبقى لشراء ملابس أولاده.

بالنسبة لمحمد فهو سيكتفي بالدجاج" ولا يكلف الله نفسا فوق وسعها" وهذا حال آخرين أجبرتهم الأوضاع على التكيف عملا بالمثل المعروف" على قدر فراشك مد رجليك"، في حين اختار البعض التشارك مع غيرهم في شراء أضحية لتقليل قيمة نصيب كل واحد.

أسعار باهظة

ومثل كل عام، ترتفع أسعار الأضاحي سواء كانت أغنام أو أبقار في العشرة الأيام التي تسبق العيد وتمثل موسما لتجار الماشية للتربح دون الاكتراث لقدرات الناس الشرائية وطالما برروا رفع الأسعار بارتفاع أسعار الأعلاف وأجور النقل وهي أسباب منطقية إلى حد ما لكنها لا تخلو من استثمار فرصة غياب رقابة الجهات الرسمية.

وبحسب جولة استطلاعية لسوق الماشية وسط مدينة تعز، تبدو الأسعار مرتفعة ومتصاعدة كلما اقترب الناس من العيد، بحيث تتراوح الأسعار بالنسبة للأغنام من 30 ألف على الأقل وقد تصل إلى 70 ألفا حسب حجمها وإن كانت محلي أو خارج، أما أسعار الأبقار فقد تصل إلى 300 ألف في الثور الواحد.
 
وتحول هذه الأسعار الكبيرة دون قدرة حتى الأسر التي كانت توصف بمتوسطة الدخل على الشراء بعدما انضمت إلى الأسر الفقيرة إثر توقف رواتب الموظفين الذين يشكلون قوامها منذ سبتمبر 2016 وتسريح الكثيرين ممن كانوا يعملون بالقطاع الخاص أو الشركات الأجنبية التي أوقف أعمالها وغادرت البلاد.

ويرد صالح حسين على سؤالنا له عما إن كان سيشتري أضحية للعيد، بتساؤل آخر يعكس حال الكثيرين" كيف أشتري الأضحية وليس معي ما يكفي لشراء الدقيق والسكر؟ لم أعد مهتما ولا افكر بالأضحية".

تداعيات الحرب

في تجارب السنوات الماضية قبل الحرب، كانت بعض الأسر تتحسب لارتفاع الأسعار قبل العيد بشراء الأضحية قبل أسابيع أو أشهر وتربيتها في المنزل لكن قلة ذات اليد أعاق تنفيذ مثل هذا الخيار المناسب.

وباستثناء دور محدود لجمعيات ما تزال تلقى دعما خارجيا، فإن أغلب الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي كانت تستعد مبكرا لهذه المناسبة بشراء الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، باتت غير قادرة على القيام بهذا الدور لأسباب منها توقف الدعم عنها أو إغلاق مقراتها بصنعاء ومصادرة أموالها في البنك المركزي من قبل الحوثيين، أو لتقليص نشاطها لصالح إغاثة النازحين وأهالي شهداء وجرحى المقاومة.

وتشير احصائيات سابقة حول الثروة الحيوانية في اليمن إلى أن عدد رؤوس الأبقار يبلغ 1.7 مليون، وعدد رؤوس الإبل 454 ألفاً، ورؤوس الضان 9.5 ملايين، والماعز 9.2 ملايين.

وتصل كمية اللحوم الحمراء إلى 185.7 ألف طن وبقيمة 32.6 مليار ريال. ويستهلك اليمنيون سنوياً أكثر من 400 ألف طن من اللحوم المحلية والمستوردة غالباً من القرن الأفريقي، وتبلغ قيمتها 450.7 مليار ريال.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر