تقدمت الجهود الدبلوماسية مؤخرًا في مفاوضات حل الصراع في اليمن، بتوجه الوفد الحوثي إلى السعودية، وتقول التسريبات الإعلامية إن هناك تقدمًا في عدد من الملفات أهمها المرتبات.

ترجع صحيفة الأخبار اللبنانية، المقربة من حزب الله حليف الحوثي، أن التقدم في ملف المرتبات؛ نتيجة الضغوط القوية التي قادها نادي المعلمين، واحتجاجات قطاعات عدة من شريحة الموظفين، لكن مسألة تسليم المرتبات هي جزئية صغيرة، في الملف اليمني، رغم أهميتها لمئات آلاف الموظفين، وقد حقق الدور البارز للموظفين بقيادة المعلمين، أثرًا حاسمًا في تقدم المفاوضات.

مع ذلك، تشكل الأزمة الاقتصادية في اليمن، جوهر الصراع، وبما أن اليمن دولة شحيحة الموارد الطبيعية، فضلا عن الفساد الهائل في قطاعي النفط والغاز والتوظيف في الحكومة، فإن التنمية الاقتصادية في البلاد لا يمكن أن تأتي إلا عبر دور مكثف للقطاع الخاص.

يشغل القطاع الخاص 80% من اليد العاملة في اليمن، قبل الانقلاب، ولديه خبرات واسعة في التنمية بحكم دوره في الاقتصاد الوطني منذ الجمهورية، وتقع الآمال الحقيقية في إنعاش اقتصادي فعال عليه. 

وبما أن المفاوضات الدائرة في الرياض حاليًا، تقترب من الوصول إلى تسوية مرتقبة وفق التسريبات، أو على الأقل، وفق الآمال، ينبغي على الساعين من الحكومة، ومن الوساطة الأممية، والسعودية والعمانية، السماح للقطاع الخاص لأن يكون طرفًا رئيسًا في المفاوضات، خاصة فيما يتعلق بالترتيبات الاقتصادية، وبإعادة الإعمار.

على مدى أشهر طالب الاتحاد العام للغرف التجارية بصوت عال بأن يكون له وفد في مفاوضات الصراع اليمني، المتعلق بالجانب الاقتصادي، وأن يكون دوره حاسمًا فيه، إن أراد الوسطاء والحكومة وحتى الحوثي سلامًا حقيقيًا.

إن الهجمات التي يتعرض لها القطاع الخاص، تجعل من أي سلام يسعون إليه بدون وجود ممثل قوي وفاعل للقطاع الخاص، سينهار بأسرع من المتوقع، ذلك أن حلول مليشيا الحوثي، وأهدافها، وكذا الطرف الآخر وإن كان بينهما فرق، إلا أنهم لا يأبهون كثيرًا للمشاكل الاقتصادية الأخرى، ولا لمصالح الآخرين.

من المتوقع إن نجحت التسوية أن يكون هناك إعادة إعمار، وبدون مشاركة القطاع الخاص ستفشل تلك الجهود، بل سيتصارع الطرفان مرة أخرى، على الاستحواذ على الفرص الاقتصادية التي توفرها برامج إعادة الإعمار. 

وفق إصدارات اتحاد الغرف التجارية، فإن البرهان الحقيقي لجدية المفاوضات، وجدية معالجة أسباب الحرب وجذورها، يتوقف على مشاركة القطاع الخاص في صياغة الحلول الاقتصادية، التي تقوم على السوق الحر، والكفاءة والمنافسة، والجودة، وتشغيل الجانب الأكبر من العاملين في اليمن. 

يمكن للحكومة أن تسعى جدية إلى مشاركة القطاع الخاص والاعتماد عليه في مفاوضات الملف الاقتصادي، وأن تعمل بصدق على أن يكون للقطاع الخاص دور عبر وفد يختاره اتحاد الغرف التجارية والمؤسسات الخاصة التي تمثله وأن تستمع وتأخذ بآرائه وتعطيه المساحة الكافية لذلك، بما يؤدي إلى كسب شريحة واسعة ومؤثرة فيه.

يعيد كتاب كبار عن التاريخ الاجتماعي للثورة اليمنية في ستينيات القرن الماضي، الفضل بشكل واسع للقطاع الخاص في نجاح الثورة، وفي البناء الذي تحقق أثناء الحرب قبل فترة المصالحة، وبما يعني أن القطاع الخاص في جوهره جمهوري ديمقراطي، يسعى إلى فتح الأسواق وإعلاء قيم العمل والمنافسة والكفاءة، وتوظيف الشباب ويقود بقيمه تلك نحو فتح الآفاق السياسية الواسعة أمام الديمقراطية وتنميتها.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر