نازحو تعز: الطاقة الشمسية والإنترنت لتطبيع الحياة

يدفع مدنيّو تعز، ممن اضطرّتهم الحرب ونيرانها إلى النزوح نحو القرى الواقعة في عموم مديريات المحافظة، بعيداً من نيران المعارك وعواصفها، ثمن القتال الدائر في المنطقة، تشريداً وشحّاً في الموارد ومستلزمات الحياة، وذلك نتيجة الصراع الدائر في المحافظة وقصف وحصار مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية للمدينة .

إذ أصبحت أريافها، والنازحون فيها بشكل خاص، يلجأون تدريجياً إلى الإعتماد على الطاقة الشمسية وخدمة الإنترنت. الأوّل كوسيلة للعيش، والثاني كمصدر لمتابعة تطوّرات الأوضاع في البلاد، في محاولة لتطبيع الحياة، والتأقلم مع ظروف التهجير والنزوح.

دور المدينة

"نتمثّل دور المدينة" هذا ما يصف به الشاب النازح، عبد العزيز، حال العائلات التي لجأت إلى الأرياف.

يقول الطالب في كلّية الهندسة بجامعة تعز لموقع "يمن شباب نت" إنه "أصبح يعتاد، مع الوقت، ويتماشى مع الظروف" نتيجة طول أمد الحرب التي رمت به بعيداً عن مدينته وجامعته لأكثر من عام.

ويضيف عبد العزيز "القرية بدأت تميل إلى المدينة"، وذلك مع توافر الطاقة الشمسية، التي يقدم النازحون على شرائها من تجّار امتهنوا بيع البدائل، مهما بلغت التكلفة، بجانب انتشار شبكات الإنترنت، التي هي أيضاً عامل للتخفيف من حدّة الفراغ الإجتماعي والنفسي لدى مختلف الشرائح.

عمار صالح (صاحب ناد رياضي)، لم يتغلّب على إعاقته الحركية فحسب، بل قرّر كذلك عدم إغلاق النادي، في ظلّ عدم توفير المشتقّات النفطية، ولجأ إلى اقتناء مولّد الكهرباء بالطاقة الشمسية لمواصلة استقبال الشبّان في ناديه الرياضي.

1

حياة شبه معاقة

الطالب في الصفّ الثالث الثانوي، صفوان، يقول، لـموقع "يمن شباب نت"، إن حياته كنازح لم تختلف كثيراً عن الوضع الذي كان قائماً في تعز، كونه استطاع متابعة دراسته في القرية، والحصول على معدّل عالٍ في اختبار المرحلة الثانوية، وهو الآن يتغلّب على شعوره البالغ بالملل، في ظلّ وجود شبكة الإنترنت، التي تؤمّن له القدرة على متابعة الأوضاع والتطوّرات.

إلا أن هذا التعويض يبقى جزئياً، كحال صفوان، الذي يشير إلى أنه كانت لديه أحلام ومشاريع لمرحلة ما بعد الثانوية، والدراسة الجامعية.

بينما الوضع معاكساً بالنسبة لحالة الطالب الجامعي "محمد فضل" الذي اُضطر الى البحث عن عمل في الريف،، نظراً لظروفه المعيشية، وتلبيةً لمُتطلبات الحياة لسد حالة العجز والدخل المحدود بالنسبة لأسرته بعدما أصبح والده طريح الفراش، نتيجة تعرضه لشلل نصفي .

لم تسنح للطالب محمد فرصة عمل مناسبة في الريف،، إذ لم يكنْ أمامه سوى خيار ترك القرية، فغادرها كما فعل كثيرون في حالات مشابهة، ليحط الرحال في احدى المُدن القريبة من مدينته، والتي لم تُصاب بشظايا الحرب، ولم تدخل مرحلة الصراع، والاقتتال.. وهناك تفوّق خلال جهد يسير بعمل في إحدى المطاعم .

أرباح مُضاعفة

شبّان مغتربون من نفس المنطقة، تبنوا فكرة توفير خدمة الأنتَرنتْ في الريف.. بعدما وجّهوا أنظَارهم صوبْ تقديم خدمات تجارية، تثمر الى ربح مُضاعف .

إذ رأى "نشوان فاضل" وهو أحد الشركاء في مشروع توفير خدمة الانترنت، أن في بداية الأمر نظر الى صعوبة التوفير،، استباقاً من المحاولات السابقة لدى كثيرون من الريف، والتي بائت بالفشل بعد إهدار مبالغ في هذا الاتجاه دون ارباح او نتيجة مقبولة كأقصى حد .

إلا أنه تطلّع الى ضرورة التوفير في هذا الوقت والوضع تحديداً، وذلك يأتي للحاجة المُلحّة، ووفود النازحين بكثافة للريف.. لكي يتغلّب نازحو المدينة على الممل المتجذّر بهم طيلة عام ونيفْ .

يقول "نشوان" لموقع "يمن شباب" أنه قبل التقديم على توفير الخدمة استبق الى تداول الخبر في الأوساط الريفية، بهدف قياس ردة الفعل من الأهالي والنازحين، ومدى احتياجهم. فقوبل بارتياح كبير وإمكانية دفع الاهالي أي مبالغ مقابل خدمة الانترنت .

فعزّم "نشوان" على المغامرة في هذا الجانب، وسارع مع شريكه الآخر الى تلبية المواد الضرورية، وربطها مع الخدمة العامة بمتابعة فريق وخبراء ومهندسون متخصصون في هذه الأعمال، ووضع برنامج ورؤية لكيفية التحكم والادارة لهذه الشبكة .

وعلى الرغم من نفق مبلغ هائل، وثقل الانترنت وبُطئه. وتوفير شبان آخرون لنفس الخدمة،، إلا ان نسبة الأرباح فاقت الإخراج وبمضاعفة، وخلال فترة زمنية قصيرة.

"ياسر علي" تاجر في إحدى الأرياف.. لم يصعبْ عليه توفير الطاقة الشمسية والمواد الأخرى، إذ رأى ذلك شيء مُربح، فضلاً عن انه يوسع من نطاق تجارته الممتدة الى اكثر من قرية .

فلم يَقدم "ياسر" على حد قوله الى خطوة كهذه، إلا نتيجة تراكم الطلبات.. وكثافة الإقبال لهذه المواد من الأهالي ونازحو المدينة .

لاحقاً.. صاحبَ ذلك الأمر تًجّار الريف الآخرين،، فتبنى كُلاً منهم عمل إيجاد مواد مُتطلّبة بالنسبة لنازحوا المدينة، لتوسيع نطاق تجارتهم، ورفع مستوى ربحهم، نظراً لإقبالهم الكثيف الى استخدام عدة مواد في مسائلهم الحياتية المعتادة .

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر