انهيار تحالف الانقلاب ومقتل علي عبدالله صالح المدبر الرئيسي له، كان العنوان الأبرز في اليمن خلال الشهر الفائت، بعد مقتله تلاشى المؤتمر الشعبي العام أو بوجه أدق؛ التهم الحوثي المؤتمر بما تعنيه الكلمة، مقدراته أعضاءه وأمواله ومشايخه وكل أدوات القوة والحضور لدى المؤتمر صارت تتبع الحوثي، فيما تفرقت كثير من قياداته في الخارج بين موالين لهادي وموالين لأحمد علي بالإمارات، وآخرون في القاهرة.
 
مؤخرا؛ استطاع عدد من قيادات صالح وأقاربه اللجوء إلى مأرب، لا أحد يعلم على وجه التأكيد إن كان فرارا حقيقيا  من قبضة الحوثي أم لا، فكثير من أشد أنصار صالح في الحزب لا زالوا في المناطق الخاضعة للحوثيين  صنعاء كيحيى الراعي وياسر العواضي ، خاصة مع ازدياد القبضة الحوثية على صنعاء ومنع السفر لأي مواطن من صنعاء إلا بعد يوم كامل من حجزه تذكرة السفر.
 
وبعد وصول علي صالح الأحمر قائد الحرس الجمهوري الأسبق سيء الصيت الذي صار حرسا ثوريا إماميا إلى مأرب ومن ثم غادر إلى الرياض، ومحمد القوسي وغيرهم  يبقى التساؤل التالي: ما الذي يمكن عمله معهم من قبل الحكومة في مارب أو عدن أو في غيره، وما ينبغي عمله فعليا؟
 
بالعودة إلى الوراء قليلا فقط، منحتهم المبادرة الخليجية حصانة كاملة من الملاحقة، قبل أن يقر مؤتمر الحوار العدالة الانتقالية وهو مخرج اعتمدته كثير من الدول يقوم على مبدأ تعويض الضحايا ومنع وعزل المجرمين من أي أدوات القوة والعمل والسياسة، أي يعودوا مواطنين صالحين ليس لهم أي عمل حكومي أو سياسي.
 
لكنهم –كعادة الطغاة- رفضوا العزل مقابل الحصانة واستغلوا الحصانة للعودة بشكل أقوى، ودبروا انقلابا دمويا مع جحافل الإمامة الهاشمية وسخروا القوات العسكرية التي بنوها على مدى عقود من أموال الشعب لتكون قوات عائلية تلبية لنزعات انتقامية ورغبة في احتكار السلطة بأيديهم. لكن الإمامة ليست هادي ولا تتحلى أبدا بجبن وضعف الرئيس هادي وحلفائه، فنكلت بهم كعادتها.
 
قانونا بموجب المواد 128-133-134-135 من قانون الجرائم والعقوبات تصل عقوبة كل من عمل أو اشترك أو حرض على تعطيل الدستور أو السلطة التنفيذية أو استخدم قوة عسكرية بخلاف القانون إلى السجن عشر سنوات، في حالة أحبطت المحاولة، أما إذا نتج عنها سفك دم فعقوبته الإعدام مع حق الضحية في الدية، وكل من هرب حتى الآن وعلى رأسهم علي صالح الأحمر واللواء فضل القوسي ومحمد القوسي وغيرهم كثير، مشتركون في إدارة معارك الانقلاب لمدة تتجاوز ثلاث سنوات.
 
  بعد كل هذه الجرائم بحق الدولة والشعب وبعد ملاحقتهم - التي لا يمكن التأكد منها -من قبل الحوثي هربوا إلى مأرب دون إعلان أي اعتذار منهم على خطيئتهم التي أحاطت بهم، في الحقيقة قال اللواء القوسي (التي تربطه علاقات مصاهرة مع صالح) مزيفا ومبررا لانقلابه لمدة ثلاث سنوات إنه كان يعمل جاهدا ضد الحوثي من ذمار. وهي أكبر خزان بشري لمقاتلي الحوثي، بمعنى أنهم ضد الإمامة وأنهم سيقودون الدولة مرة أخرى، فإذا تم اعتراضهم استدعوا الإمامة من جديد في دورة تشبه ما حدث أعقاب ثورة سبتمبر62م، هذا ما أوحى به مؤتمرهم الصحفي الذي عقدوه في مأرب تنفيذا لوصايا مدبر الانقلاب علي عبدالله صالح.
 
وبالتالي على الحكومة تحديدا الرئيس هادي وقوات الجيش أخلاقيا وقانونيا إلقاء القبض عليهم، باعتبارهم انقلابيين، فالجرائم لا تمحى بمجرد التوقف عن ممارستها، كما لا تسقط عن مرتكبها وإن كان قويا أو نافذا، و حتى لا تذهب تضحيات الناس هدرا، وتتكرر دورات العنف والانقلابات وإسقاط الدولة  باستمرار، وعلى الشرعية مقاومة الضغوط الخليجية -إن كانت هناك ضغوط فعلا بإعادتهم- وسيكون تفعيل القضاء تمهيدا لرفع دعاوى ضدهم من قبل الضحايا وليس من قبل النيابة العامة أفضل وأنجع وسيلة لمواجهة إمكانية عودتهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر