أكد ضرورة تمتين العلاقة مع السعودية..

رئيس حزب الإصلاح: أي قفز على الشراكة التوافقية سيقود اليمن إلى المجهول

جدد رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي، الإثنين، التأكيد على موقف الإصلاح الثابت إزاء الشراكة الوطنية في الحاضر والمستقبل لمواجهة التحديات التي يمر بها الوطن، وعلى رأسها الانقلاب الحوثي.
 
جاء ذلك في كلمة له بمناسبة الذكرى 32لتأسيس الحزب والذي قال إنه جاء تجسيداً لواحدية المنطلقات والثوابت لثورة 26 سبتمبر الخالدة والتي أسفرت عن ميلاد شقيقتها في جنوب الوطن في الـ14من أكتوبر المجيد للتحرر من المحتل الخارجي.
 
وأضاف، أن الإصلاح أكد وما يزال يؤكد بأن واقع اليمن وتركيبته السياسية والاجتماعية لا تقبل بأي حال من الأحوال تفرد أي طرف بالقرار السياسي.
 
وشدد على أن مبدأ الشراكة الذي نصّت عليه أدبيات الإصلاح، قد أكدته وقائع الأحداث وشواهد التجربة العملية، ماجعلها نهجاً راسخاً في سياسة الحزب من أول وهلة.
 
ودعا اليدومي إلى الكفّ عن أوهام قدرة أي طرف على إلغاء أو إقصاء أي مكون وطني، مؤكدا أن ذلك سيضاعف المشكلات ويؤسس لمزيد من الفوضى التي تضر بالمشروع الجامع.
 
كما أكد أن ذلك سيضر بأمن واستقرار اليمن ومحيطه الخليجي والعربي والأمن القومي والدولي لصالح مشاريع الهيمنة الإيرانية وبقية جماعات التطرف والإرهاب.
 
وقال اليدومي، إن الإصلاح وقف بحزم أمام المشاريع الصغيرة التي حاولت الانتقاص من الشرعية لتحقيق أهداف ومصالح ضيقة، وبذل جهداً مضنياً في سبيل توحيد الصف الوطني لمواجهة الإماميين الجدد.
 
وأضاف، أن عدم تنفيذ بنود اتفاق الرياض بصورة كلية، وخصوصاً الشق الأمني والعسكري منه، تسبب بعدم الاستقرار السياسي والإداري لمؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن خلال الثلاثة الأعوام المنصرمة.
 
وشدد على الشراكة الوطنية التوافقية الأرض الصلبة التي يتكئ عليها المشروع الوطني الجامع، محذرا من أن اي قفز على هذا المبدأ من قبل أي طرف سياسي سيقود البلد الى المجهول.

وقال إن اليمن لن يكون مستقراً إلا في إطار محيطه العربي عموماً والخليجي خصوصاً، وعلى ضرورة اتزان علاقات التعاون والتكامل مع جميع الدول العربية والافريقية، بما يحقق المصالح المشتركة.
 
وأكد أن مليشيا الانقلاب الحوثية وأدوات التخريب والفوضى في اليمن، ليست سوى رأس حربة بيد إيران وداعميها لاستخدام المزايا الجيوسياسية لليمن في تهديد مصالح الإقليم والعالم، وفي المقدمة تهديد دول الخليج وابتزازها.
 
كما أكد أن ذك يتطلب تظافر كافة الجهود الصادقة لإنهاء المشروع الإيراني في اليمن ، من خلال طي صفحة  الانقلاب وعودة الدولة اليمنية وبنائها ضمن محيطها الخليجي والعربي.
 
وجدد التأكيد على أهمية الموقف المبدئي للإصلاح، والمتمثل في وجوب تمتين العلاقة مع المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام.
 
وتابع، "ندعو الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي إلى استكمال ضم اليمن إلى المجلس، باعتبار ذلك هو الوضع الطبيعي والأكثر ملاءمة لأمن اليمن والخليج، ولكيلا تبقى اليمن فريسة للمشاريع المتربصة بدول المنطقة".


نص كلمة رئيس حزب الإصلاح:

سم الله الرحمن الرحيم
كلمة رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس الإصلاح
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)، والصلاة والسلام على رسول الله محمد ابن عبد الله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم - وبعد:

تحلّ علينا الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح الذي يوافق الثالث عشر من سبتمبر 1990م في ظل إعلان التعددية السياسية للدولة اليمنية الموحدة التي أرست النهج الديمقراطي للتنافس البنّاء عبر أدوات العمل السياسي باعتبارها الوسيلة الحضارية بدلاً عن فوضى الصراعات المستقوية بأدوات العنف التي تجرّع شعبنا ويلاتها في شمال الوطن وجنوبه، حيث جاء ميلاد الإصلاح في الثالث عشر من سبتمبر المجيد تجسيداً لواحدية المنطلقات والثوابت لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة في العام 1962م ، والتي أسفرت عن ميلاد شقيقتها في جنوب الوطن في الرابع عشر من أكتوبر المجيد ، للتحرر من المحتل الخارجي، وبعد الإعلان عن تأسيسه ومباشرة مهامه السياسية ، ساهم الإصلاح في تجذير قيم الثورتين المجيدتين لدى جماهير الشعب اليمني عموماً، ولدى منتسبيه من كافة فئات وشرائح المجتمع؛ الذين وجدوا فيه ملاذاً آمناً للانتماء والعمل والبناء، لما يتمتع به من وسطية النهج، واعتدال الفكر، ووطنية الدوافع، وفاعلية البرامج المعبرة عن هوية الشعب ومعتقداته الإسلامية، وحقوقه الإنسانية، وتاريخ وإرث نضالات الحركة الوطنية في مواجهة كهنوت واستبداد الإمامة والاستعمار البغيض، فمثّل الإصلاح إحدى ركائز العمل الوطني والسياسي جنباً إلى جنب مع بقية شركاء العمل السياسي وقوى المجتمع الحية، وظل وما يزال وفياً لذلك المسار الوطني في مختلف المراحل.
 
ونحن نحتفي اليوم بالذكرى الثانية والثلاثين لتأسيسه ، نؤكد على موقف الإصلاح الثابت إزاء الشراكة الوطنية في الحاضر والمستقبل لمواجهة التحديات التي يمر بها الوطن ، وعلى رأسها الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا، والتحرر من عُقد ومخلفات الصراعات الماضية بين القوى والمكونات الوطنية بمختلف صورها، لتتضافر الجهود لإنقاذ سفينة الوطن من الغرق في مستنقع التشظي ، والكفّ عن أوهام قدرة أي طرف على إلغاء أو إقصاء أي مكون وطني، كون ذلك سيضاعف المشكلات ويؤسس لمزيد من الفوضى التي تضر بالمشروع الجامع، وأمن واستقرار اليمن ومحيطه الخليجي والعربي ، والأمن القومي والدولي لصالح مشاريع الهيمنة الإيرانية وبقية جماعات التطرف والإرهاب، وقد أكد الإصلاح وما يزال يؤكد بأن واقع اليمن وتركيبته السياسية والاجتماعية ، لا تقبل بأي حال من الأحوال تفرد أي طرف بالقرار السياسي، لذا فإن مبدأ الشراكة الذي نصّت عليه أدبيات الإصلاح ، قد أكدته وقائع الأحداث وشواهد التجربة العملية، ما جعلها نهجاً راسخاً في سياسة الحزب من أول وهلة.
 
 فمنذ بواكير التجربة الديمقراطية في اليمن الموحد ، أسهم الإصلاح في تأسيس الائتلاف الثلاثي بين أحزاب الإصلاح والمؤتمر والاشتراكي، ثم شارك في الحكومة مع المؤتمر الشعبي العام وفق نتائج انتخابات عام 1993م، ثم انسحب من المشاركة بعد نتائج انتخابات عام 1997م  ، و في العام 2003م أسهم بفاعلية مع بقية الشركاء في المعارضة السياسية ، في تأسيس تكتل اللقاء المشترك ، كإطار سياسي عُد تجربة فريدة في المنطقة العربية ، كونه أسهم في إثراء الحياة السياسية ، من حيث ترسيخ مبدأ ترحيل الخلافات الجزئية ، والالتفاف حول القواسم المشتركة ، وجعل النضال السلمي أساس الانطلاق لخوض المنافسات السياسية ،وإصلاح المؤسسات الرسمية، ومع اندلاع الثورة الشعبية السلمية في العام 2011م .
 
 أسهم الإصلاح بمسئولية عالية في الدفع نحو المخارج الآمنة لانتقال السلطة سلمياً وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، المقدمة من الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية ، والتي مثلت مخرجاً آمناً لتجاوز الانسداد السياسي وفق صيغة شراكة بين جميع الأطراف السياسية ضمن قوائم التمثيل في حكومة الوفاق الوطني، وحين نفذت المليشيات الحوثية انقلابها المشؤوم في العام 2014م ، واستهدفت من خلاله   النظام الجمهوري القائم على الحرية والتعدية ، وأحكمت قبضتها على مؤسسات الدولة ، وانقلبت على التوافق الوطني المتمثل في مخرجات الحوار الوطني ، انحاز الإصلاح إلى جانب الشرعية ومؤسساتها الدستورية، وشكل مع بقية القوى والمكونات السياسية تكتل التحالف الوطني للأحزاب المؤيدة للشرعية ، وظل طوال السنوات الماضية ومعه قواعده العريضة، داعماً ومسانداً للشرعية على كافة الأصعدة ، ووقف بحزم أمام المشاريع الصغيرة التي حاولت الانتقاص من الشرعية لتحقيق أهداف ومصالح ضيقة، وبذل جهداً مضنياً في سبيل توحيد الصف الوطني لمواجهة الإماميين الجدد، كما ساند الجهود المبذولة من قبل الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإنجاح مؤتمر الرياض المنعقد في العام ( 2015م)  مروراً باتفاق الرياض الموقع في الخامس من نوفمبر عام (2019م) ، والذي هدف إلى إنهاء الخلافات ، وتوسيع دائرة المشاركة في المؤسسات، وتمكين الدولة من أداء واجباتها من العاصمة المؤقتة عدن ، وتوحيد القرار الأمني والعسكري في إطار المؤسستين الأمنية والعسكرية ، إلا أن ما يؤسف له أن بنود الاتفاق لم تنفذ بصورة كلية ، وخصوصاً الشق الأمني والعسكري منه، وهو الأمر الذي تسبب بعدم الاستقرار السياسي والإداري لمؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن خلال الثلاثة الأعوام المنصرمة.
 
ولأن الإصلاح قد دأب على السير في توحيد الرؤى والمواقف ، ولملمة الصفوف لمواجهة التمرد الحوثي المدعوم إيرانياً ، واستمراراً لذلك النهج الوطني انطلاقاً من مبدأ الشراكة التوافقية في إدارة المرحلة ، فقد استجاب لدعوة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لعقد مؤتمر تشاوري في الرياض ، برعاية الأمانة العامة للمجلس ، وإشراف المملكة العربية السعودية ، نتج عنه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي ، بناء على الإعلان الرئاسي الصادر في السابع من أبريل المنصرم من قبل الرئيس السابق المشير عبد ربه منصور هادي، حيث أكد ذلك الإعلان على مبدأ التوافق في إدارة الدولة واتخاذ القرار كأساس لمشروعية المجلس، كون الشراكة الوطنية التوافقية تعتبر الارض الصلبة التي يتكئ عليها المشروع الوطني الجامع القائم على التعايش والتعاون والتعاضد ومن خلالها يمتلك الشعب اليمني القدرة على تجاوز المنعطفات الخطرة  واي قفز على هذا المبدأ من قبل أي طرف سياسي سيقود البلد الى المجهول وبناء عليه ظل الإصلاح وسيظل ملتزماً بمقتضيات الشراكة التوافقية، مُغلباً المصالح الوطنية العليا على ما سواها، باعتبارها الضامن لتحقيق الأهداف والمصالح لاستعادة الدولة في ظل يمن اتحادي ديمقراطي يتسع للجميع.
 
أيها الإصلاحيون والإصلاحيات: إننا إذ نهنئكم بمناسبة ذكرى تأسيس حزبكم العريق، نحمل إليكم أينما كنتم ، تحية عرفان مستحقة على كل ما تبذلونه من جهود مضنية ، في مختلف ميادين العمل والتضحيات والبناء والعطاء المتجرد، فقد لبيتم نداء الوطن جنباً إلى جنب مع أبناء الشعب اليمني من مختلف التوجهات والانتماءات، للالتفاف حول الشرعية ومؤسساتها الدستورية في مواجهة مليشيا الانقلاب والمشروع الإيراني الساعي للهيمنة على المنطقة العربية ، كما نخص بالتقدير والعرفان أبطال الجيش الوطني وقوات الأمن البواسل ورجال المقاومة الشعبية ، الذين بذلوا الأرواح والافئدة من أجل الدفاع عن الشرعية ومؤسساتها ، واستعادة الدولة من أيدي المليشيا الانقلابية وداعميها، رغم عدم انضباط تسليم مرتباتهم بصورة شهرية ، وفي هذا المقام لا يسعنا إلا أن نقف إجلالا لأرواح الشهداء الذين قضوا نحبهم ، وهم يدافعون عن شرف الأمة اليمنية ، ويذودون عنها آلة الموت المسلطة على رقابها بواسطة الأذرع الإيرانية، والشكر والامتنان موصول  لكل جريح ومعاق ومختطف ومخفي قسريا في معتقلات المليشيا المتخلفة ، والذين تم اختطافهم من منازلهم ومقار أعمالهم بسبب مواقفهم الوطنية المنحازة لمشروع الدولة والحرية والكرامة، ومن أولئك المخفيين قسراً عضو الهيئة العليا للإصلاح المناضل الجسور الأستاذ محمد قحطان الذي لا يزال مع كثير من أعضاء حزبه  ومن القوى السياسية الأخرى مغيبون في المعتقلات السرية  للمليشيا الحوثية حتى هذه اللحظة.
 
وبهذه المناسبة نحيي المرأة الإصلاحية التي لم تتخلف عن مواكبة المرحلة النضالية الصعبة، ولم تتوان عن إمداد ذويها بعزيمة المشاركة في المعركة الوطنية، ومواجهة التحديات والصعاب بالصبر الجميل، باذلة كل الجهود لحشد دور المرأة اليمنية كشريك فاعل في تحقيق الأهداف المرجوة جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل.
 
ورغم النكران والجحود الذي يقابلكم به البعض، والحملات الإعلامية غير المنصفة التي تستهدف الإصلاح بالتشوية وتزوير الحقائق ، فإننا نحثكم على عدم الانشغال بتلك الحملات التي لا ينبغي أن تعيق مساركم أو تصرف جهودكم عن استمرار المشاركة في إسناد الدولة ، وخوض المواجهة الشاملة مع كل أبناء اليمن حتى تحقيق كافة الأهداف المنشودة ، كما نحثّكم على عدم الضيق بالرأي الآخر؛ بل يجب أن تتقبلوا أي نقد بناء بصدر رحب، مع حشد المواقف والعلاقات والجهود الشعبية والجماهيرية لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى، وسيظل الإصلاح هو الحزب الكبير النابض بالحب والعطاء في كل مدينة وقرية على امتداد ربوع الوطن.
 
أيها الأخوة والأخوات – يا أبناء شعبنا الأبي:
إن مراجعة الأداء السياسي من قبل القوى والمكونات الوطنية وتصويبه وتطويره في مختلف المسارات، بما ينسجم مع طبيعة التطورات وحجم التحديات، والاضطلاع الكامل بكافة الأدوار والمهام التي يمليها الواجب الدستوري والقانوني والاخلاقي، هو الامر الذي تقتضيه المسؤولية الوطنية كون مقتضيات المرحلة تتطلب تضافر كل الجهود لدعم واسناد مؤسسات الدولة المختلفة مع ضرورة تصويب الأخطاء وعدم القبول بانحراف المسار عن الاستراتيجية التوافقية.
 
 وبناء عليه فإن مجلس القيادة الرئاسي يتحمل العبئ الأكبر في تدعيم وتعزيز مبدأ التوافق والمضي قدما في تحقيق الأهداف الوطنية بما يملكه من تفويض بصلاحيات مؤسسة الرئاسة للقيام بالمهام الوطنية الموكلة إليه، والمتمثلة في توحيد الجهود الوطنية لدمج التشكيلات المسلحة غير المنضوية في مؤسستي الجيش والأمن، بهدف إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبسط نفوذها على كامل التراب الوطني ، وحفظ سيادة واستقلال الوطن من خلال توحيد الصف الجمهوري للقوى والمكونات السياسية والاجتماعية ، وتمكين جميع مؤسسات الدولة من القيام بواجباتها ومسئولياتها من العاصمة المؤقتة عدن، وانعقاد جلسات مجلس النواب بصورة مستمرة ، باعتباره السلطة التشريعية التي تجسد حق الشعب في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية ، والحدّ من الفساد المالي والإداري ، والمحافظة على سيادة الوطن ومكتسباته، وصرف مرتبات قوات الجيش والامن والمقاومة الشعبية بصورة شهرية منتظمة، لما في ذلك من توحيد الأهداف والمسارات باتجاه تدعيم إنهاء انقلاب المليشيات الحوثية ، الرافضة لكافة جهود ومبادرات السلام ،والمتنصلة من تنفيذ بنود الاتفاقات، والتي كان آخرها التنصل من رفع الحصار عن مدينة تعز التي ما تزال إلى الآن شاهدة على وحشية الانقلاب الحوثي ، وتجرده من كل القيم والأعراف وعدم الاعتراف بالحقوق الإنسانية، تجاه أبنائها البواسل، ورغم كل ذلك ، فما زالت المدينة المحاصرة -بتضحياتها وصبرها- تلهم اليمنيين جميعا ثبات العزائم في مواجهة كافة أشكال الاضطهاد السياسي والعنصري، والانتصار للمعركة الوطنية وإسناد مشروع الدولة، وهو ما يحتم على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة المسارعة لدعم الجيش والمقاومة فيها ، بما يضمن كسر الحصار عنها ، وتحريرها بشكل كامل من أيدي المليشيات الحوثية ، بالتوازي مع تلبية احتياجات أبناء المحافظة في الجانب الإغاثي والإنساني، وهو الامر الذي يستوجب القيام به في رعاية النازحين بمحافظة مارب الابية التي مثلت ملاذا آمنا لكل متضرر من حرب وبطش المليشيا الحوثية  فاستوعبت مئات الالاف من النازحين في حين وثب رجالها الميامين من مختلف القبائل والقوى والمكونات السياسية وثبة الأسود امام المليشيا الحوثية المدعومة من ايران التي حاولت غزو مارب للنيل من أبنائها حتى أضحت محافظة مارب ايقونة للنضال ضد الظلم والطغيان ونصرة للشرعية وذلك ليس غريب على أحفاد ملوك سبأ فهم السباقون دوما للذود عن الحرمات وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم فلهم منًا كل الشكر والتقدير والعرفان.
 
وإن حساسية المرحلة الراهنة ، تقتضي أيضا وقوف مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بحزم لمعالجة الاختلالات الأمنية ، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، وتصحيح الانحرافات الحاصلة في بعض المحافظات المحررة ، وتحديدا تلك التي خرجت الأمور فيها عن مسار المعركة الرئيسية، وهذا لن يتأتى إلا بإنهاء التوتر الحاصل في محافظة شبوة على خلفية استهداف بعض وحدات الجيش والأمن ، من قبل التشكيلات والعناصر الخارجة عن مؤسسات الشرعية ، التي استقوت بالطيران المسير لقتل أبناء شبوة مدنيين وعسكريين ، وهو ما يتطلب سرعة محاسبة وإقالة المتورطين في إشعال فتيل الفتنة وتأجيجها، ومعالجة تداعياتها وإزالة آثارها ، وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها لتطبيب الجراح ومنع الخلافات المستدامة ، التي تولد ثارات قبلية طويلة المدى ، والمتضرر الأكبر منها هم أبناء المحافظة بدرجة رئيسية ، ومن هذا المنطلق نوجه دعوتنا لجميع أبناء شبوة وقواها السياسية الحية ، لتجاوز الخلافات البينية ، والتوجه صوب تعزيز قيم الإخاء والتعاون والشراكة ، لما فيه خدمة المصلحة العامة.
 
وإزاء الآثار المدمرة التي يواجهها شعبنا اليمني الصابر، نتيجة التراجع المستمر لقيمة العملة الوطنية ، وانعكاساتها على الأوضاع المعيشية والمعاناة الإنسانية واتساع دائرة الفقر،  فإنه يحتم على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ، الاضطلاع بمسئوليات كبيرة ، للحد من هذا الانهيار المخيف ، والوقوف إلى جانب شعبنا في محنته ورفع المعاناة عن كاهله ، بتوفير الخدمات الأساسية ودعم العملة الوطنية ، ومراقبة أسعار السلع الغذائية والدوائية ، وتوفير الرعاية الكاملة للنازحين من ويلات الحرب، واتخاذ كافة التدابير العاجلة الكفيلة بإيقاف الانهيار الاقتصادي ، وحشد الموارد وإيقاف كل مصادر النزيف للمال العام، ومكافحة الفساد في مختلف القطاعات، وتأهيل موانئ البلد ومنافذها بما يمكن الحكومة من معاودة تصدير النفط والغاز،  وتوفير القدر الكافي من العملة لتمويل احتياجات المواطنين وتحسين ظروف معيشتهم.
 
كما ندعو مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إلى الاهتمام بمستوى الأداء التعليمي في المدارس والجامعات بصورة تلبي طموحات أبنائنا وآمالهم في المستقبل مع إعادة النظر في أجور المعلمين المتدنية بما يلبي حاجاتهم وفقاً للظروف المعيشية ، وندعو مجلس القيادة والحكومة للعمل بكل ما من شانه الحفاظ على الهوية الوطنية التي تسعى المليشيا الحوثية الى تجريفها بإحلال ثقافة دخيلة على مجتمعنا وثقافته وحضارته ، كما نامل من الحكومة الاهتمام الجاد والمثمر بطلاب اليمن المبتعثين في الخارج، الذين طالتهم آثار الحرب وتداعياتها الاقتصادية، وإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجههم في انتظام صرف مستحقاتهم المالية ، بما يمكنهم من مواصلة مشوارهم العلمي دون حاجة أو عوز؛ فهؤلاء الطلاب الى جانب زملائهم في الداخل هم نافذة المستقبل وطليعة التعافي والبناء الوطني.
 
أيها الأخوة والأخوات يا أبناء شعبنا اليمني المناضل: إننا في التجمع اليمني للإصلاح نشاطر أبناءنا وإخواننا وأخواتنا الصامدين في مناطق سيطرة الانقلاب معاناتهم الإنسانية، حيث استمرأت عصابة الموت المتاجرة بمأساة المواطنين ، والتكسب من جراح وآلام الكادحين، والإمعان في مصادرة المال العام والممتلكات الخاصة بأساليب همجية تعبر عن عقلية العصابات العنصرية ، كما تستخدم ظرف الحرب لمحاولة تمرير مشروعها الطائفي وثقافتها المستوردة ، لتفخيخ هوية الأجيال في يمن الإيمان والحكمة، وتنظر إلى استمرار الحرب بأنها المناخ المناسب لتكميم الأفواه ، ومصادرة الحريات ، وامتهان الكرامة، لتحقيق الإثراء غير المشروع لقادتها ومشرفيها وأجنحتها العنصرية، وهذا كله يضاعف المأساة على المواطن الذي ينتظر بفارغ الصبر انبلاج الفجر من غسق الدجى ، كما يضاعف المسؤولية على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتخليص المواطن اليمني من هذه الجائحة التي حلت عليه، ونحن على يقين بأن هذه الجرائم والانتهاكات التي تمارسها المليشيا ، لن تستمر طويلاً بعد أن طال الليل بما فيه الكفاية ، وعلى شعبنا الصابر توثيق كل الجرائم والانتهاكات لمقاضاة مرتكبيها في المحاكم الوطنية والدولية.
 
أيها الإخوة والأخوات: إننا اليوم وفي ثنايا احتفالنا بالذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح نجدد التأكيد من خلالكم لكافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية على جملة من المواقف الثابتة لدى الإصلاح إزاء بعض القضايا وهي:
 
أولاً/ إن الإصلاح الذي تأسس على قيم وطنية راسخة، وعلى نهج وسطي معتدل؛ يجدد تأكيده على رفض الإرهاب الذي تمارسه جماعات العنف والتطرف بكافة أشكالها وصورها، وعلى موقف الإصلاح الداعم للجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة هذه الآفة التي تهدد السلمين المحلي والدولي، كما نجدد دعوة الإصلاح التي أطلقناها في الذكرى الثلاثين لتأسيس الحزب ، بضرورة وضع استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب ، بحيث تستهدف جذوره التي تغذيه بعوامل البقاء، وتمده بمقومات استمرار العنف، عبر حلول شاملة تتجه لمعالجة القصور الحاصل في الجوانب الاقتصادية والتعليمية والسياسية ، ولقد كان الإصلاح ولا يزال في طليعة الجهات المتضررة من الإرهاب الذي استهدف كوادره السياسية والاجتماعية بالتصفيات والاغتيالات الغادرة والجبانة.
 
ثانياً/ نؤكد على موقف الإصلاح الداعم لجهود إحلال السلام وإنهاء الحرب في إطار الموقف الرسمي للدولة، وفي ظل الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي الخاص والمجتمع الدولي، في سبيل إحلال السلام العادل، حيث ننظر إلى السلام العادل والمستدام القائم على المرجعيات المحلية والإقليمية والدولية باعتباره الخيار الأمثل لإنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار، وبسط نفوذ الدولة على ربوع الوطن، ونعتقد بأنه لا يمكن للمليشيا الحوثية أن تنخرط في مسار جدي للتوصل إلى السلام العادل وفق المرجعيات ، ما لم تمارس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ضغوطاً كافية في اتجاه إنفاذ قرارات مجلس الأمن المجمع عليها دولياً، فالمليشيا الحوثية التي أشعلت شرارة الحرب وفرضتها على أبناء الشعب اليمني وعلى دول الجوار تنفيذاً لأجندات المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة ، ظلّت طوال السنوات الماضية حريصة على إهدار كل فرص السلام المتاحة، ورفض جميع الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية الداعية لإنهاء الحرب وإحلال السلام، والتنصل من تنفيذ التزاماتها في كافة الاتفاقات والمشاورات، وما زالت تثبت للشعب اليمني وللعالم بألا رغبة حقيقية لديها في السلام ن بل تستخدم الاتفاقات بما فيها اتفاق الهدنة لكسب الوقت وحشد المزيد من أدوات الحرب والدمار التي يوفرها الحرس الثوري الإيراني، وهذا المسلك واضح في عدم تطبيق بنود الهدنة منذ أول يوم واستمرارها في شنّ العمليات العسكرية الواسعة على مواقع قوات الجيش الوطني في جبهات تعز ومأرب، وإمعانها في استمرار حصار مدينة تعز، ولقد كان الاستعراض العسكري بالسلاح الإيراني الذي أقامته المليشيا الحوثية في مدينة الحديدة تحت سمع وبصر العالم، رداً إيرانياً كافياً على الجهود الأممية والدولية الداعية للسلام. بسبب المواقف المتخاذلة وغير الحازمة إزاء تعنت المليشيا وممارساتها الاجرامية في حق شعبنا وذلك يُعد بمثابة خذلان للشعب اليمني وتشجيع للمليشيا في استمرار جرائمها.
 
ثالثاً/ إننا في التجمع اليمني للإصلاح ونحن نحتفل بهذه الذكرى نتقدم بالشكر الجزيل لدول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية على ما بذلته من جهود مضنية في سبيل دعم الشرعية اليمنية ، وإنهاء الانقلاب الحوثي ، وتوقيف مشاريع إيران التوسعية في المنطقة ،  ونؤكد أن اليمن لن يكون مستقراً إلا في إطار محيطه العربي عموماً والخليجي خصوصاً، وعلى ضرورة اتزان علاقات التعاون والتكامل مع جميع الدول العربية والافريقية ، بما يحقق المصالح المشتركة ، وبما لا يضر بالمصالح المشروعة لكافة الأطراف الإقليمية والدولية، ونحن على اعتقاد راسخ بأن مليشيا الانقلاب الحوثية وأدوات التخريب والفوضى في اليمن ، ليست سوى رأس حربة بيد إيران وداعميها لاستخدام المزايا الجيوسياسية لليمن في تهديد مصالح الإقليم والعالم ، وفي المقدمة تهديد دول الخليج وابتزازها في مصالحها الاقتصادية والأمنية ، لتحقيق المصالح الإيرانية في الملفات المختلفة، وخدمة مصالح بعض القوى التي تدعم مشروع تمكين النفوذ الإيراني في اليمن، وهو الأمر الذي يتطلب تظافر كافة الجهود الصادقة لإنهاء المشروع الإيراني في اليمن ، من خلال طي صفحة  الانقلاب وعودة الدولة اليمنية وبنائها ضمن محيطها الخليجي والعربي.
 
وفي هذا الصدد نؤكد مجدداً على أهمية الموقف المبدئي للإصلاح، والمتمثل في وجوب تمتين العلاقة مع المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وندعو الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي إلى استكمال ضم اليمن إلى المجلس، باعتبار ذلك هو الوضع الطبيعي والأكثر ملاءمة لأمن اليمن والخليج، ولكيلا تبقى اليمن فريسة للمشاريع المتربصة بدول المنطقة.
وختاماً: نؤكد لأعضاء وجماهير الإصلاح ولأبنا الشعب اليمني عموماً ، بأن المعاناة التي تجرعتموها ، والتضحيات التي قدمتموها ، والصبر الجميل الذي أبديتموه طيلة مراحل النضال والعمل ، ستكتب بإذن الله نهاية مشروع الانقلاب الحوثي الإيراني، إذ أن الأرض اليمنية الطاهرة ، التي ارتوت بدماء خيرة أبنائها في المعركة التي فرضتها قوى الظلام والارتهان، لن تقبل في يوم من الأيام عودة مشروع الكهنوت والإمامة، ولن ترتضي تكرار تجارب إيران التوسعية في المنطقة على أرض الجمهورية اليمنية، كما أنها لن تقبل الخرافات السلالية العنصرية، ولا النعرات المناطقية الضيقة، ولا مشاريع الاستحواذ والأطماع والهيمنة، فعدالة القضية التي تحملونها ، وقدسية النضال والتضحيات التي تسترخصونها ، ستحيل المشروع السلالي وجميع مشاريع الفوضى والتخريب الطارئة إلى الزوال  لا محالة ، وإن واقعنا اليوم يضع أمامنا كيمنيين مسئولية تاريخية في توحيد الأهداف والمشاريع والإمكانات المادية والمعنوية ، ونسيان خلافات الماضي ، والالتفاف حول المشروع الوطني ، لانتشال البلد من براثن الكهنوت والتخلف والفوضى، واستعادة الدولة وبنائها، فلتكن العقول عند مستوى الوعي، والقلوب عند حجم الواجب الوطني في التلاحم، ولتكن الأيادي متكاتفة في كافة الميادين والمسارات الداعمة للمشروع الوطني في مواجهة المشروع الإيراني ، كي تتوج الرحلة النضالية بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة لنيل شرف المشاركة في هبة النضال الوطني ،  جنباً إلى جنب مع شركاء العمل السياسي وأبطال الجيش والمقاومة الشعبية وأحرار اليمن وحرائرها الأماجد.
 
نكرر لكم التهاني بالذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح، التي تحل علينا اليوم على مقربة من حلول ذكرى الأعياد الوطنية، ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر، والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين، وذكرى الجلاء في الثلاثين من نوفمبر، واللاتي نستلهم منهن وقود العزم والصبر، لصناعة ذكرى وطنية قادمة، تدون في تاريخ اليمن، بإنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الدولة وبنائها بإذن الله، وإن غدا لناظره قريب.
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد بن عبد الله اليدومي
رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح
بتاريخ 16 من شهر صفر 1444ه / الموافق 12/9/2022م

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر