في أوقات الأزمات والأحداث الجسام، يمكن لشخص ما أن ينشر كذبة مصاغة بطريقة محترفة، أو خبر قديم وتعديله بما يناسب الحدث، أو فيديو مفبرك مصحوب بترجمة غير دقيقة، وسيجد الشخص أن ما نشره، قد حقق أرقاما قياسية من المشاركات والإعجابات والتعليقات.
 
أزمة كورونا التي شلّت حركة الناس في الكرة الأرضية، لعلها من أعقد الأزمات التي من خلالها تضليل جمهور غفير من المواطنين والكذب عليهم، من خلال معلومات غير دقيقة عن الفيروس، أو استدعاء أحداث ومشاهد قديمة وتوظيفها في سياق أزمة انتشار الفيروس.
 
في إيطاليا، وصل عدد حالات الوفاة بسبب الفيروس، إلى رقم هو الأعلى عالميا حتى الآن، وسط حالة من الهلع ضربت عميقا في المجتمع الإيطالي، وضع كهذا كان مناسبا لترويج الكثير من الشائعات عما يحدث في إيطاليا، وسأسرد مثالين لشائعتين راجتا كثيرا في المحتوى العربي في منصات التواصل الاجتماعي.
 
"انتهت حلول الأرض، والأمر متروك للسماء" كانت العبارة الأشهر التي راجت على لسان رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي الأسبوع الماضي، وتناقلتها الألسن والصفحات دون تثبت، ليتبين لاحقا أن الرجل لم يقل هذه العبارة بتاتا، لكن عبارة مؤثرة كهذه وما تحويه من بعد عقائدي فطري، سهّل من مهمة نشر الشائعة على أوسع نطاق.
 
كما انتشرت فيديوهات عن إيطاليين يصلون خلف المسلمين، وآخرين يودعون العالم في مسيرة جماعية، ولقيت رواجا منقطع النظير ولا تزال، لكن الحقيقة كانت أن الفيديوهات لا علاقة لها بإيطاليا أو الفيروس، والتقطت قبل أشهر أو سنوات من ظهور الفيروس، وبعضها التقطت في أماكن خارج إيطاليا.
 
هناك آلاف الأمثلة عن أخبار زائفة وشائعات وفيديوهات عن أزمة كورونا تجد طريقها للنشر في منصات التواصل، نظرا لغياب التدقيق والتفحص الواعي لها من قبل المتلقي الذي يكون في الغالب يعيش حالة تشتت، تجعله يتلقى المحتوى دون تدقيق، على أن أخطر ما ينشر خلال أزمة الفيروس، هي تلك الأخبار أو المعلومات المتعلقة بطرق الوقاية أو انتقال المرض، ذلك أن ضررها يتعدى العقل إلى تهديد الحياة برمتها.
 
في اليمن، لعب الوعي المجتمعي المتهالك، دورا مهما، في تسويق الأخبار الزائفة وغير الدقيقة، كتلك التي تحدثت عن هروب مصاب بالفيروس من الحجر الصحي في حضرموت، وعن حالة إصابة بالفيروس لمواطن يمني وصل القاهرة قادما من عدن، أما آخر هذه الأخبار، فكان إعلان مسؤول رسمي-لا علاقة له بوزارة الصحة- عن مصاب بكورونا جرى توقيفه عند مدخل تعز، ليتبين فيما بعد أن الخبر كان غير صحيح.
 
إجمالا، فإن مواجهة فيروس كورونا، لا يمكن حصرها فقط على الأطباء؛ فالمسؤولية جماعية، ومثلما يتوجب على الأطباء القيام بدورهم في مكافحة الفيروس والبحث عن سبل علاجه، يتوجب على الصحفيين وحاملي الأقلام وناشطي منصات التواصل، التصدي للشائعات والأخبار الزائفة التي تلعب دورا نفسيا مؤثرا في حياة الناس.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر