خطورة الموقف في البحر الأحمر


سلمان المقرمي

 منذ عقد على الأقل لم نسمع بأي عمليات خطف وقرصنة للسفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حتى فجر الثالث من يناير سنة 2022 حين تقرصنت المليشيا الحوثية الإيرانية على سفينة سعودية.
 
يمنيا؛ منذ بدء الحضارات اليمنية قبل آلاف السنوات كانت حضارات برية، وليست بحرية، اعتمدت على طرق التجارة البرية والصناعة والزراعة، وليس هناك نقوش كثيرة تتحدث عن الغزوات البحرية رغم السواحل الطويلة للبلاد.
 
تقول أبحاث إن انهيار السد والجفاف الشديد دمر الحضارات الشرقية في اليمن مثل حضرموت وقتبان وأوسان ومعين، وانتقلت حمير بعد بدء الميلاد للمناطق الباردة والماطرة وعلى مقربة من البحر الأحمر بعد اكتشاف الطرق البحرية في القرن الأول للميلاد.
 
لاحقا غزا الرومان والأحباش قبل الإسلام اليمن عن طريق البحر، وبعد الإسلام الفاطميون والمماليك والأيوبيون والبرتغال والعثمانيون والانجليز وحتى عبدالعزيز بن سعود، كلهم انتصروا في البحر، لم يهزم اليمنيون دولة في البحر.
 
لا يمكن القول إن الحوثي هو من تقرصن على السفينة الإماراتية التابعة للتحالف، بل الحرس الثوري الإيراني، صاحب المهنة الوحيدة في المنطقة الذي يمارس القرصنة والتهريب والغزو والاحتلال والتدمير.
 
إن دلالة القرصنة على السفينة في ذكرى مقتل سليماني تأتي بمثابة رد إيراني على مقتل أسطورتها بطريقة مذلة، بدون أي رد إيراني فعلي، وهو أمر حطم عشرات آلاف التصريحات الإيرانية بقوة فارس التي قتل بطلها عمدا.
 
الرسالة الأهم في القرصنة البحرية أن إيران بدأت مرحلة جديدة من احتلالها اليمن، فهي لم تأتي اليمن للبقاء فيه، ولكن لتوظيفه في مصالح النظام الإيراني ذاته التي تتجاوز الملف النووي، وصار أهم أوراق الإيرانيين في السياسات الداخلية والخارجية، ووجودهم في اليمن على ما يبدو صار مرتبطا بانهيار النظام الإيراني، أو مقاومة شديدة مسلحة وغير مسلحة لعقود طويلة.
 
كما تأتي عملية القرصنة بعد أسبوعين فقط من الإعلان على هلاك حسن أيرلو ضابط الحرس الثوري البارز في اليمن، وما يعرف باليمن بالحاكم العسكري للحوثيين الذين يحتلون شمال البلاد، فيما بد ا وكأنه رد إيراني على هلاكه.
 
كما يأتي الهجوم البحري الذي يخترق اتفاقية السويد التي تنص على أن موانئ الحديدة الثلاث يجب أن تكون بعيدة عن ساحة المواجهة، وأوقفت الدول الكبرى والأمم المتحدة تحرير الحديدة لأجل هذه المسألة فيما تلتزم الصمت حاليا تجاهها.
 
المرعب في عملية السيطرة الحوثية على السفينة يكمن في طريقة تعامل النخب اليمنية والحكومة نفسها مع هذه الحادثة.
 
تقول حقائق الانتصارات العسكرية والدول إن من يسيطر على البحر ينتصر في البر، ولم تثر الحادثة أي رد فعلي واعية تعكس حجم السيطرة الإيرانية ودخولها هذه المرحلة من القوة الهائلة التي تجعل باب المندب والبحر الأحمر بالفعل تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، ذلك أن مائة هجوم للحوثة على السفن التابعة للتحالف والسفن التجارية فشلت، فيما نجح قرابة 15 هجوما بحريا، وهو نسبة لا يكفي طهران لفرض ما تريده، ربما كان الأمر كذلك.
 
غابت الحكومة باستثناء بيان هزيل من وزارة النقل، وغابت الأحزاب السياسية والقوى البارزة في اليمن في كل مكان عن أي ذكر للحادثة، التي تمثل رمز الإذلال الإيراني لليمن.
 
ينسف الهجوم الإيراني تقريبا الاتفاقات الإماراتية الإيرانية في الحديدة التي حدثت مطلع نوفمبر الماضي، ويفهم على نطاق واسع بأنه رسالة إيرانية أخرى تجاه الإمارات أن تقف عثرة مرة أخرى في وجه أي تقارب بين القوى السياسية والعسكرية في اليمن خصوصا بعد أن كانت تشعر طهران بالانتصار الحاسم في مأرب.
 
أدت التطورات في شبوة بعزل بن عديو وعودة النخبة والقوى الجنوبية الموالية للمجلس الانتقالي إلى توحيد المعركة بدلا من تفجيرها، بفعل نباهة ووعي بن عديو نفسه وحزبه في سياق المعركة المرتبطة بمأرب واليمن عموما، ذلك أغاض الإيرانيين وأدخلهم في هستيريا جنونية، فهم لم يتوقعوها على الإطلاق، خصوصا أن تلك القوات في شبوة بالضرورة ستعمل على تخفيف الحرب عن مأرب بجميع الأحوال بغض النظر عن هدف الحرب هناك بيحان أو ما بعد بيحان، ويبدو  الرسالة الإيرانية أن توقفوا عن أي تحرك عسكري يعرقل الهجمات الحوثية ويكسرها.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر