الحاجة لنقد الموروث الديني


فكرية شحرة

 إذا كانت الديانات السماوية طالها التحريف والتبديل، فالتاريخ ملغوم وملوث ومكذوب فيه..
 
عبارة "التاريخ يكتبه الأقوياء" لم تعد واقعية كثيرا، فالتاريخ يكتبه كل طرف بحسب هواه، ويكتبه حتى الأغبياء والسفلة أيضا..!!؛ تكتبه الطائفية، والأهواء السياسية، والأحداث التي لم تحدث بعد بهدف التهيئة لها بجذور في التاريخ.
 
وبعد أن حلت الكارثة الإمامية باليمن، مؤيدة بهذا الموروث التاريخي والحق الإلهي المُثبتْ بالنصوص، تنبه الكثيرون أن الأمر ليس هلوسة جماعة تريد أن تسود فقط؛ بل أنه حق إن لم تؤمن به فأنت منافق وكافر بهذا الدين القويم..!!
 
لذا انتفضت عقول كثيرة تنبش في هذا الموروث الذي سيّد هذه السلالة على رقاب الخلق، وصار حق البحث واجبا على كل من يرى الاسلام دين حرية أولا وأخيرا.
 
حتى أننا أصبحنا مدينين بالشكر لجماعة الحوثي. فبفضل وجودهم المثخن في حياتنا هدم معول العقل تلك الجُدر التي وقفت طويلا في وجه البحث في هذا المضمار، وصار العقل اليمني الراكد ينساق بقوة لجهود مراجعة التراث الملغوم من قبل عنصرية هذه الجماعة، ورديفاتها، على مر التاريخ الاسلامي.
 
استيقظ اليمنيون مؤخرا من غفلتهم، ينقبون في موروثهم الخاص؛ من قصص تاريخية وعبارات وأمثال وأغاني شعبية وأناشيد أعراس ومناسبات وأضرحة وشواهد، في كل نواحي حياتهم، التي لغمها ذلك الفكر العنصري الطائفي الذي يصطفي هذه السلالة، ويجعل ما دونها مجرد عبيد ومحكومين فقط، عليهم أن يتوسلوا بهم الله والجنة، وإلا فعقيدة اليمني فاسدة وهو منافق، حسب زعمهم..!!
 
منذ القدم، مضى الأماميون، ومن بعدهم الحوثيون، بشكل متدرج لفرض هيمنتهم الدينية، ومازالوا حتى اليوم يمارسون هذا التدرج بصبر لفرض فكر يضمن لهم هذه الهيمنة القدسية بحق إلهي لا يجوز معارضته شرعا..!! وهذا التدرج هو ما نحتاجه لدحض أكاذيبهم وخرافاتهم.
 
مشكلتنا أن هناك عقول حين تفكر بالتغيير تبدأ بخلخلة سفاسف الأمور التي تتخلل اعتقادات الناس؛ وهذه السفاسف هي التي يستميت الناس في الدفاع عنها، لتنسف فكرة التغيير من جذورها. كمن يأخذ من أسفل الجبل ليختل فإذا هو ينهار على رأسه.
 
إن خلخلة المعتقدات الموروثة، الملازمة للعقلية الجمعية، أصعب من اخماد حرب أو اشعالها؛ إنها حرب الفكر القائمة منذ بدء الخليقة.
 
ومن الكارثية أن يتصدر هذه الحرب من هو ليس أهلٌ لها، فكل حرب لها عدة وعتاد وأسلحة وتدريب عقلي مكثف. وتناول القضايا الفكرية بجهالة وغباء يفسد الأمر فقط.
 
للأسف؛ تراثنا الديني والشعبي جزء من المشكلة، إن لم يكن أساس المشكلة، ويحتاج لأنفاس طويلة لا تتهاون في رصد الخرافات ودحضها، حتى لا يأتي يوم لا يتعرف فيه البسطاء على الصائب في معتقداتهم من الخاطئ، وتصادر حرياتهم باسم الكهنوت الديني الذي تبشر به هذه الجماعة الفاشية.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر