جهود دولية متزايدة لإنهاء حرب التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن تحت دواعي الأزمة الإنسانية الأسوأ عالميا منذ عقود، وفي هذا السياق وصل إلى صنعاء وفد أوروبي من الاتحاد ودول فيه، من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية بإيقاف الحرب، بالإضافة إلى تحركات عمانية وغيرها دوافعها المعلنة الكارثة الإنسانية.
 
وبلا شك فإن الأزمة الإنسانية اليمنية هي في الواقع أسوأ مما تقدره المنظمات الدولية التي يقتصر عملها في الغالب في حواضر المدن الكبرى وضواحيها دون أن تصل إلى أرياف اليمن الذي يشكل نسبة السكان فيه أكثر من 70%.
 
لكن الواقع أن هذه المعاناة المستمرة هي الصورة الأبرز لضعف الدولة وبنيتها ومؤسساتها منذ عقود، وتفجرت بشكل أكبر مع محاولة نظام على عبدالله صالح الانقلاب على الديمقراطية الهشة كنظام للحكم في اليمن إلى تأبيد سلطته وتوريث عائلته واستخدام كل موارد الدولة وقواها العسكرية والمدنية لأجل هذا الغرض، مستغلا تقديم نفسه كمحارب للإرهاب لكسب الرضا الدولي في تحقيق أهدافه اللامشروعة في السيطرة على الحكم متجاهلا كافة التحديات الاجتماعية والعسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية الناتجة عن هذه المحاولة.
 
مع حلول الربيع العربي وإجبار صالح على التنحي لنائبه عبدربه منصور هادي، تحالف صالح مع عائلة الحوثي الدينية المدعومة من إيران على الانقلاب على الديمقراطية مرة أخرى، وخاضا حروبا مستمرة بدأت من صعدة وأسقطت في طريقها مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية في عدة محافظات انتهت بإسقاط الجمهورية بصنعاء 2014م مستغلة الرؤية الدولية لليمن التي لا ترى فيها سوى الإرهاب، وتناقضات سياسية واجتماعية وعسكرية ومناطقية محلية شديدة التعقيد لصالحها.
 
بإسقاط صنعاء انهارت الدولة ومؤسساتها، وسيطرة تحالف الحوثي – صالح على زمام الأمور، وفشلهما في الحكم من خلال الدولة حتى بصيغة استبدادية، تلاشت هذه المؤسسات التي كانت تدير الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، لتصبح البلد في وضع ما قبل الدولة أو عصر المليشيات البدائية، كما هو واضح بشكل كبير في المناطق غير المحررة.
 
وبالتالي فإن الجهود الدولية لمعالجة الأزمة الإنسانية في اليمن بعيدا عن حل مسبباتها - وهي الصراع على الحكم بالعنف الذي قاده تحالف الحوثي مع المؤتمر الشعبي جناح صالح- لن يؤدي إلى نجاح يذكر، لأن مسببات الحرب مستمرة، كما لا يمكن حل أي أزمة من الأزمات المتفاقمة دون  إحلال سلام شامل ومستدام يتمثل بعودة مؤسسات الدولة للعمل بكامل صلاحياتها وعلى رأسها الحكومة الشرعية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والمدنية، طبقا للمرجعيات المتفق عليها دوليا وإقليميا ومحليا.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر