البنك الدولي: تحقيق السلام في اليمن لن يكون كافياً للعودة إلى استقرار الاقتصاد الكلي

توقع البنك الدولي زيادة تصل إلى 6 نقاط مئوية في مسار نمو إجمالي الناتج المحلي لليمن إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام دائم في البلاد، وشدد على ضرورة زيادة في المساعدات وفتح مسارات النقل وتعزيز دور القطاع الخاص.
 
جاء ذلك في تقرير جديد للبنك تحت عنوان: "المذكرة الاقتصادية القُطرية الخاصة باليمن: بارقة أمل في أوقات قاتمة"، والذي يُقدِّم تحليلاً شاملاً للأوضاع الاقتصادية الراهنة في البلاد.
 
وقال التقرير، إنه "إذا تم التوصُّل إلى اتفاق سلام دائم في اليمن، فقد يكون ذلك إيذاناً "بعوائد سلام" كبيرة لأبنائه، والتي تتمثل في زيادة تصل إلى 6 نقاط مئوية في مسار نمو إجمالي الناتج المحلي والتي ستؤدي إلى زيادةٍ تراكميةٍ في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بمقدار الثلث على مدار السنوات الخمس القادمة بالمقارنة بالوضع الراهن".
 
وأضاف، "ستصاحب هذه الزيادة نموٌ كبير في حجم الاستثمارات العامة والخاصة، ومعدلات التوظيف، والإنتاجية وكذلك انخفاضٌ في نسب الفقر".
 
ولفت إلى أنه ومن أجل الإسراع بجهود إعادة الأعمار والتعافي في البلاد، سيكون من الضروري أيضاً أن تصاحب هذه الزيادة مساعداتُ من المانحين الخارجيين على نطاق واسع.
 
وأشار التقرير إلى أنه "قبل نشوب الحرب في أواخر 2014، كان اليمن بالفعل بلداً فقيراً يعاني من ضعف نظم الحوكمة، كما شهد في الآونة الأخيرة سلسلة من الصدمات الاقتصادية والسياسية، وحطَّمت الحرب التوازن الاقتصادي الهش بالفعل".
 
كما تفاقمت الكارثة الاقتصادية والإنسانية الناجمة عن الحرب بفعل الصدمات المُضاعَفة لجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) وارتفاع الأسعار العالمية.
 
ويُقِر التقرير بأن العمل في أوضاع الهشاشة والصراع والعنف له تحدياته المعقدة، وأن اليمن لا يُعد استثناءً في هذا الشأن، غير أن التقرير يُسلِّط الضوء على إمكانيات تحقيق نمو طويل الأجل في اليمن، كما يهدف إلى إثراء جهود واضعي السياسات وغيرهم من أصحاب المصلحة في سعيهم لبناء الأساس اللازم لمستقبل البلاد.
 
وأضاف، بأن الصراع أدَّى إلى انكماشٍ بنحو 50% في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بين عامي 2011 و2022، كما ألحق أضراراً أو دماراً بأكثر من ثلث المنازل والمدارس والمستشفيات ومنشآت المياه والصرف الصحي في البلاد.
 
ويؤكد أن مؤشرات الإنتاجية كانت ضعيفة بالفعل قبل نشوب الصراع، لكنها ازدادت تدهوراً مع اشتداد العنف. أمَّا إنتاج النفط الذي يعد ركيزة حيوية لاقتصاد البلاد، فقد تضرَّر بشدة جراء الحرب، الأمر الذي أدى إلى تقويض قدرة الحكومة على مساندة السكان من خلال تقديم الخدمات الأساسية.
 
كما أثَّر على التوظيف في القطاع العام، إذ أنَّ كثيراً من موظفي الخدمة المدنية لا تُصرَف لهم رواتبهم إلا بصورة جزئية أو بشكل مُتقطِّع.
 
وقال التقرير، "لا تزال الضبابية تكتنف آفاق المستقبل القريب لليمن، والطريق إلى تحقيق نمو قوي وشامل للجميع ضيق للغاية، ولكن ثمة ما يبعث على بعض التفاؤل المشوب بالحذر".
 
وأضاف،" بالرغم من الطبيعة المُعقَّدة للصراع، واستمرار التصارع من أجل السيطرة على الاقتصاد، وفداحة الأزمة الإنسانية والتدهور الاقتصادي في اليمن، فإن ثمة أسباباً تدعو للتفاؤل المشروط".
 
وأوضح أن "أحد أفضل الأصول الكامنة في اليمن هي طبقة رواد الأعمال الذين استطاعوا اجتياز عقودٍ من الاضطرابات السياسية والاقتصادية. تحيط باليمن أسواق مرتفعة الدخل وتجمعها به الروابط والوشائج الثقافية، كما أن هذه الأسواق تستورد معظم سلعها الاستهلاكية".
 
وتابع، "إذا توفرت مقومات السلام والاستقرار والاستثمارات الكافية، وتضافرت العوامل الخاصة بوجود قطاعٍ خاص قادر على الصمود وطائفةٍ متنوعة من أسواق الصادرات التي تتوفر لها مقومات الاستمرار، فقد يسهم ذلك في تحقيق تعافٍ عريض النطاق بقيادة قطاع التصنيع الزراعي وقطاع الصناعات التحويلية الخفيفة في اليمن".
 
وتعليقاً على ذلك، قالت تانيا ميير، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن: "مع أنَّ ثمة تفاؤلاً حذراً بشأن التعافي الاقتصادي، فإننا يجب أن نظل على دراية واضحة بالحقائق على أرض الواقع، لأن المصاعب التي يواجهها الشعب اليمني هائلة".
 
وأضافت: فالتضخم المرتفع، وتدني جودة الوظائف، وعدم استقرار القطاع العام لا تزال تُشكِّل عقباتٍ كبيرة. وإحلال السلام ضرورة حتمية لتحقيق نمو شامل للجميع، وتعزيز التنمية المستدامة، وفوق ذلك كله، تحسين ظروف المعيشة للشعب اليمني."
 
وقال التقرير، "تتسم أوضاع الاقتصاد السياسي في اليمن بأنها شديدة التقلُّب، ومن المُرجَّح أن تستمر حالة التجزؤ الاجتماعي والسياسي في فترة ما بعد انتهاء الصراع".
 
وأضاف، "مع أن التوصل إلى اتفاق سلام سيكون خطوة حاسمة نحو التعافي، فإنه لن يكون كافياً للعودة إلى استقرار الاقتصاد الكلي، وبالإضافة إلى انتهاء الحرب".
 
وتابع" لاستئناف مسيرة النمو، سيكون من الضروري زيادة إنتاج الهيدروكربونات، وإعادة فتح مسارات النقل الرئيسية في البلاد، وتحسين الاندماج في أسواق التجارة الإقليمية والعالمية، وسيكون تعاون المجتمع الدولي ومساعداته واستمرار انخراطه في اليمن عاملاً حيوياً لتحقيق سلامٍ دائمٍ في البلاد".
 
ودعا التقرير الجديد للبنك الدولي عن الأوضاع الاقتصادية في اليمن إلى إيلاء اهتمام خاص بالتحديات التي يواجهها هذا البلد، والفرص المتاحة لتحقيق التعافي والنمو.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر