المسؤول الأممي مارتن غريفيث يكتب عن: تحديات الطريق إلى السلام المستدام في اليمن

كتب "مارتن غريفيث" وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، والمبعوث الأممي السابق إلى اليمن، مقالاً عن "تحديات الطريق إلى السلام المستدام في اليمن"، "يمن شباب نت" يعيد نشر المقال نقلاً من موقع إندبندنت عربية، كالتالي..
 
 
تتصدر الحرب في أوكرانيا اليوم جدول أعمال العالم، وهو ما ينبغي أن يكون. الحرب مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وتبعاتها على شعب أوكرانيا وقاسية للغاية، لكن يجب ألا ننسى أنحاء أخرى من العالم حيث تواجه الشعوب عنفاً ومعاناة لا تعرف الهوادة، وتحتاج بشكل عاجل إلى دعم دولي، واليمن أحد أشد الأزمات الإنسانية في العالم، وهو خير مثال على ذلك، فالحرب مستعرة فيه منذ أكثر من سبع سنوات، وشهد شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أعداداً قياسية من الضحايا المدنيين، فيما أصبح الاقتصاد اليمني خراباً، والخدمات الأساسية تنهار.
 
خلال العام الماضي حذرنا من مجاعة جديدة في اليمن، وبفضل دعم الجهات المانحة الدولية الذي بلغ 2.3 مليار دولار تجنبنا السيناريو الأسوأ، لكن إبقاء المجاعة بعيدة ليس مجهوداً لمرة واحدة إذا استمرت الأسباب الكامنة، كما هو الحال في اليمن.
 
الأزمة اليمنية من صنع الإنسان، والتدبير الإنساني الأكثر فعالية هو وقف القتال، فالإغاثة الوحيدة المستدامة للشعب اليمني تكمن في تسوية سياسية تفاوضية تنهي النزاع وتضع الأسس للمجتمع الذي يريده الشعب اليمني. إننا ندعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ بشكل كامل في مسعاه إلى هذا الاتجاه، وفيما نعمل لبلوغ ذلك الهدف يبقى توفير مزيد من الإغاثة الإنسانية والدعم الأكبر لإعادة بناء الاقتصاد والخدمات الأساس هو ما يمكن وما يجب أن يقوم به العالم للمساعدة
 
في الـ 16 من مارس (آذار) ستتشارك الأمم المتحدة وسويسرا والسويد في حدث يتيح للدول التعهد بدعم الشعب اليمني، وستتطلب الاستجابة الإنسانية التي وضعتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ما يقرب من 4.3 مليار دولار أميركي في العام 2022 لمساعدة 17.2 مليون شخص.
 
ومع انخفاض مستويات التمويل المتاحة اليوم، فليس أمام الوكالات الإنسانية أي خيار سوى تقليص المساعدات، وقد تم بالفعل تقليص أو إغلاق ثلثي برامج المساعدات الرئيسة للأمم المتحدة، وخلال الأسابيع المقبلة قد تضطر الأمم المتحدة إلى وقف توزيع الحصص الغذائية لثمانية ملايين شخص، وتقليصها لخمسة ملايين آخرين، وستتفاقم تبعات ذلك بسبب تأثير الأزمة الأوكرانية في أسعار الغذاء، مع كون اليمن أحد أكثر البلدان اعتماداً على واردات الغذاء من المنطقة.
 
تعد النساء والفتيات من بين الأكثر تأثراً بالأزمة في اليمن، وسيكن من بين الأكثر تضرراً عندما تضطر المنظمات الإنسانية إلى تقليص خدماتها، وسيتم وقف الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وستفقد حوالى مليون امرأة إمكان الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، في وقت تموت امرأة كل ساعتين من مضاعفات الحمل والولادة في اليمن.
 
تتهاوى عمليات الإغاثة في الوقت الذي ينبغي فيه أن تستعد لمواجهة هذه الموجة من الحاجات الإنسانية، ويمكن القيام بذلك مع مزيد من الدعم.
 
في العام الماضي وفرت حوالى 200 منظمة إنسانية، معظمها منظمات غير حكومية يمنية، الإغاثة لأكثر من 11 مليون شخص شهرياً في جميع أنحاء البلاد، مقدمة الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية والحماية والمأوى والتعليم، وكانت هذه العملية المنقذة للحياة ممكنة لأن الجهات المانحة، حتى عندما واجهت مشكلات مالية في بلدانها، قدمت بسخاء، ونحن بحاجة إلى هذا السخاء من جديد.
 
الزيادة في التمويل لن تصلح كل شيء بالطبع، وإيصال المساعدات في اليمن أمر بالغ الصعوبة، فالوصول إلى الناس مقيد بسبب استئناف القتال والعقبات الإدارية والبيروقراطية والقيود المفروضة على حركة عمال الإغاثة ومحاولات التدخل في توزيع المساعدات، ولكن من خلال العمل معاً بشكل وثيق أحرزت الأمم المتحدة والجهات المانحة وأصحاب الشأن الآخرون تقدماً مهماً، ويجب أن نواصل الضغط من أجل بيئة أفضل لوكالات الإغاثة حتى تتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها من الاستمرار في العمل.
 
وحتى مع استمرار برامج الإغاثة استمر تدهور اقتصاد اليمن وانهيار الخدمات الأساس في دفع مزيد من الناس إلى البؤس، فالأزمة الاقتصادية تحتاج إلى اهتمام خاص يتجاوز إيصال الإغاثة الطارئة، وهناك تدابير يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها فوراً للتخفيف من تأثير هذه التوجهات، ومنها رفع قيود الاستيراد والاستثمار في التعافي المبكر.
 
إن ضمان الدفع المنتظم لرواتب وحوافز القطاع العام أمر بالغ الأهمية للحؤول دون وقوع الناس في مزيد من الفقر اليوم، وللحفاظ على الخدمة المدنية في البلاد في المستقبل، ومن دون ذلك فمن الصعب تصور أي نهوض أو تنمية.
 
هناك حاجة إلى دعم دبلوماسي وإنساني وتنموي لتمهيد الطريق لتحقيق سلام مستدام في اليمن، وفيما تتنامى الأزمات الأخرى في العالم بسرعة من حيث الحجم وتبرز على جدول الأعمال الدولي، فإن الرسالة التي نحتاج إرسالها إلى الشعب اليمني هي: "نحن مستمرون في الوقوف معكم."
 

*نقلا عن إندبندنت عربية

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر