بذلت إيران جهودا كبيرة، لتصدير مشروعها الطائفي في الحزام السنّي المحيط بها، بعد أن تهيأت لها ظروف مواتية بدأت مع الاحتلال الأمريكي للعراق، البلد الذي خاض حربا مع إيران تأخر على إثرها تصدير المشروع الإيراني لعقدين من الزمن.
 
بالنسبة للولايات المتحدة لم يكن احتلال العراق وتدميره عام 2003، من قبيل تدمير القوى السنية الصاعدة فحسب، بل إسقاط أكثر من ألف عام من الحكم السني للعراق، كما صرح الحاكم الأمريكي المدني السابق للعراق بول بريمر، وهو ما حدث فعليا من خلال تمكين الأذرع الشيعية العراقية الموالية لإيران من السلطة، ليصبح القرار العراقي فعليا بيد إيران.
 
التوسع الإيراني في المنطقة العربية لم يكن صدفة استغلت حالة الفوضى السياسية التي عاشتها المنطقة، بقدر ما كان سياسة إيرانية أصيلة وجدت في هذه الحالة الموعد الأنسب للتمدد ونشر مشروع الولي الفقيه، وساعدها في ذلك النظام الوظيفي العربي الذي ما يزال حتى الآن يلاحق الجماعات السنية باعتبارها أشد خطرا عليه من إيران وجماعاتها.
 
في حين كانت إيران تمتلك مشروعا لابتلاع المناطق السنية، كانت هذه النظم الوظيفية، تمهد لها الطريق من خلال حملة كبيرة لاستئصال وإزالة المكونات السنية المؤثرة، التي كان يمكن لها أن تشكل عقبة أمام التمدد الإيراني، أو تأخير تمدده على الأقل.
 
بكل أريحية، تشيّع إيران اليوم الكثير من المناطق والأحياء السنيّة في العراق والشام واليمن، مستخدمة التغيير الديموغرافي وطرد السنّة كما حدث في العراق والشام، أو الحملات التبشيرية وبذل الأموال كما يجري في بعض مناطق سوريا، أو تغيير المناهج الدراسية وضرب المراكز التعليمية السنية، كما حدث ويحدث في اليمن.
 
من كان يصدق أن إيران التي فشلت عسكريا في تصدير مشروعها الطائفي، ستصبح في يوما ما تملك عصابات عسكرية من دول شتى يربط بينها المذهب الشيعي، فأصبحت تملك الحشد في العراق والحوثيين في اليمن وخليط من الجنسيات والفصائل في سوريا، بل ونجحت في زرع بعض هذه العصابات ضمن جيوش البلدان التي تنتمي لها هذه الميليشيات؟!
 
ما كان للمشروع الإيراني لينتشر في أربع بلدان عربية بهذه السرعة، لولا مساعدة النظم الوظيفية العربية، التي مهدت للمشروع الإيراني الطريق في سبيل إجهاض الثورات العربية، وبعض هذه النظم أضحت نفسها الآن في مرمى المشروع الإيراني، ومع ذلك مازالت تتبع منهجا عقيما في دعم الذين يخوضون معارك مباشرة مع الأذرع الإيرانية.
 
تتحمل النظم الوظيفية العربية مسؤولية كبيرة في تمدد المشروع الإيراني في المنطقة العربية، وأي جهد فاعل للتصدي للمشروع الإيراني، لن يكون ناجعا تحت مظلة هذه النظم التي لاهم لها سوى الاستمرار في كراسي السلطة، وهذا ما يحتّم على الشعوب أن تخوض نضالا مشتركا لمواجهة المشروع الإيراني بعيدا عن مظلة النظام الوظيفي العربي.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر