"الصراصير" تجبر سفارة أمريكا في كوبا على تقليص موظفيها إلى النصف

[ السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية /Getty ]

قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن السفارة الأمريكية في العاصمة الكوبية هافانا اضطرت إلى تقليص أعداد موظفيها بمقدار أكثر من النصف في عام 2017؛ بعدما شكا دبلوماسيون من إصابتهم بالصداع والغثيان وأعراض أخرى، بعد سماعهم أصوات ضجيج تصم الآذان في منازلهم والفنادق القريبة. وأثارت موجة المرض الغامضة تكهُّنات بأنَّ هناك سلاحاً صوتياً استهدف الموظفين.
 
وبدا أنَّ هذا التفسير اكتسب دعماً عندما حصلت وكالة أسوشييتد برس على تسجيلٍ صوتي لطنينٍ متصل عالي الإيقاع، سجّله موظفو السفارة ، وفقا لـصحيفة الغارديان البريطانية.
 
لكن الصحيفة قالت إن تحليلاً جديداً للتسجيل الصوتي كشف النقاب عما يعتقد علماء بريطانيون وأمريكيون الآن أنَّه المصدر الحقيقي للضجيج الحاد. وقالت الصحيفة إن السبب هو نداء صرصور الإنديز قصير الذيل والمعروف علمياً باسم Anurogryllus celerinictus.
 
 
ونقلت الصحيفة البريطانية عن فيرناندو مونتيليغري زاباتا، أستاذ علم الأحياء الحسية في جامعة لينكولن البريطانية، قوله: «إنَّ التسجيل بالتأكيد لصوت صرصور ينتمي إلى المجموعة نفسها، حيث يبلغ تردد أصوات نداء هذه الأنواع من الصراصير الكاريبية نحو 7 كيلوهرتز، ويصدر بمعدل مرتفع بشكل على نحوٍ غير معتاد، وهو ما يعطي البشر إحساساً بأنَّه أزيز حاد متواصل».
 
ويذكر مونتيليغري زاباتا أنَّه كان يجمع الصراصير التي تنتمي إلى فصائل متشابهة، ويحتفظ بها في أقفاص بأيام طفولته التي قضاها في أمريكا الجنوبية. واستيقظ في إحدى الليالي على صوت قوي حاد. وكان الصوت صادراً من أحد ذكور الصراصير التي كانت ترغب في التزاوج.
 
وأخرج مونتيليغري زاباتا الصرصور الذي أرّق مضجعه من الغرفة، ولكنه كان لا يزال بإمكانه سماع غناء الصرصور لاجتذاب الإناث. وقال: «لستُ مندهشاً من أنَّ هذا النداء يمكن أن يزعج الأشخاص الذين لا يألفون أصوات الحشرات».
 
لكن The Guardian قالت إنه لا يعني تحديد مصدر الصوت أنَّ هجوماً من نوعٍ ما لم يحدث، لكنَّه يلقي بظلالٍ من الشك على مسؤولية هذا الصوت عن المشكلات الصحية التي أصابت الدبلوماسيين، إذ تظل أسباب تلك المشكلات وطبيعتها مبهمة.
 
ودفعت موجة المشكلات الصحية الغامضة بين الدبلوماسيين الأمريكيين الأطباء في جامعة بنسلفانيا الأمريكية لإجراء اختبارات على ما يقرب من 20 من موظفي السفارة. وفي مارس/آذار 2018، خلص الفريق إلى أنَّ الدبلوماسيين تعرَّضوا لإصابات شبيهة بارتجاج المخ، لكنَّ طواقم طبية أخرى طعنت في تلك الاستنتاجات، زاعمةً أنَّ الأطباء أخطأوا في تفسير نتائج الاختبار.
 
 
ولم يذكر جميع الدبلوماسيين المتضررين أنَّهم سمعوا أصواتاً غير اعتيادية عندما أصابهم المرض، واختلفت أوصاف الأصوات التي سمعوها من شخصٍ إلى آخر، إذ ذكر البعض أنَّهم سمعوا أصواتاً تشبه أصوات الطحن أو حشرات الزيز، في حين قال آخرون إنَّهم سمعوا صوتاً يشبه الصوت القادم من نافذة سيارة مفتوحة.
 
 
لكن بحسب الصحيفة البريطانية، ففي الدراسة الجديدة، بحث مونتيليغري زاباتا وألكسندر ستابس بجامعة كاليفورنيا في قاعدة بيانات علمية عن أصوات حشرات تطابق الموجودة بتسجيل كوبا. ووجدوا أنَّ نداء صرصور الإنديز قصير الذيل يتشابه بشكل ملحوظ مع الذبذبات الصوتية الصادرة بالمعدل نفسه، وأنَّ هناك بعض الترددات أعلى من غيرها.
 
لكنَّ نداء التزاوج الذي يصدره الصرصور وتسجيل كوبا لم يتطابقا بالكامل، إذ كانت للصوت المُسجَّل في هافانا تركيبة ذبذبة غير منتظمة لا تشبه تلك الخاصة بنداء الحشرات. وأدرك ستابس ومونتيليغري زاباتا أنَّ سبب هذا التناقض قد يكون راجعاً لطبيعة البيئات التي سُجِّلت فيها الأصوات، إذ يحبذ العلماء تسجيل أصوات الحشرات في الأماكن المفتوحة بالبرية، في حين أنَّ الدبلوماسيين شكوا من سماع الأصوات المزعجة وهُم داخل مقار إقامتهم.
 
وإذا كانت الأصوات بكوبا قد سُجِّلت في غرفة، فإنَّ تركيبة الذبذبات الغريبة قد تكون بسبب الصدى الصادر عن الجدران والأرضية والسقف.
 
واختبر الباحثون الفكرة من خلال تشغيل نداء صرصور الإنديز قصير الذيل في غرفة عبر مكبر صوت واحد. وتُظهر تسجيلات الغرفة أنَّ الصوت اكتسب نفس تركيبة الذبذبات غير المنتظمة التي سُمعت في تسجيل كوبا، بل تطابق الصوتان بصورة أكبر.
 
وقال جيرالد بولاك، الذي يدرس طريقة التعرُّف على الحيوانات وتمييزها الإشارات الحسية بجامعة مكغيل الكندية في مونتريال: «يوضح البحث كيف يمكن أن ينتج عن نداء الصرصور، عند أخذ الصدى المتوقع صدوره في مكان مغلق بعين الاعتبار، أصواتٌ بقوة وحجم تلك الموجودة في التسجيل الذي قدمته وكالة أسوشييتد برس.
 
 
أجد هذا تفسيراً معقولاً تماماً». وأضاف أنَّه في حين لم تكن لديه خبرة شخصية بصراصير الإنديز قصيرة الذيل، فإنَّه لم يسبق له أن سمع عن إمكانية تسبُّب أصواتها في أي ضرر. وقال: «على حد علمي، لم يعانِ أحدٌ مشكلات صحية نتيجة لأصوات الصراصير، ربما باستثناء تصادُف الإصابة بالأرق في ليلةٍ ما».
 
المصدر: عربي بوست

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر