السماء خيمة كل المشردين!


فكرية شحرة

  في هذا الشتاء الذي أقبل بصقيعه يمر خبر مفاده أن أسرة يمنية مكونة من أب وأم وطفلهما المريض بسرطان الدم يلتحفون أحد أرصفة القاهرة بعد عجزهم عن سداد الإيجار ونفاد ما أتوا به من مال لعلاج ولدهم.
 
خبر كهذا يحرق أفئدة العاجزين عن المساعدة فقط أما ساكني فنادق الرياض وفلل اسطنبول وأبراج القاهرة وطيرمانات صنعاء لا يقرأون أخبارا كهذه !!
 
يتابعون أخبار أرباحهم الطائلة من المضاربة بالعملة والمتاجرة بالسلاح وأقوات الناس وأسعار العقارات على ضفاف البوسفور ويفكرون بجدية في إحلال السلام كي تزيد أرصدتهم من قبل رعاة سلام الحوثي الذي قتل وشرد شعبا بأكمله.
 
وحدهم من في خيام النزوح يعرفون قسوة التشرد في العراء وانقطاع السبل والعجز في كل الفصول إلا أن الشتاء من يرعبهم.
 
البرد الذي يخلف مأسي لا ترحم من المعاناة والأمراض والموت الذي لا ترده ستائر الخيام أو مزق الأقمشة والأكياس البلاستيكية.ارتجاف الأطفال في المخيمات ترتجف له أفئدة الأمهات والرياح تعصف بحيواتهم مثل سواتر الخيام.
 
تتوقف آمال النازحين والمشردين والمنقطعين في كل مكان عند مساعدة يقدمها فاعلو الخير أما الدولة فمهمتها المتاجرة بأرواح الناس وأقواتهم  وأما المنظمات التي تكتظ بها مأرب فأقصى ما تقدمه هو السلال الغذائية كفائض عن صرفيات إثراء القائمين عليها.
 
مصير المشردين جميعا لا يحرك ضمائر تجار الحروب إن كان لهم ضمير!
 
وإلا كيف تصوغ ضمائر هؤلاء تقاعسهم وخذلانهم لشعبهم الذي حملهم المسؤولية وقبل بهم ليكونوا نخبه الذين يتحدثون باسمه ويدافعون عن مصلحته ليبيعوه لكل من يدفع لهم !
 
كيف تحول أبطالنا إلى حصالات أرصدة وعقارات بعد أن حملناهم على أكتافنا وبأقلامنا أبطالا وجعلنا صورهم واجهات لنا وأصواتهم ناطقة بأحلامنا فوأدوها بخذلانهم ونكوصهم واكتفوا بإقامة مؤسسات التكسب باسم شعب داسوا على كرامته.
 
أي سلطة طاغية للمال أو الخوف كي يستبدلون خلود الأحرار ومواقف الرجال التي أبرزتهم للواجهة ليسلكوا طريق الذين أضلوا شعبهم وضللوه !
 
فاحت رائحة ثراءهم الفاحش من فقر الناس وجوعهم فأين عمر ليقول لهم: من أين لكم هذا ؟!
 
هل كففتم عن العمالة لمن يدفع أكثر وعلمتم أنكم تكتبون صفائح تاريخكم الأسود بتخليكم عن مواقف الشرف من أجل مساكن وأموال لن تخلدكم إلا في الملاعين.أليس في نخبنا من يخاف الله في هذا الشعب بدلا من الخوف من الممول وانقطاع المال ؟!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر