بعد اعلان تركيا تغييره.. لماذا تغير الدول أسماءها لدى الأمم المتحدة؟ 

بناءً على طلب من تركيا، أعلنت الأمم المتحدة، الأربعاء 1 يونيو/حزيران 2022، أنها اعتمدت تسجيل اسم تركيا بصيغة "Türkiye" عوضاً عن "Turkey" في اللغات الأجنبية، حيث يتم الآن تداول الصيغة الجديدة كما تكتب بالتركية، حيث تقول أنقرة إن الاسم الجديد أكثر تعبيراً عن ثقافة وقيم وحضارة الشعب التركي، فيما كان الاسم القديم يطلق على الطائر "الديك الرومي" أو "التيركي" كما يسمى في الغرب، ذي الهيئة "القبيحة" والذي يستخدم اسمه في "النكات السيئة" عن تركيا لدى الغربيين. لكن لماذا تغير الدول أسماءها، وهل تركيا هي الأولى التي تفعل ذلك؟ 

  

التحرر من أغلال الاستعمار

يقول تقرير لمجلة Economist البريطانية، إن السبب الأكثر شيوعاً لطلب البلدان بتغيير اسمها دولياً، هو الرغبة في التخلص من "أغلال الاستعمار". منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت عشرات البلدان مستقلة، ثم أعادت تعميم المدن والمؤسسات لتعكس الثقافات المحلية، وغالباً ما تتخلى عن الأسماء التي فرضها الأوروبيون والتي كانت مكروهة بشدة.  

فمثلاً، كان اسم "روديسيا"، التي حملت لقب المستعمر البريطاني سيسيل رودس، هو الاسم السابق لدولة زيمبابوي في جنوب إفريقيا، والتي غيرت اسمها بعد التحول نحو حكم الأغلبية السوداء، في عام 1980. 

وبعد نهاية الاستعمار الغربي، سعى قادة الدول الجديدة إلى وضع بصمتهم عليها، فقام توماس سانكارا بتغيير اسم "فولتا العليا" إلى بوركينا فاسو في عام 1984.  

وكان لدى جوزيف ديزيريه موبوتو، ثاني رئيس لجمهورية الكونغو الديمقراطية، فكرة خاصة عن الأسماء، فقد غير اسمه إلى موبوتو سيسي سيكو وأجبر مواطنيه على التخلي عن الأسماء المسيحية أيضاً بموجب سياسة "الأصالة".  

كما قام بتغيير اسم بلاده من الكونغو إلى زائير في عام 1971. (ومن المفارقات أن زائير كان الاسم البرتغالي لنهر الكونغو، مشتق من كلمة كيكونغو). وبعد انتهاء حكمه في عام 1997، عادت البلاد إلى كونها معروفة اليوم باسم "جمهورية الكونغو الديمقراطية". 
 

الاختصار والإيجاز

دول أخرى غيرت أسماءها كانت مدفوعة للإيجاز والاختصار، جمهورية التشيك على سبيل المثال، لديها نموذج قصير من كلمة واحدة، "تشيسكو" Česko، باللغة التشيكية، ولذا طلبت من الدول الأخرى استخدام معادل إنجليزي: Czechia. 

ونشأت جمهورية التشيك مع سلوفاكيا نتيجة الانفصال السلمي لتشيكوسلوفاكيا في 1993، ولكن لم يكن هناك اسم من كلمة واحدة لجمهورية التشيك على غرار كلمة فرنسا مثلاً ، وهي الاسم المختصر لجمهورية فرنسا. واستقر المسؤولون على اسم "تشيكيا" Czechia عام 2016، ليكون البديل المؤلف من كلمة واحدة لاسم بلدهم، ليسهل على الشركات والساسة والرياضيين استخدامه على المنتجات والقمصان وبطاقات التعريف. 

من جانبها، كانت بيلاروسيا Belarus تُعرف باسم Belorussia (روسيا البيضاء) عندما كانت جمهورية سوفييتية، ولكن عند الاستقلال اختارت الاسم الأقصر، عائدة إلى كييفان روس، وهي دولة نشأت منها روسيا. 

في أماكن أخرى من أوروبا، كانت مقدونيا ذات يوم "جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة" Former Yugoslav Republic of Macedonia، أو ما يعرف اختصاراً  بـ FYROM بين الدبلوماسيين.  
 

أسباب تاريخية

وتبنى حلف الناتو لحل خلاف طويل الأمد بين مقدونيا واليونان في عام 2018 فقط، حيث توصلت اليونان إلى اتفاق بشأن اسم جارتها "مقدونيا" التي ولدت عقب انهيار جمهورية يوغسلافيا السابقة، وتوصل الطرفان – بعد محادثات استمرت 27 عاماً، وبعد كثير من الاحتجاجات- إلى تسوية على الاسم، وهو "جمهورية مقدونيا الشمالية". 

وكانت اليونان تعترض على اسم مقدونيا، خوفاً من مطالبات إقليمية بشأن الأراضي في المنطقة الشمالية، كما تطورت الأمور إلى حد اعتراض اليونان أيضاً على انضمام جارتها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والاتحاد الأوروبي. 

ويرجع السبب في الخلاف، إلى أن اسم مقدونيا مستخدم بالفعل في الإشارة إلى المنطقة الشمالية من اليونان، التي تشمل ثاني أكبر مدينة في البلاد، وهي سالونيك. 

ومع تبني الأمة السلافية الوليدة عقب انهيار يوغسلافيا في عام 1991 للاسم نفسه، شعر كثير من اليونانيين بالغضب، وساورتهم شكوك بشأن طموحات جارتهم الجديدة في بعض الأراضي. 

ولم يهدئ سلوك المقدونيين الجدد الأمر، بل زاده اشتعالاً عندما أطلقوا على المطار الرئيسي في العاصمة سكوبيا، اسم البطل الإغريقي الإسكندر الأكبر، واستخدموا الاسم نفسه لتسمية الطريق السريع المار من صربيا إلى حدود اليونان. 

وكانت مقدونيا الإسكندر الأكبر، خلال القرن الرابع قبل الميلاد، وأيام والده فيليب الثاني من قبله، تهيمن على اليونان وما وراءها أيضاً. وقد أوضح الاتفاق الأخير أن شعب مقدونيا الشمالية لا علاقة له بالحضارة اليونانية القديمة، وأن لغتها تنتمي إلى الأسرة السلافية، ولا علاقة لها بالتراث اليوناني القديم. 

وبرزت خلافات على الحدود لسنوات طويلة بين مقدونيا واليونان أكثر خطورة من موضوع الإسكندر الأكبر. فعندما خرج العثمانيون من منطقة مقدونيا بمعناها الواسع خلال حروب البلقان في الفترة بين 1912-1913، قسّمت المنطقة بين اليونان وصربيا أساساً، وذهب جزء إلى بلغاريا. 

وخلال الحرب العالمية الثانية كانت اليونان ومقدونيا اليوغسلافية كلتاهما تقعان تحت احتلال بلغاريا، حليفة ألمانيا النازية وإيطاليا. وكان للشيوعيين من يوغسلافيا وبلغاريا دور في الحرب الأهلية في اليونان، التي أعقبت الحرب، ولذلك لا تزال ذكريات تلك الفترة حية. 

وعند انقسام يوغسلافيا، لم تقبل اليونان مقدونيا في الأمم المتحدة إلا تحت اسم جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة، بالرغم من أن معظم دول العالم اعترفت بمقدونيا. 

بناء على الاتفاق الذي تم التوصل له في عام 2018، فإن البلد الذي يتمتع بعضوية الأمم المتحدة، تحت اسم جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة، سوف يصبح "جمهورية مقدونيا الشمالية". وستعرف اللغة المستخدمة فيها بالمقدونية، وشعبها بالمقدونيين، أي (مواطنو جمهورية شمال مقدونيا). 
 

أسباب أخرى

في عام 2020 قررت حكومة هولندا تغير اسم البلاد من Holland إلى Netherlands بسبب ما أسمتها "اقترانات سيئة مع الأسم"، حيث كانت التسمية الحالية تقترن في أذهان السياح بحي أمستردام المعروف "بالفوانيس الحمراء، والمخدرات". 

واسقطت الدولة اسم "هولندا" رسمياً اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2020 من جميع المنشورات والمواد التسويقية، وبالتالي أصبح يشار إلى البلاد باسمها الرسمي فقط، باستخدام اسم Netherlands، وأصبح يمكن التعرف على هولندا دولياً من خلال شعار يظهر فيه رمز "NL" إشارة إلى كلمة "نيذرلاند". 


(عربي بوست)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر