القات على مسرح الحرب


مصطفى ناجي

الحدث الأهم يمنياً هو عودة القات الحبشي إلى عدن بعد ستة عقود من الغياب. لهذا الأمر أهمية اقتصادية واجتماعية وسياسية ايضا.
 
وأنا قبل أي حديث أدعو الحكومة إلى تحديد تعريفة ضريبية عالية تتناسب والمخاطر والتبعات المحتملة لاستحواذ سلعة القات.
 
بحسب تقرير للبنك الدولي لعام 2007 يمثل القات 6٪ من إجمالي الناتج القومي أي إننا أمام سلعة رقم أعمالها يقارب 6 مليار دولار.
 
وقد وصلت زراعة القات في اليمن إلى حالة اجهاد. سواء اجهاد الموارد المائية او اجهاد التربة خصوصا في مناطق المرتفعات الملائمة لزراعة القات.
 
لذا هناك اقحام لزراعة القات في مناطق وديان محاصيل زراعية وحبوب وفواكه مثل تعز ولحج والبيضاء وذمار واب. معظم الصور الخضراء للمناطق الجبلية التي ترونها عن اليمن هي صور لمزارع قات للأسف الشديد.
 
للقات -على غرار منبهات ومنشطات ومؤثرات ذهنية أخرى في مناطق العالم- حكاية غريبة في كل مناطق الصراع في القرن الأفريقي. يتصارع المتحاربون دون اخلاق الحرب على كل شيء إلا سلعة القات فيضعون له اعتبارا خاصا. بل أن القات معيار اجتماعي لشعبية الحركات الاجتماعية والدينية.
 
لذا بعد فشل الشباب في الصومال في وضع سياسات حد لتجارة القات تساهل تنظيم القاعدة في اليمن مع استهلاك القات. وإذا نظرتم إلى الحوثية فإنها حركة قاتية بامتياز حتى إنها جعلت من المساجد مجالس قات ولم يفعل أحد قبلها ذلك من اليمنيين.
 
وكذلك حال القات في مناطق الاحتراب والنفوذ في اليمن. ولا أظن أن دخول القات الحبشي (الذي يختزل باسم الهرري بينما هو أنواع متعددة) إلى اليمن سيخلو من اثر سياسي وسيخرج عن تواضعات الحرب والهدنة.
 
القات القادم إلى أكبر مدن مناطق سيطرة الشرعية يأتي من مناطق سيطرة الحوثي. خذوا مارب مثالاً. ولكم أن تسألوا كيف أن الطرق مغلقة بينما يصل القات بيسر وأسعار ما تزال معقولة رغم هذه الحرب.
 
ويدرك الحوثيون أهمية القات في استحلاب العملة المحلية ومداخيل الناس في اليمن وفي مناطق الشرعية. تسير الأموال باتجاه واحد لا غير.
 
عموماً، القات عامل موحد لثقافة اليمنيين. والانقسامات السياسية ليست اكثر من طمع للسلطة دون تضميد مفارقات ثقافية تصل إلى سك هويات مختلفة كما يتوهم البعض. هذا ليس مديحا في القات ولكن مجرد كشف لحقيقة اجتماعية يتهرب منها الهوياتيون ذي العمى الايديولوجي ونزعة الانفصال.
 
مؤقتاً لستُ مع منع استيراد القات ولكن مع تقنينه وتعويض مداخيل الشرعية لمعالجة تبعات الاستيراد حتى يتبين الأمر بعد مدة.
 
العلاج الحقيقية للمشكلة برمتها ليست المفاضلة بين قات بلدي وقات مستورد انما بطرح حلول اجتماعية وثقافية لتجاوز هذه الآفة. حلول لا تمثل استعلاء ثقافيا ولا خواجاتيه جوفاء. ولا أظن أن الحلول قد تولد من رحم الحرب.

(من صفحة الكاتب)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر