ماذا يحدث في دماغ الإنسان عندما يكون خائفًا؟

 
منذ أن تفشى فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، هرع الناس إلى المتاجر لشراء وتخزين معقمات اليد، وورق الحمام بكميات كبرة.
 
هذه الظاهرة تعرف بـ "شراء الذعر"، حيث تنفد البضائع من أرفف المتاجر قبل أن يتم إعادة توريدها من قبل المنتجين مرة أخرى، بحسب تقرير لمجلة "ناشيونال جيوغرافيك" الأميركية.
 
ولا يختلف المشهد الحالي كثيرا عما حدث في مدينة بالتيمور الأميركية في عام 1918 عندما اجتاحت الإنفلونزا الإسبانية، وهرع الناس إلى المتاجر لشراء أي شيء قد يمنع الإنفلونزا أو يخفف من أعراضها.
 
تقول أستاذة علم الأوبئة النفسي بجامعة هارفارد الأميركية، كاريستان كوينين، "عندما ترى ردود فعل شديدة. فهذا يعود إلى أن الناس يشعرون بأن (فرص) نجاتهم مهددة، وعليهم فعل شيء ليشعروا أن الأمور تحت السيطرة".
 
الخوف والنجاة
على مدار التاريخ، اعتمد البشر في نجاتهم على الخوف والقلق، حيث يتطلب الأمر رد فعل فوريا عندما يتم مواجهة خطر مثل وجود أسد من حول الإنسان، وكذلك التفكير في التهديدات المحتملة مثل: أين ستتواجد الأسود هذه الليلة؟
 
وتوضح كوينين أن الذعر يبدأ عندما تخفق عملية التفاوض داخل الدماغ، فتطلب "اللوزة الدماغية" (Amygdala) التي تعد المركز العاطفي للدماغ، منّا الهرب من طريق الأذى على الفور، فيما لا يهم طريقة تفادي الأسد.
 
لكن القشرة الأمامية في المخ، التي تعالج الاستجابة السلوكية تصر على أن يفكر الشخص في وضع الأسد أولا، مثل متى قد نواجه الأسد، وماذا سنفعل حيال ذلك الأمر؟
 
وأحيانا يمكن أن يعيق القلق عملية التفكير. فبدلا من الحديث مباشرة مع أجزاء الدماغ التي تخطط جيدا وتتخذ القرارات، فإن القشرة الأمامية قد تتعرض للتشويش بسبب كل هذا الحديث المتبادل بين أجزاء الدماغ التي من المفترض أنها تتصور جميع السيناريوهات المحتملة حول وقوعنا تحت أنياب الأسد.
 
وهنا يحدث القلق، عندما تريد القشرة الأمامية التفكير حول المكان الذي قد تكون في الأسود ليلة الغد، وذلك أثناء النشاط المفرط للوزة الدماغية.
 
يقول كوينين "يحدث الذعر عندما يكون هذا الجزء الأكثر عقلانية (القشرة الأمامية) تتحرك بفعل المشاعر"، وهنا يصبح الخوف شديدا لدرجة أن اللوزة الدماغية تتولى الأمر ويبدأ هرمون الأدرينالين في السريان.
 
في بعض السيناريوهات، قد يكون الذعر منقذا لحياة الشخص. فعندما نكون في خطر الوقوع ضحية لأسد أو الدهس تحت السيارة، فإن أكثر ردود الفعل المنطقية هي الهرب أو القتال، أو التوقف عن الحركة، إذ أننا لا نريد من أدمغتنا أن تستغرق وقتا طويلا في الجدال حيال هذا الأمر.
 
لكن، لفت تقرير "ناشيونال جيوغرافيك"، إلى أن الذعر لا يساعد كثيرا في التهديدات طويلة الأجر، حيث يجب أن تكون القشرة الأمامية هي المسيطرة، من أجل تنبيه الشخص لوجود مخاطر بينما يستغرق وقتا في تقييم المخاطر ووضع خطة للتصرف.
 
الريبة تؤدي إلى الذعر
هناك حالات أخرى نصاب فيها بالذعر، وهي عندما نكون مغمورين بمعلومات ورسائل خلال وقت الجائحة أو الوباء، مما يطرح سؤالا لماذا يخزن الناس ورق المراحيض ومعقمات اليد خلال الأوبئة، بينما يرفض آخرون مخاطر الذهاب إلى الأماكن العامة مثل الحانات والمقاهي؟
 
يقول تقرير المجلة الأميركية، إن البشر سيئون في تقييم المخاطر من أجل مواجهة غموض المستقبل، مما يجعلهم عرضى للمبالغة في التقدير أو التقليل من المخاطر الشخصية.
 
الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة بيركلي الأميركية، سونيا بيشوب، تقول إن الذعر حدث بسبب حالة الغموض خلال فترة تفشي فيروس الكورونا، فالرسائل غير المتسقة من الحكومات ووسائل الإعلام وسلطات الصحة العامة، مثل التوصيات بشأن التباعد الاجتماعي، قد أثارت القلق.
 
وتضيف بيشوب "لسنا معتادين على العيش في ظروف تتغير فيها الاحتمالات بشكل سريع".
 

المصدر: موقع الحرة

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر