بعد ست سنوات من الحرب، تلاشت كل الإنجازات العسكرية التي كانت تحققت خلال السنتين الأوليين منها، وكان أبرز تلك الإنجازات هو توحد الجميع ضد الانقلاب، في عدة تكتلات عسكرية وشعبية، وكانت تلك التشكيلات على تفرقها واختلاف أهدافها ودوافع الحرب لديها في وضع المهاجم والانقلاب في موقع المدافع المنكسر. 
 

سرعان ما تفرق الحلفاء الخصوم قبل إنجاز مهمتهم واستعجلوا وقتهم ومطامعهم في التحول إلى قوى حكم محلية وأمراء حرب، الأمر الذي أعاد للحوثي فرصة ذهبية مرة أخرى بعد أن تلاشت في 2015م.  

 

عسكريا يعتبر الحوثي أقوى الفصائل المتحاربة في اليمن، من حيث وضوح الهدف والعدة والعتاد والخبرة والتدريب والكثافة البشرية والمالية والمعلوماتية، لكنه يفقد ذلك التفوق إذا اجتمع خصومه أو تناسوا وأجلوا خلافاتهم قليلا. 

 

لكن الخصوم لا يفعلون ذلك أبدا، فهم يكررون المشاهد المخزية نفسها التي حدثت بعد الثورة وحتى سقوط الجمهورية، في 2014م، وبينما كان الحوثي يسقط صنعاء في سبتمبر كانت القوى السياسية والعسكرية تبحث عن مواقعها في السلطة الجديدة التي ستتلاشي من بين أيدي الجميع، ذات الأمر يتكرر مرة أخرى، يشن الحوثي أقوى هجوم له على مأرب، بينما تنشغل القوى السياسية بحكومة مقيمة في فنادق ومنافي الخليج والقاهرة وأروبا، ورغم الأخبار المكثفة في وكالة سبأ والمسؤولين الحكوميين فإنها تتركز على تقاسمهم السلطة المعدومة، السلطة التي تعتمد في مصاريفها ومرتباتها على السعودية والإمارات، أو على جبايات غير مشروعة من المحافظات التي اندحر منها الحوثي. 

 

وكذلك يتكرر الأمر في المواجهة العسكرية فقد استفرد الحوثي بخصومه واحدا تلو الآخر وهزمهم جميعا، لتفرقهم- ولا معنى لأي تبريرات المنهزمين حينها عن أسباب هزائمهم- وها هو يكرر ذات المشهد، بل بطريقة أنكى، فالأولويات العسكرية في تعز ليست في مواجهة الحوثي حتى الآن على الأقل، وكذلك هي في أبين والضالع وشبوة، والحديدة، إلا من استثناء بسيط استغله الجيش والمقاومة والحزام في مريس شمالي الضالع بهجوم صغير على مليشيا الحوثي حقق نتائج مقبولة على الأرض. 

  

ثمة فارق وحيد بين الجولة الأولى للسقوط والجولة الثانية، ثمن باهظ يدفعه الشعب من دمه وماله، طحنت الحرب فيه آلاف الناس قتلا وقصفا وقنصا، وليست الطفلة رويدا آخر ضحايا قناصة مليشيا الحوثي، وليست عمليات القنص الحوثية جرائم تتطلب الرد عليها، ومثلها في كل مكان تقريبا، وانهيار العملة والانفصال الحوثي الناجز عن عدن واليمن مزق كل شيء، وعطل كل المصالح مهما كانت صغيرة. 

 

وأي متابع لما يدور لا يرى نهاية أبدا لهذه المشاهد في ظل القيادات التي سلمت أو استسلمت للحوثي منذ سنوات. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر