ينص الواجب الثاني المتعين على عضو الإصلاح الالتزام به هو التالي وفقا للنظام الاساسي:  "أن يكون مثالاً في التفاني والتضحية دفاعاً عن الوطن وسيادته واستقلاله، وحفاظاً على وحدته ونظامه الجمهوري ".

كما يسعى في الجانب الدستوري الرابع إلى: " تمكين الشعب من ممارسة حقه في تقرير شؤونه العامة، واختيار ممثليه، وولاة أمره، ومحاسبتهم" وتلك هي من أسس الحزب الرئيسية التي منحته قوة كبيرة عند نشأته وتخلى عنها فيما بعد عند انخراطه ضمن المشترك.

بعد شروع صالح في إنشاء الحرس الجمهوري وتنفيذ خططه في التوريث عقب انتخابات 1999م شعر حزب الإصلاح بالخطر من التوريث وما يترتب على ذلك من إمكانية استهدافه والقضاء عليه كما حصل مع الاشتراكي والناصري -رغم الفارق البنيوي بين الإصلاح كحزب خارج السلطة ودون جناح مسلح في الجيش، على عكس الاشتراكي والناصري اللذين نشأ في السلطة وانهارا بعد خروجهما منها- فلجا إلى القبول بالاتهامات الموجهة إليه كحزب متخلف وايديولجي ورجعي وما إلى ذلك من الاتهامات التي قبلها الإصلاح على نفسه أملا في إنجاز تحالف حقيقي مع هؤلاء الحزبين وأحزاب إمامية أخرى.

ضمن تحالف المشترك كان قادة الاشتراكي والناصري وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية يحضرون وفقا لقادة إصلاحيين إلى مقرات الحزب يشنعون عليهم أفكارهم المتخلفة ومشيدين بقدرتهم مؤخرا على التلاقي مع هؤلاء الأحزاب التقدمية الديمقراطية الحديثة الراقية، بالمقابل لم يكن لقادة الإصلاح حق الحضور إلى مقرات تلك الأحزاب لإلقاء كلمات كما يفعل الآخرون.

ترتب على هذا الواقع ان يقدم الإصلاح التنازل تلو التنازل ثمنا لقبوله في المشترك وإشادة قادة الاحزاب الأخرى به، كحزب غير رجعي، لكنه في ذات الوقت الخصم الاكبر بنظر هذه الاحزاب لشعبيته شمالا وجنوبا.

لم تتوقف تنازلات الحزب لحلفائه في المشترك في تنظيم التظاهرات وتمويل الأحزاب الاخرى وناشطيها فحسب، بل لم يكن يجرؤ على إصدار بيان باسمه، تحت دعوى الشراكة وحتى لا يخسر حلفاءه.

في 2004م بدأت الإمامة معاركها لإسقاط الجمهورية ومنجزات سبتمبر واكتوبر وإعادة الناس إلى الإمامة وتحت تأثير المشترك طلب الاصلاح في بيان صادر عن المشترك بإيقاف الحرب ضد الحوثيين واعتبار المتمردين طرفا مساويا للطرف الحكومي.

لم يكن الحوثيون مجهولي الاهداف والنشأة والطبيعة والوسائل، فقد كان الإصلاح كغيره يعلم أن أسرة الحوثي أحد الأسر القوية في عهد إمامة حميد الدين، وكان يعلم كغيره عن تحركات حسين الحوثي إلى إيران وإرساله آلاف الطلاب إلى هناك واستلهامه لحزب الله وتمويل الإيرانيين له، رغم ذلك كان يقف موقف المتفرج الذي لا يعنيه شيئا تحت تأثير أحزاب المشترك واللوبي الإمامي فيه.

تحول إعلام الحزب في الحروب الست إلى ناقل لتحركات الحوثيين، وأتذكر جيدا كيف كانت صحف إصلاحية تغطي معارك الحوثيين وتنقل كل التفاصيل ومنها على سبيل المثال: الحوثيون يستولون على شيول من القوات الحكومية!.

تحت تأثير اليسار والإمامة تم توسيع لجنة الحوار الوطني في 2009 لتشمل الحوثيين ضمنها كقوة وطنية، وحين بدأت الثورة كان الحوثيون أحد أهم المشاركين في ساحة التغيير، وبكل قوة دون ان يقدم الحوثيون أي تنازل.

حين حاصر الحوثيون دماج نهاية 2013م تكلم إعلام الإصلاح عن حرب المتخلفين ضد المتخلفين، في الوقت ذاته كان الحوثي يستهدف كل نقاط القوة الإصلاحية، وتخلى عن الإصلاح حلفاؤه في المشترك، وعادوا لاتهامه بالرجعية والتخلف والعدوانية. ليأتي سبتمبر 2014م والحوثي يسيطر على صنعاء دون  أي مقاومة فاعلة شعبيا واجتماعيا وعسكريا، فيما ذهب الإصلاح لإلقاء اللوم في ذلك على الدولة التي تخلت عنها قيادتها، ولم يتطرق أبدا إلى دوره الشعبي في ذلك المشهد المخزي، وأحال جزءا مما حدث إلى حلفائه الذين التحقوا بركب الإمامة.


الأخطر –برأيي- ضمن كل ما حدث على الإصلاح هو نشوء جيل إصلاحي رخو بتأثير المشترك، يعتبر نفسه منفتحا وهو مائعا، لا يفهم المشاكل والتحديات الحقيقية بينما يرون أنفسهم ضمن صناع التغيير ومؤسسوا النهضة، هم لا يتعدون أن يكونوا من مستوى طلاب التنمية البشرية ومدربيها الأغبياء.

ويمكن مقارنة موقف الإصلاح في الجوف ومأرب الذين حشدوا مطارحهم في حدود المحافظتين وخاضوا اشتباكات عنيفة ومعارك ضارية ضد الإمامة لبعدهم عن ما يمكن تسميته بحالة الميوعة والخبل التي تأثر بها شباب الإصلاح في صنعاء وتعز ومدن كبيرة أخرى.

بمناسبة هذه الذكرى على نشأة الاصلاح من الأفضل على الإصلاح ألا يداهن أبدا في مبادئه فهي التي تقف خلف قوته وانتشاره كالجمهورية والوحدة والديمقراطية، وأيضا البعد الديني فيه. فهي تمثل مصالح القطاع الأغلب من الشعب ومن أعضائه وأنصاره على الأقل وألا يلتفت أبدا إلى جيل الثمانينات والتسعينات خاصة في ظل ظروف الحرب المحتدمة حاليا.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر