تركة صالح الضائعة


ياسر عقيل

يتعرض حزب المؤتمر الشعبي العام للتلاشي من خلال عمليات استقطابات من جهات عدة عقب مقتل صالح في الرابع من ديسمبر الجاري، يبدو ان التركة المتناثرة تتعرض للضياع وهو ما سينعكس سلبا على المستقبل السياسي للحزب الذي ادارة السلطة في اليمن لأكثر من ثلاثة عقود.

استطاع الحوثيون الى حد الان انهاء اي دور مؤثر لحزب المؤتمر سواء في الحرب او السياسية منذ الانقلاب، خلال الثلاث سنوات الماضية ظل صالح يوهم الجميع انه الاكثر قوة لكن الاحداث الأخيرة التي أودت به كشفت انه كان الأضعف والأقل قدرة على التفوق على حليفه المدعوم من إيران.

كثير ممن كانوا يعتقدون أن صالح يملك قوة عسكرية كبيرة المتمثلة بـ "الحرس الجمهوري" المنحل والذي كان يقوده نجله احمد، لكن الحوثيون استطاعوا ان يحكموا سيطرتهم على غالبية مخازن الأسلحة المتطورة التي تمتلكها تلك القوات، ومغادرة غالبية الجنود إلى منازلهم وإحلال بدلهم مقاتلين حوثيين.

تلك الجماهير الواسعة التي يمتلكها حزب المؤتمر وزعيمة الراحل عبارة عن كتل بشرية شعبوية بلا تنظيم أو ترتيب ولا يمكنها صناعة تحول في ميزان المعركة مع ميلشيات مسلحة، أما أولئك القادة العسكريين والقبليين فهم في الأخير محكومين بطريقة الأداء التكتيكي المنظم الذي كان غائباً في محاولة صالح الأخيرة الانقلاب على حليفه تحقيق مكسب.

الأن أصبح حزب المؤتمر في مهب التفكك بعد ان كان صالح هو الشخص الذي يجمع كل التناقضات في التكتل الواسع، ورغم أن الحز تعرض منذ ثورة فبراير 2011 إلى سلسلة انشقاقات لكنه كان باقياً كقوة سياسية مؤثرة، غير ان غياب التنظيم جعله الآن أكثر ضياعاً من أي وقت مضى بعد مقتل زعيمه.

ما بين الحكومة والحوثيون يتوزع عدد من قيادات الحزب، فيما آخرون من القيادات مصيرهم مجهول بلا أي موقف إلى حد الأن، وبعضهم تحت الإقامة الجبرية في صنعاء، وهذا التشتت مصير طبيعي للحزب الذي لم يكن أيدلوجيا وجمع كثير من المتناقضات بالإضافة إلى أنه المصالح هي من كانت تجعله الحزب المفضل لدى الكثير.

ولد حزب المؤتمر من رحم السلطة مما جعله غير مهيئ للضربة الموجعة التي تلقاها من الحوثيين في محاولة اجتثاثه عبر سلسلة ممارسات قمعية، على عكس الأحزاب اليمنية الأخرى والتي تعرضت لنفس الطريقة من قبل صالح سواء الناصريين عقب انقلاب 1978 وأيضا ما حدث للحزب الاشتراكي عقب حرب 1994 أو ما حدث لحزب الإصلاح عقب انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014.

كان صالح مولع في محاولات تفكيك الأحزاب السياسية واستطاع خلال فتره حكمة استقطاب العديد من القيادات الحزبية وتفكيك عدد من الكتل السياسية بعدة طرق كان أبرزها عملية الاغراء بالتعيينات في مؤسسات الدولة، حيث بنى شبكة كبيرة من الشخصيات العسكرية والسياسية والاجتماعية لكي تبقي صالح قويا مقابل اعطاء تلك الشخصيات مناصب كبيرة في الدولة وجملة من الامتيازات.

لا مسار واضح إلى الآن يكشف من سيخلف صالح في استعادة الروح للحزب الذي يمتلك شريحة واسعة من الأنصار والمواليين، حيث من المهم ان يبقى الحزب فاعلاً حفاظاً على السياسة في البلد من الانقراض في ظل حالة الحرب التي تشهدها البلاد من ثلاث سنوات.


المقال خاص لـ"يمن شباب نت"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر