لأول مرة منذ أكثر من عقد في قريتنا تصيب رصاص راجع من احتفالات الأعراس امرأة في رأسها وهي أمام بيتها قبيل مغرب أحد الأيام الأسبوع الفائت.
 
ورغم انحسار إطلاق النار وتراجعه إلى حد كبير بما كان عليه قبل سنوات إلا أن الحادثة الأخيرة أعادت التأكيد على خطورة إطلاق النار في الأعراس مهما كان مستوى الانخفاض، فرصاصة واحدة كفيلة بتحويل أعراس عدة إلى مآتم.
 
كان للجنود العائدين من الجبهات والذين أعادوا تأسيس حياتهم على انتهاء الحرب الدور الأبرز في مسألة إطلاق النار في الأعراس، احتفالا بفرح أصدقائهم.
 
في حادثة المرأة المصابة في قريتنا كان هناك ثلاثة أعراس التقت في مكان واحد ثم تفرقت إلى أماكنها، لكن الحادثة لم تهز شعرة تقريبا في أسر العرسان، ولم يكلفوا أنفسهم عناء تقديم أي خدمة للمرأة المصابة، وواصلوا طقوس أعراسهم كما لو أن أحدا لم يصب برصاص احتفالاتهم.
 
ليس هناك أي متابعة أو تحقيق من الشرطة في القضية، وكأن الرصاص الذي فتح رأس امرأة لديها أسرة وأطفال لم يصب أحدا، كما لم تكن هناك متابعة تذكر على مستوى القرية/ العزلة للتحقيق في القضية أو اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من إطلاق النار في أعراس أبنائهم، تكريسا فيما يبدو للمثل الشعبي الدارج " من أتى به راح به" ويعني من أصيب فليس له شيء وليس على المصيب أي غرامة أو تبعات.
 
في الطريق إلى تعز صار قطع الخط بين فصائل القوات الحكومية يشبه طقسا عيديا، أتذكر في عيد الأضحى من السنة الماضية أني بت وعائلتي في مكان اضطراري بالنشمة بسبب الاشتباكات بين قوى الجيش في النشمة والبيرين والطريق الرابط بين تعز والتربة، وكان حينها لدينا مريض يحتاج إلى نقل دم وإسعاف سريع، ولم نتمكن إلا صباح اليوم التالي من المرور من طريق دائري وعر افتتحه الطرفان بعد تكدس مئات السيارات في الطرقات.
 
وهذا العيد أيضا عاد المشهد مجددا بقطع الخط باشتباكات بين قوات الجيش والشرطة فيما بينها، لكن المكان هو الذي تغير، حيث قطع الخط في نجد قسيم في الطريق الرابط بين تعز والتربة واضطر مئات وربما آلاف المسافرين بما فيهم العائلات والمرضى والأطفال إلى قضاء ليلة كاملة وبعضهم يوما وليلة في الطرقات في طقس يبدو أنه سيكون أحد مناسك الأعياد في تعز المحاصرة من أعدائها ومن يدعون حمايتها في الوقت ذاته.
 
تستمر التحشيدات في منطقة التربة وتتكثف الدوريات العسكرية لأطقم الجيش وآلياته خصوصا تلك التي لم تعد لديها رغبة أو نسيت فعلا آخر مواجهة بينها وبين مليشيا الحوثي وتحولت إلى قوى محلية متخصصة في الصراع على الجبايات في جوانب الطريق الوحيد المفتوح إلى تعز من عدن.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر