الحروب الصليبية وطوفان الأقصى


سلمان المقرمي

يتقاطر قادة الدول الاستعمارية المسيحية بزعامة الولايات المتحدة والدول الأوربية وقادة حلف الناتو إلى العدو الصهيوني لدعمه والاصطفاف خلفه في الحرب الإجرامية التي يشنها ضد المقاومة العربية في فلسطين.
 
رغم فارق التسليح والقوة الهائل بين العرب وإسرائيل، فضلا عن أنه لا مقارنة على الإطلاق بين قوة حركة حماس وقوة الغرب وإسرائيل من جميع النواحي إلا أن كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية اقتحموا في السابع من أكتوبر المجيد قبل عشرة أيام الأراضي التي احتلتها إسرائيل بدعم الغرب الاستعماري في عام1948، وسيطرت على عدة مستوطنات واقتحمت معظم القواعد العسكرية الصهيونية المحيطة بغزة وأسرت كبار قادتها وقتلت المئات منهم في مشهد مهيب وزلزال مدو على النظام الاستعماري الذي أنشأه الغرب الاستعماري منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
 
إن المقاومة الفلسطينية حشدت قوتها في ذلك اليوم الناصع وعملت من خارج قواعد النظام الدولي الذي أسسه الغرب الصليبي، وظهرت صليبيته في تصريحات القادة الأوربيين والأمريكيين وإرسال قواتهم إلى إسرائيل للدفاع عنها بشكل يتهيأ لأي مستمع أو قارئ أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة حشد قواته لمواجهة الصين وروسيا وليس لمواجهة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية.
 
بالحقيقة أعادت المعركة التي أعلنتها المقاومة الفلسطينية وما تلاها من تحشيدات أوروبية أجواء الحروب الصليبية التي أرسلتها أوروبا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر إلى فلسطين، أو هكذا تعامل معها الغرب على الأقل إلى الحد الذي دفع بوزير الخارجية الأردني أن يقول في تصريح له اليوم عقب مجزرة غزة إنه يخشى أن تتحول المعركة الجارية والقصف الإسرائيلي البشع على غزة إلى حرب بين العرب والمسلمين وبين الغرب.
 
ما يحدث على أرض الواقع هو صحيح من ناحية الغرب على الأقل الذي أرسل أعظم قواته وأحدث أسلحته وتعهد بحماية إسرائيل من الزوال والهزيمة لكن بالمقابل فالعالم العربي لم يبدأ بعد حالة التحشيد استعدادا لتلك المعارك التي ينبغي أن تكون نتيجتها حتما التحرير والانتصار وتحرير القدس ورد الكرامة للعالم العربي.
 
غير أن التداعيات التي حدثت وستحدث في المستقبل القريب تقول إن النظام العربي القائم بعد الحركة التحررية في منتصف القرن الماضي يمضي سريعا نحو الزوال، بسبب الاستبداد، وتعمل إيران الفارسية على استغلاله وتحويله لصالح المشروع الاستعماري الفارسي بغطاء القومية والإسلامية الشيعية وأدت بقوتها إلى تدمير عدد من الدول العربية مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان.
 
الأهم من كل ما حدث أن المجتمع العربي صار حاسما في مواقفه ويعرف أن سقوط الغرب أخلاقيا وقيميا وخروجه عن القواعد الدولية التي عمل على بنائها وحمايتها منذ عقود، وبالتالي صار المجتمع العربي يبحث عن ذاته في أتون هذه المعركة لمناجزة الاستبداد في الدول العربية الجمهورية على الأقل، الأكثر استبدادا والأقل استقرارا، بالتزامن مع مواجهة عظيمة يخوضها ضد الاحتلال الفارسي الإيراني والاحتلال الإسرائيلي، بما يمهد لتحرير فلسطين واستعادة بناء الدولة العربية بصورة حديثة قوية بأي صيغة سياسية متفق عليها، كما فعل العرب أثناء التصدي للحروب الصليبية وتحرير القدس قبل ألف سنة من الآن.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر