ماهو سر ارتفاع قيمة "الروبل" رغم العقوبات ضد الاقتصاد الروسي؟

وصل الروبل الروسي إلى 52.3 مقابل الدولار الواحد، وهو أقوى مستوى له منذ مايو 2015. 

وبعد ظهر الخميس، تم تداول العملة الروسية عند 54.2 مقابل الدولار، وهو أضعف قليلاً من مستوى الأربعاء، لكن لا يزال بالقرب من أعلى مستوياته منذ سبع سنوات. 

ويأتي هذا الارتفاع، بعد تقهقر إلى 139 مقابل الدولار في أوائل مارس، عندما بدأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو ردًا على غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير 2022. 

ويقول الكرملين بأن ارتفاع قيمة الروبل في الأشهر الأخيرة "دليلٌ" على أن العقوبات الغربية لا تعمل. 

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي السنوي: "كانت الفكرة واضحة: سحق الاقتصاد الروسي بعنف" ثم تابع "لم ينجحوا.. من الواضح أن ذلك لم يحدث". 

وفي أواخر فبراير، بعد الانهيار الأولي للروبل، عقب بدء غزو أوكرانيا، ضاعفت روسيا سعر الفائدة الرئيسي في البلاد بأكثر من الضعف إلى 20٪ من 9.5٪ سابقة. 

ومنذ ذلك الحين، تحسّنت قيمة العملة لدرجة أنها خفّضت سعر الفائدة ثلاث مرات لتصل إلى 11٪ في أواخر مايو. 

وأصبح الروبل قويًا لدرجة أن البنك المركزي الروسي أصبح يتخذ إجراءات لمحاولة إضعافه، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى جعل صادرات البلاد أقل قدرة على المنافسة. 
 

ولكن ما هو السبب الحقيقي وراء ارتفاع العملة، وهل يمكن أن يستمر هذا الوضع؟

وفق موقع شبكة أخبار "سي إن بي سي" الأميركية، فإن "الأسباب، ببساطة، هي ارتفاع أسعار الطاقة، وضوابط رأس المال، والعقوبات نفسها. 
 

أسعار الطاقة

روسيا هي أكبر مصدر للغاز وثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، وعملاؤها الأساسيون من الاتحاد الأوروبي. 

زبائن موسكو الأوروبيون كانوا يشترون بمليارات الدولارات من الطاقة الروسية أسبوعيًا خلال الأيام الأولى من الحرب، بينما حاولوا في الوقت نفسه فرض عقوبات على روسيا.

هذا الموقف المتأرجح، وضع الاتحاد الأوروبي، في موقف حرج، حيث تمكنت من جني أموال ضخمة من مبيعات النفط والغاز والفحم بشكل مضاعف. 

في الوقت ذاته، لم تكن المساعدات العسكرية لأوكرانيا قد وصلت إلى المستوى الذي هي عليه الآن، وهو الأمر الذي ساعد موسكو على ملء صندوق حربها المالي، وفق "سي إن بي سي". 

ومع ارتفاع أسعار خام برنت بنسبة 60٪ عما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي، على الرغم من أن العديد من الدول الغربية قد حدت من مشترياتها من النفط الروسي، لا تزال موسكو تحقق أرباحًا قياسية. 

يذكر أنه خلال أول 100 يوم من الحرب الروسية على أوكرانيا، جنى الاتحاد الروسي 98 مليار دولار من عائدات صادرات الوقود الأحفوري، وفقًا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، وهو منظمة بحثية مقرها فنلندا.  

وجاءت أكثر من نصف هذه المكاسب من الاتحاد الأوروبي، بنحو 60 مليار دولار. 

وفي حين أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي عازمة على خفض اعتمادها على واردات الطاقة الروسية، فقد تستغرق هذه العملية سنوات. 

وفي عام 2020، اعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في 41٪ من واردات الغاز و 36٪ من وارداته النفطية، وفقًا لذات المصدر. 
 

إيرادات بالدولار واليورو

رغم إقراره حزمة عقوبات تاريخية في مايو لحظر واردات النفط الروسي جزئيًا بحلول نهاية هذا العام، إلا أن لدى الاتحاد الأوروبي إعفاءات كبيرة للنفط الذي يتم تسليمه عبر خط الأنابيب، نظرًا لأن الدول غير الساحلية مثل المجر وسلوفينيا لم تتمكن من الوصول إلى مصادر النفط البديلة التي يتم شحنها عن طريق البحر. 

على أساس ذلك، يقول ماكس هيس، الزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية، لشبكة "سي إن بي سي" إن هذه الإيرادات، التي تصل روسيا في الغالب بالدولار واليورو عبر آلية مبادلة الروبل المعقدة، ساهمت في دعم سعر صرف الروبل.  

يقول: "روسيا حققت فوائض قياسية في حسابها الجاري من العملات الأجنبية، بسبب هذا الوضع". 

وكان فائض الحساب الجاري لروسيا من يناير إلى مايو من هذا العام يزيد قليلاً عن 110 مليار دولار، وفقًا للبنك المركزي الروسي. 
 

ضوابط رأس المال

لعبت ضوابط رأس المال، أو تقييد الحكومة للعملة الأجنبية التي تغادر بلدها - دورًا كبيرًا كذلك، بالإضافة إلى حقيقة أن روسيا لا تستطيع الاستيراد بفضل العقوبات، مما يعني أنها تنفق القليل من أموالها على شراء أشياء من أماكن أخرى.  

نيك ستادميلر، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في Medley Global Advisors في نيويورك قال في الصدد: "نفذت السلطات ضوابط صارمة للغاية على رأس المال بمجرد ظهور العقوبات.. والنتيجة هي تدفق الأموال من الصادرات في حين أن التدفقات الخارجة قليلة نسبيًا... والنتيجة النهائية: روبل أقوى ". 
 

ماهو الوضع الحقيقي للاقتصاد الروسي؟

يؤكد محللون إن قوة الروبل وارتفاع قيمته السوقية "ليست دليلا على قوة الاقتصاد الروسي". 

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس سوق العملات الأجنبية في مركز باركليز للأبحاث إن قوة الروبل ترتبط بفائض ميزان المدفوعات الإجمالي، والذي تحركه عوامل خارجية مرتبطة بالعقوبات وأسعار السلع وإجراءات السياسة أكثر من اتجاهات وأساسيات الاقتصاد الكلي". 

وفي منتصف مايو، قالت وزارة الاقتصاد الروسية إنها تتوقع أن تصل البطالة إلى ما يقرب من 7٪ هذا العام، وأن العودة إلى مستويات 2021 غير مرجحة حتى عام 2025 على أقرب تقدير. 

ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، غادرت آلاف الشركات الدولية روسيا، تاركة وراءها أعداد هائلة من العاطلين عن العمل الروس.  

وتلقى الاستثمار الأجنبي ضربة هائلة، وتضاعف الفقر تقريبًا في الأسابيع الخمسة الأولى من الحرب وحدها، وفقًا لوكالة الإحصاء الفيدرالية الروسية Rosstat. 

وقال هيس بالخصوص: "لم يعد الروبل الروسي مؤشرًا على صحة الاقتصاد".  

وبينما ارتفع الروبل بفضل تدخل الكرملين، لا يزال عدم اهتمامه (الكرملين) برفاهية روسيا مستمرًا.  

وحتى وكالة الإحصاء الروسية، المشهورة بتجميع الأرقام لتحقيق أهداف الكرملين، أقرت بأن عدد الروس الذين يعيشون في الفقر ارتفع من 12 إلى 21 مليون شخص في الربع الأول من عام 2022 ". 

وفيما يتعلق بإمكانية استمرار قوة الروبل، قال فيوتاكيس، "إنه أمر غير مؤكد ويعتمد على كيفية تطور الجغرافيا السياسية وتكيف السياسة". 
 

المصدر: الصحافة الأمريكية 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر