كيف يتأثر الأشخاص بحسب أعمارهم بارتفاع درجات الحرارة؟

على الرغم من أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على الصحة العامة، لكن التأثيرات تتباين بحسب الأعمار وطرق مقاومتها، إذ يمكن أن يكون تأثيرها مباشراً على الأطفال والرضع أو حتى كبار السن مقارنة مع الشباب.
 
ولذا يطلق العديد من الأطباء تحذيرات لتجنب موجة الحرّ خاصة فترة الظهر، في ظل ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 35 درجة ووصولها إلى 40 و45 درجة في العديد من الدول العربية.
 

الحرارة والأعمار

سلّط تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، اليوم السبت، الضوء على تأثير درجة الحرارة على جسم الإنسان، وميّز ما بين الرضع والأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى الشباب وكبار السن.
 
وبحسب التقرير، فإن الأطفال الصغار دون سن الرابعة وكبار السن، هم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، بما في ذلك الإرهاق الحراري وضربة الشمس، لأنهم لا يستطيعون تنظيم درجة حرارة الجسم الأساسية بكفاءة.
 
يقول أخصائي أمراض العائلة والصحة العامة الدكتور بدر زيدان لـ"العربي الجديد": "من المتعارف عليه طبياً أن الأطفال وكبار السن يعانون أكثر من غيرهم بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة بأمراض تتعلق بالجفاف، وهو ما قد يكون له تأثير مباشر على صحتهم العامة".
 
يضيف زيدان: "عادة، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والتي تزيد عن 30 درجة بشكل مباشر على الصحة من خلال الإضرار بقدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته الداخلية، وهو ما يمكن أن ينجم عنه حدوث أمراض مختلفة، بما في ذلك ضربة الشمس، والتي لها انعكاسات ليس فقط على أعضاء الجسم، بل أيضاً تأثيرات على الدماغ".
 
الأطفال الصغار دون سن الرابعة وكبار السن، هم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، بما في ذلك الإرهاق الحراري وضربة الشمس
 
ويشير المتحدث إلى أن درجات الحرارة قد تزيد من حدة الأمراض المزمنة، على غرار أمراض القلب والأوعية الدموية، ناهيك عن حصول مشاكل في التنفس وتحديداً بالنسبة لكبار السن.
 

تقييم مخاطر الحرارة حسب العمر

يتفق الأطباء على أن تعرض الرضع والأطفال دون 4 سنوات لدرجات الحرارة يؤثر سلباً على صحتهم، إذ إن حرارة الجسم ترتفع لديهم بشكل أسرع من الكبار، ويواجهون صعوبة في تبديد الحرارة لأنهم لا يتعرقون بشكل كاف. يتعرض الأطفال الصغار أيضاً لخطر السخونة الزائدة لأنهم لا يستطيعون التعبير عما يشعرون به.
 
ينصح أخصائي الأطفال غسان فران في حديثه لـ"العربي الجديد" الأهل بضرورة الحفاظ على تبريد أطفالهم الرضع، إما من خلال الاستحمام المتكرر، أو إعطائهم كميات أكبر من المياه لمنع الجفاف، أو حتى وضعهم في أماكن بعيدة عن أشعة الشمس المباشرة.
 
فيما تشدد الأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة على أهمية مراقبة الأهل لأطفالهم الرضع، من خلال مراقبة الحفاضات إن كانت مبللة أو جافة، ومراقبة الفم واللسان، وفي حال غياب أي علامة للماء في جسم الرضيع، عليهم التوجه إلى المستشفيات.
 
وتنصح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بضرورة إبعاد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر عن أشعة الشمس المباشرة تمامًا.
 

الأطفال الأكبر سناً

يتمتع الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 4 أعوام بوظائف متطورة لتنظيم الحرارة بشكل أفضل من الأطفال الرضع. إذ يمكنهم التواصل بشكل أكثر فاعلية، والتعبير عن شعورهم بالحرارة، إلا أن ذلك لا يعني أن درجات الحرارة لا تؤثر على أجسامهم، وقد يصابون بالإرهاق الحراري، وما هو له تأثير مباشر في حدوث أمراض الحمى وارتفاع الحرارة الداخلية.
 
ولذا ينصح أخصائي الأطفال فران بضرورة إعطاء الأطفال الكثير من السوائل والمياه، وتجنب الخروج تحت أشعة الشمس في النهار، كما يفضل، بحسب الخبراء الذين استطلعت آراءهم صحيفة "وول ستريت جورنال"، الابتعاد عن الرياضة أو ممارسة أي نشاط بدني خلال فصل الصيف وارتداء الملابس الفضفاضة والخفيفة بدلاً من الملابس الثقيلة.
 
أما إذا كان الأطفال يتناولون أدوية معينة مثل مضادات الهيستامين وبعض المنبهات لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فقد تزيد هذه الأدوية من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة. يمكن أن تزيد حالات مثل الربو من مخاطر حرارة الأطفال.
 

الكبار

صحيح أن الكبار وتحديداً فوق سن الـ18 هم الأقل عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، إلا أن ذلك لا يعني أنهم بمنأى عن الإصابة بأمراض تتعلق بارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب أو الكلى.
 
يقول بدران: "يؤدي الجفاف إلى انخفاض ضغط الدم وانخفاض وظائف الكلى، وتبدأ العديد من أنظمة التمثيل الغذائي في الإغلاق، وهو ما له تأثير مباشر على إمكانية حصول فشل كلوي، خاصة إن تجاهل الكبار تناول الكميات الموصى بها من الماء".
 
أضف إلى ذلك، أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى إمكانية الإصابة بالغثيان، وقطع الشهية، وهو ما يؤثر على صحة الإنسان.
 

كبار السن

يجمع الأطباء أن كبار السن، الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بأمراض الحرارة، خاصة أن هذه الفئة تعاني أصلاً من العديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السكري والضغط وغيرهما، وبالتالي تعرضهم لدرجات الحرارة المرتفعة يؤدي ذلك إلى زيادة حدة هذه الأمراض، مع إمكانية أن يتسبب ذلك في حدوث وفاة لهم.
 
كما يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى حصول الإجهاد الحراري، ورفض تناول الأطعمة، أو حتى إمكانية حصول تشنجات وطفح جلدي أو حساسية، لذا ينصح مقدمو الرعاية في الولايات المتحدة بضرورة تنظيم زيارات لكبار السن، خاصة الذين يعيشون بمفردهم، للتأكد من عدم تأثر نمط حياتهم أو سلوكهم بارتفاع درجات الحرارة.
 

وفيات بسبب الحرارة

تواتر الحديث في الفترة الماضية عن إمكانية ارتفاع أعداد الإصابات حول العالم جراء الحرارة التي بلغت أكثر من 45 درجة، حتى إن تقارير لفتت إلى إمكانية تعرض الأشخاص إلى الوفاة نتيجة موجات الحر المتواصلة.
 
تقدر دراسة نشرتها صحيفة الغارديان سابقاً إلى أن درجات الحرارة القصوى تقتل 5 ملايين شخص سنويًا. مع ارتفاع الوفيات المرتبطة بالحرارة، وجدت الدراسة التي شملت عشرات العلماء حول العالم أن 9.4 في المائة من الوفيات العالمية كل عام تُعزى إلى التعرض للحرارة أو البرودة، أي ما يعادل 74 حالة وفاة إضافية لكل 100 ألف شخص.
 
فيما وجدت دراسة حديثة نشرت في مجلة nature medicine أن 61,672 ماتوا في أوروبا بسبب أمراض مرتبطة بالحرارة بين 30 مايو/أيار و 4 سبتمبر/أيلول من العام الماضي. كانت إيطاليا الدولة الأكثر تضرراً، إذ سجلت حوالي 18000 حالة وفاة، تليها إسبانيا بما يزيد قليلاً عن 11000 وألمانيا بحوالي 8000.
 
نصائح عامة

ينصح جملة من الأطباء ومن بينهم بدران وفران بضرورة الوقاية من الشمس خلال فصل الصيف، من خلال اتباع العديد من النصائح، ومن أبرزها:

أولاً: الابتعاد عن التعرض المباشر لأشعة الشمس قدر الإمكان، وتحديداً للأطفال الصغار وكبار السن.

ثانياً: الوجود في أماكن باردة، أو وجود تكييف، لأن ذلك يساعد على عدم ارتفاع درجة حرارة الجسم.

ثالثاً: ضرورة تناول السوائل، بالنسبة إلى الصغار من المهم إعطاؤهم الماء بشكل دوري، أما الأطفال والمراهقون والكبار، فينصح بتناول الفاكهة التي تحتوي على الماء، وشرب العصائر الطبيعية.

رابعاً: ضرورة ارتداء الملابس المناسبة، القطنية تحديداً، ذات الألوان البيضاء، والابتعاد عن الأقمشة والألوان الداكنة لأنها تزيد من حرارة الجسم.
خامساً: وضع الأدوية المناسبة على الجلد لتجنب الاحتراق من أشعة الشمس المرتفعة.
 

(العربي الجديد)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر