مع كل غارة جوية للتحالف العربي يسقط فيها ضحايا مدنيون، يكون الخبر عادة مقرون بعبارة "نتيجة غارة خاطئة" في عدة وسائل إعلامية. وكان هذا – تقريبا- من باب حسن الظن بالتحالف، في البداية، لكن مع تكرر الأمر مرات عديدة، بصورة أضحت أقرب للخطيئة منها إلى الخطأ، لم يعد هناك مبرر للاستمرار في التضليل الإعلامي الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام بقصد أو بدون قصد، كون ذلك يعد تبريرا للجريمة، وانتقاص من حق الضحايا.
 
في مدينة تعز، التي – على ما يبدو- وضعها التحالف العربي كمسرح لتصفية حسابات قديمة، نجح الطيران في قتل ثلاث نساء من أسرة واحدة، صباح الثلاثاء، 14 فبراير الجاري، خلال غاراته التي استهدفت "جبل العروس"، الذي تسيطر عليه القوات الشرعية، ويبعد عدة كيلو مترات عن نقاط التماس، الأمر الذي يعزز فرضية الاستهداف المتعمد التي يتبعها التحالف – أو ربما أطراف فيه- في تصفية حساباته مع الشرعية اليمنية.  
 
الغارات الخطيئة في اليمن، بدى وكأنها حولت اهتمامها خلال الفترة الأخيرة من الأهداف العسكرية لميليشيا الحوثي وصالح، إلى الأهداف المدنية، ومنازل وممتلكات المدنيين، الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب، وقد أصبحوا هدفا لطيران التحالف، الذي دخل على خط منافسة الانقلابيين، في قتل الأبرياء، وتدمير الأرض والإنسان.
 
خلال الفترة القصيرة الماضية، استهدف التحالف العربي عدة مواقع مدنية ما تسبب باستشهاد وإصابة العشرات، وحقق تقدما باهرا في ضرب الأهداف المدنية، مقارنة بالأهداف العسكرية المشروعة، وهو ما يطرح تساؤلات عن السبب وراء تصاعد وتيرة القصف المتعمد لمنازل وممتلكات المواطنين، وإزهاق أرواحهم، في مقابل عدم الاهتمام بالأهداف العسكرية الواضحة، والمحددة، ومنها العروض العسكرية الضخمة للميليشيا في أكثر من مكان.
 
في الأسابيع الأخيرة، نظم الانقلابيون عروضا عسكرية ضخمة في الحديدة وتعز والبيضاء وغيرها من المدن، وشارك في هذه العروض قيادات عسكرية وميدانية بارزة، ودبابات وأسلحة ثقيلة، ومئات العناصر الميليشاوية، وألقيت خلال هذه العروض كلمات وخطب استعراضية، استعلائية، وكانت هذه العروض تستمر لساعات، دون أن يتعرض لها طيران التحالف العربي بأذى...! وهو الذي كان ينجح في قصف مركبات متحركة للميليشيا في بادئ الأمر بدقة متناهية، قبل أن يتعامى عن رؤية ألوف مؤلفة من عناصر الميليشيا بكامل عتادهم وسلاحهم وحضور قادتهم، ويتحول إلى قتل نساء وأطفال بذريعة الخطأ والنسيان، وهو يعلم أن الضحية وإن ناله النسيان، فالتاريخ لا ينسى، وسيوثق لهذه الجرائم المتعمدة، جنب إلى جنب مع جرائم الحوثيين وصالح، في صفحاته السوداء.
 
يتساءل كثيرون: كيف يمكن للتحالف العربي، الذي أعلن التزامه القانوني والأخلاقي في الدفاع عن الشعب اليمني ودعم الشرعية اليمنية، أن يرضى بأن يصبح أداة لتنفيذ مشاريع استعمارية، وأداة لإزهاق الأرواح وتدمير ممتلكات المواطنين؟ بينما حشود الانقلابيين، تسرح وتمرح في عروض عسكرية مكشوفة، دون أن تتعرض حتى لغارة خاطئة للتحالف العربي، كتلك التي يجيدها في مواقع الجيش الوطني، والأحياء السكنية في أكثر من منطقة على امتداد الأرض اليمنية...!!
 
والإجابة على هذا السؤال، في اعتقادنا، تكمن في أن الغارات المتعمدة للتحالف العربي، والتي يصفها البعض بالخاطئة، دخلت على خط الحسابات الضيقة، منذ أن قررت الحكومة الإماراتية، بدء تصفية حساباتها في الميدان اليمني، لتحقيق مكاسب خاصة بها، وستتصاعد وتيرة هذه الغارات طالما بقيت رهينة الحسابات الإماراتية.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر