الغضب الذي كان يتقد في صدور الناس، تحول إلى شعارات في مارس من السنة الماضية، وفي مارس الجاري تحول إلى فعل حقيقي على الأرض، في محافظة إب، جنوب صنعاء.
 
صدح الآلاف بهتافات ثورية، مضادة للحوثي، تنشد تقويض حكم الحوثي، ومناهضة خطابه الديني، وإنهاء سلطته السياسية والاجتماعية.
 
في تعليق لعلي هاشم المتخصص بالشأن الإيراني كتب تعليقا مهما عن الحراك الثوري الإيراني بسبب مقتل مهسا اميني من الممكن أن ينطبق على ما جرى في جنازة المكحل رحمه الله بشكل ما. كتب علي هاشم عن الحراك الإيراني بعد أسبوعين من انطلاقته "القضية ليست في أعداد من نزلوا، بل في نوعية الحراك الذي امتدّ في مناطق مختلفة واخترق طبقات المجتمع والقوميات كما لم يحدث سوى في أعقاب انتخابات عام 2009 الرئاسية، والتي شكلت يومها الصدع الأول الحقيقي بين النظام الإسلامي وشرائح مجتمعية من البيئة الحاضنة للثورة".
 
وفي حالة المكحل، جميع اليمنيين ترقب وتابع بشغف وحماس، ما أحدثه المكحل في خطاباته، على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي شمل نقدا صريحا لعبده الحوثي، وخطابه الديني، وطريقة حكمه التسلطي والعنصري،  ورفضه الشديد للتمييز العنصري الذي ينتهجه الحوثي.
 
خطاب المكحل وجنازته، رسمت صورة واضحة للعلاقة بين الحوثي وبين الشعب في مناطق سيطرته، علاقة تقوم صراحة على العداء في أشد صوره عداء وأن الطرفين يقفان على طرفي نقيض، لا يمكن أن يلتقيا في خط وسط.
 
وبينما أراد الحوثي وزبانيته دفن المكحل ومشروعه الفردي المقاوم، وقع في شر أعماله، وفتح بابا واسعا للثوار والغاضبين لاستلهام سيرة المكحل وموقفه، شارك فيه حتى النساء.
 
جنازة المكحل، دفعت عبده الحوثي، إلى إلغاء محاضرته المعتادة في رمضان أمس السبت، وتحولت إلى خطاب ناري من شخص يائس يرى الشعب يثور ضده ويريد أن يصرفه تجاه التحالف.
 
هدد الحوثي وأرعد وأزبد على غير حديثه منذ سنة على الأقل، وكان أهم ما قاله الحوثي بعد أن هزت جنازة المكحل ثقته بمليشياته وعصبته، أنه سيتفرغ لمواجهة الطابور الخامس، وقال الحوثي صراحة إنه سيتعامل مع أي تحرك شعبي ضده على أنه عمل حربي عدائي يقوض مسار التهدئة.
 
إذن، نجح المكحل ومشيعوه في هز أول أركان دولة الحوثي الباغية وتقويض بعض أسسها. بطولة المكحل ومشيعيه، له تقف عندما حدث في الأول من رمضان الجاري، بل هي الخطوة الأولى.
 
وعند النظر إلى سياق ما جرى، سيجد المتابع أن ما قام به المكحل حيا وميتا يأتي في إطار مسلسل من المقاومة بدأ بهزيمة الحوثي على أبواب مأرب وشبوة، ووصل إلى رفض القبائل تجنيد مزيد من أبنائها في صفوف المليشيا، ثم انتشار دعوات الغضب على شوارع صنعاء واب والحديدة السنة الماضية بهتاف ارحل يا حوثي، وصولا إلى مظاهرات عارمة ومفاجئة للحوثي ولغيره في كل من أمانة العاصمة والحديدة وإب في ذكرى سبتمبر السنة الماضية التي هتفت للجمهورية ولكن لم تهتف ضد الحوثي، ونقلتها جريمة قتل المكحل إلا هتاف علني ضده رغم كل آلة البطش الحوثية وخبراته الإيرانية.
 
وسيشهد المستقبل مزيدا من الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المناهض للحوثي، ولكن يكون بامكان الحوثي مواحهتها حتى بإعادة إشعال المعارك ضد التحالف والحكومة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر