ألم مفاجئ يخدر رؤوسنا.. ماذا تعرف عن تجمد الدماغ ولماذا نصاب به؟

هل سبق أن تناولت قضمة كبيرة من الآيس كريم فشعرت فجأة بأن دماغك "تجمد" حرفياً؟ يطلق على هذه الظاهرة اسم تجمد الدماغ، وفيها تشعر بالألم المفاجئ نتيجة تناول شيء بارد، مما يولد لديك نوعاً من أنواع الصداع.
 

ما هو تجمد الدماغ؟

وفقاً للتصنيف الدولي لاضطرابات الصداع، يقتصر الإحساس بالألم في هذا النوع من الصداع على منطقة الجبهة والصدغ ويختفي في غضون 10 دقائق بعد تناول الطعام البارد الذي تسبب بـ"تجمد الدماغ".
 
قد يبدأ ألم "تجمّد الدماغ" –المعروف أيضاً باسم "صداع الآيس كريم"- في غضون ثوانٍ من التعرّض لدرجات حرارة باردة، ويبلغ الألم ذروته سريعاً في غضون ثوانٍ.
 
قالت طبيبة الأعصاب ستيفاني غولدبيرغ، لموقع Live Science الأمريكي: "يصف بعض الأشخاص هذا الشعور المزعج بأنَّه نوع من الألم الساكن، في حين قد ينظر إليه مرضى الصداع النصفي على أنَّه ألم نابض أو خافق".
 

لماذا نصاب بـ"تجمّد الدماغ"؟

على الرغم من شيوع حالات الإصابة بـ"تجمّد الدماغ"، لا يزال الأطباء غير متأكدين تماماً من سبب حدوثه، والأبحاث حول أسباب هذا النوع من الصداع نادرة.
 
ومع ذلك، تشير بعض الأدلة إلى وجود صلة بين صداع "تجمّد الدماغ" وتغيّرات تدفق الدم في بعض الأوعية الدموية في الدماغ.
 
لا يشعر الدماغ نفسه بالألم، لأنَّه لا يحتوي على مستقبلات الألم، وهي الألياف العصبية الموجودة في الجلد والعضلات والمفاصل والمسؤولة عن نقل إشارات الألم. إذ يقتصر وجود مستقبلات الألم على الأغشية الواقية بين الدماغ والجمجمة. ووفقاً لدراسة أجريت عام 2018 ونُشرت في دورية "Brain"، قد يؤدي الضغط الميكانيكي أو التغيرات في تدفق الدم إلى تحفيز تلك الأغشية، وهو ما قد يسبب الشعور بالألم.
 
عندما تضرب مادة شديدة البرودة سقف الفم أو مؤخرة الحلق، فإنَّها تتسبب في انقباض وتضيُّق الأوعية الدموية داخل الرأس لمدة لحظات ثم تمدّدها واتساعها سريعاً.
 
هذا بدوره يُحفّز العصب ثلاثي التوائم، وهو مجموعة من الألياف العصبية شديدة الحساسية الموجودة خلف الأنف. وبمجرد حدوث تحفيز للعصب ثلاثي التوائم، فإنَّه ينقل هذه المعلومات الحسية إلى الرأس بأكمله. هذا هو سبب شعورك بألم شديد في رأسك وليس في فمك أو أنفك، حيث نشأ الإحساس بالبرودة.
 
وبمجرد مرور بضع دقائق تعود الأوعية الدموية إلى حجمها الطبيعي.
 
وجدت دراسة نشرت عام 2012 في دورية "FASEB"، أنَّ الزيادة المفاجئة في تدفق الدم وما ينتج عنها من زيادة في حجم الشريان المخي الأمامي قد تؤدي إلى ألم "تجمّد الدماغ". كما وجدت الدراسة أنَّ نوبة الألم تنتهي عندما يتقلَّص الشريان المخي ويقلل تدفق الدم.
 

هل "تجمّد الدماغ" خطير؟

"تجمّد الدماغ" لا يعتبر أمراً خطيراً، مع ذلك فقد أفادت العديد من تقارير الحالات بوجود صلة محتملة بين صداع المثلجات أو الأطعمة والمشروبات الباردة والرجفان الأذيني الانتيابي، وهي حالة من ضربات القلب غير المنتظمة تحدث من حينٍ لآخر، وعادةً ما تتوقف من تلقاء نفسها في غضون 7 أيام. ومع ذلك، يعتقد أنَّ هذه الصلة غير شائعة على الإطلاق وقلما تحدث.
 
بكل الأحوال، لا يزال السبب الدقيق وراء هذه الصلة غير معروف. أشار مؤلفو دراسة عام 2016 إلى أنَّ الأطعمة والمشروبات الباردة ربما تؤثر في ضربات القلب، لأنَّ المريء يقع على مقربة من العصب المبهم (أو العصب الحائر)، وهو عصب طويل يحمل المعلومات الحسية بين الدماغ والأعضاء الداخلية. ثمة نظرية أخرى تتمثَّل في أنَّ الرجفان الأذيني قد يحدث بسبب داء الارتداد المعدي المريئي -المعروف باسم "ارتجاع المريء"- أو استجابة مفرطة من الجهاز العصبي الذاتي لفعل ابتلاع الأطعمة أو المشروبات الباردة.
 
ومع ذلك، ثمة حاجة إلى مزيد من البحث لفهم السبب المُحدّد لحدوث ذلك.
 

مَن هم أكثر عرضة لـ"تجمّد الدماغ"؟

قد يكون الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة من غيرهم لصداع "تجمّد الدماغ"، فغالباً ما يكون عصب ثلاثي التوائم حسَّاساً لديهم، وقد يُستثار بدرجة أكبر بفعل التعرَّض للمحفزات الباردة.
 
حققت دراسة إبلاغ ذاتي نشرت عام 2003 بدورية "Cephalalgia"، في ظاهرة "صداع الآيس كريم" بين 8359 مراهقاً في مدارس تايوان. وجد الباحثون أنَّ معدل انتشار "تجمّد الدماغ" بلغ 40.6%. أبلغ الطلاب مرضى الصداع النصفي عن معدل تواتر أعلى لـ"صداع الآيس كريم"، مقارنةً بنظرائهم الذين لا يعانون من الصداع النصفي (جاءت النسبة 55.2% مقابل 39.6%).
 

كيف تتجنَّب "تجمد الدماغ"؟

بما أن آلام "تجمد الدماغ" سريعة الزوال فهي لا تستدعي تلقي علاج لها. ومع ذلك، قد تساعد بعض الاستراتيجيات في تقليل فرص الإصابة بهذا النوع من الصداع.
 
وفقاً لدراسة أجريت عام 2002 نُشرت في دورية "The BMJ"، تتمثَّل إحدى الاستراتيجيات في تناول الأطعمة والمشروبات الباردة ببطء.
 
ثمة استراتيجية أخرى تتمثل في إبقاء المادة الباردة بعيداً عن الحنك العلوي (سقف الفم)؛ لتجنب حدوث تجمد الدماغ.
 
وفي حالة الشعور بألم "تجمّد الدماغ"، توصي "مدرسة طب جامعة جونز هوبكنز" الأمريكية بإزالة الطعام أو المشروب البارد من فمك فوراً والضغط بلسانك أو بإبهامك (النظيف) على سقف فمك لتدفئته. كذلك يساعد شرب الماء الدافئ في تدفئة تلك المنطقة.
 

(عربي بوست)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر