أدب ما بعد الانتفاشة


فكرية شحرة

 يعد أدب الحرب إبداع ومقاومة في مواجهة الحروب، ونوع من أنوع الدفاع عن الحياة ضد الموت والفناء..
 
فمنذ أن ظهر الأدب الإنساني، كانت الحرب هي إحدى مواضيعه البارزة. بل كانت الحرب موجودة في صميم النصوص الأولى التي تشكل ميراث الإنسانية المكتوب، وهي إحدى المواضيع الأساسية في أعمال الصحفيين والكتاب والأدباء والشعراء والروائيين.
 
برزت الأعمال الأدبية التي تتناول الحرب في اليمن، وأصبحت هي السائد في كتابات اليمنيين التي صدرت مؤخراً، والتي تُعرض في معرض الكتاب الدولي في القاهرة. هذا البروز اللافت، يظهر الدور المهم للأدباء والمثقفين في مناهضة الحروب من خلال كتاباتهم، لا سيما في الدول التي ما زالت تعاني من ويلات الحرب ولم ترفع أوزارها بعد.
 
تنوع إصدار الكتاب والأدباء اليمنيين بين الأدب والفكر والبحث.. وكلها انتاجات تصب في قضية احياء الهوية اليمنية ومناوئة الحرب. هذه الغزارة في الانتاج الثقافي والأدبي تثير الفخر والسعادة، رغم مأساوية الحرب وتردي الوضع المعيشي لكثير من الأدباء والمثقفين المهجرين خارج الوطن.
 
رغم بشاعة الحرب، كموضوع للكتابة، إلا أنها صارت المحك لكي تصفي الأقلام، وتصطف مع الإنسان المظلوم وتنصفه أمام التاريخ أولاً، وأمام الحاضر ثانياً. فالأدب من سجلات التاريخ التي تعود إليها الأجيال لمعرفة الحقائق وسير الشعوب.
 
وللأسف؛ الجانب الإنساني في اليمن يعد نبعاً غزيراً لهذا النوع من الأدب الذي غلب على الكتابات. فأينما ولى الأديب والكاتب والشاعر، وجهه، لن يرى سوى خيوط المأساة ينسج منها كتاباته.
 
وهذا النوع من الأدب الإنساني يعد رديفاً للكتابة في مجال الفكر، والبحث حول الهوية اليمنية وصراعتها الفكرية والمذهبية الطائفية التي تسببت بكل هذه الكوارث الإنسانية. 
 
الكتابة الأدبية ليست عرضا للمأساة فقط؛ بل هو وسيلة للبناء أولاً.. بناء الإنسان الذي هشمته الحرب وإعداده نفسياً وروحياً من أجل السلام العادل دون هضم وغبن.. هي بناء المستقبل بعبرة الحاضر الذي تفرضه الحرب على الإنسان.
 
وهذا هو دور الكاتب والأديب، وليس النواح والتدليس أو التزييف. فصراع الأمة اليمنية مع الإمامة الحوثية طويل، امتد لألف ومئتي عام، نشأت خلالها أفكار خاطئة في ذهنية الإنسان اليمني؛ عن موقعه ومكانته ومستوى معيشته، وصارت من مسلمات الحياة لديه..!!
 
ومن هنا، يأتي دور الكتاب والمثقفين والأدباء والباحثين، كقوة وجيش ثقافي يدحر ظلام العقول الحاصل، ويزيح السخام عن طبيعة حياة الإنسان اليمني، الفخور بوطنيته ودينه وأرضه ومكانته.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر