حضرموت..أول محافظة محررة تعيد عمل المحاكم (تقرير خاص)

[ محافظ حضرموت أثناء تدشينه عودة المحاكم للعمل ]


شيئا فشيئا تعود الحياة إلى طبيعتها في مدينة المكلا حاضرة حضرموت شرقي اليمن بعد تحريرها في أبريل/نيسان الماضي من قبضة مليشيات أنصار الشريعة على يد قوات النخبة الحضرمية التابعة للجيش الوطني وبإشراف واسناد من التحالف العربي.

 حضور ملحوظ لسلطات الدولة يصحبه ارتياح شعبي واسع وتلاشي لمظاهر المليشيا المتطرفة التي جرفت الحياة المدنية لعام كامل. وسعت السلطة المحلية، ممثلة بمحافظ حضرموت اللواء أحمد سعيد بن بريك، إلى جانب ملاحقة أوكار الإرهابيين، إلى إعادة تطبيع الحياة في البلاد بتفعيل دور الشرط الامنية وضخ دماء جديدة شابة على رأس بعض الأجهزة التنفيذية وتحسين الخدمات. والاثنين المنصرم، 25 يوليو، تم استئناف العمل القضائي بافتتاح مشروع إعادة تأهيل مبنى محكمة ونيابة الاستئناف بالمحافظة.

 خطوة إعادة تفعيل السلطة القضائية، في أول محافظة تقع تحت سيطرة قوات الشرعية، يراها مراقبون خطوة مهمة لدعم الاستقرار والحفاظ على النسيج الاجتماعي الذي تأثر بفعل الحرب الأخيرة ومن اجل حلحلة الكثير من الملفات الحقوقية والاجتماعية والأمنية.

 

عودة الدولة وانتصار السلطة المحلية

 عبدالسلام محمد، رئيس مركز ابعاد للدراسات والبحوث، يرى أن رمزية الدولة عادة تقاس بعدة أمور، أهمها الأمن والخدمات، لكن تظل قاصرة مالم يكن هناك قضاء يفصل في المشاكل اليومية، بالذات في المناطق التي تنتقل إلى الاستقرار. وأضاف لـ"يمن شباب نت": ان عودة القضاء إلى حضرموت هو عودة الدولة بعد أكثر من عام من سيطرة الميلشيات، وهذه الخطوة ستسهل من ترتيب الوضع العام في المحافظة.

وقال إن عودة القضاء يعيد الثقة إلى المواطنين بآليات الدولة وهو أكبر انتصار للسلطات في حضرموت، لأن غياب ثقة المواطن في أدوات الدولة معناه حصول هوة كبيرة وفراغ يؤدي الى ارتفاع معدل الجريمة حسب تعبيره.

وشدد على اهمية نقل هذه التجربة من حضرموت إلى كل المحافظات المحررة، بالذات عدن، حيث أن حضور الأمن مع غياب القضاء لم يقلل من الجريمة، كون القضاء يحسم كثير من الخلافات ويعاقب مجرمين يمكن أن يكرروا جرائمهم عدة مرات، لافتا إلى أن عقاب عصابة واحدة يمكن أن يمنع كوارث متعددة تجاه الأمن العام.

وأعتبر أن خطوة استئناف القضاء "ستسرع من ملئ حالة الفراغ التي أدت في محافظات أخرى إلى نشوء ميلشيات وقوى موازية للدولة".

 

الملفات الملحة 

ويرى الباحث والكاتب د. متعب بازياد، وهو أيضا عضو مؤتمر الحوار الوطني، أن عودة عمل المحاكم واجهزة القضاء والضبط القضائي في المكلا من اهم مطالب المواطنين خلال الفترة اللاحقة لتحرير المكلا، مؤكدا على اهمية عمل السلطات الرسمية ضمن إطار القانون.

وفي حين أعتبر لـ"يمن شباب نت" أن "حضور اجهزة ومؤسسات الدولة من ركائز الامن والسلام"، أشار إلى أن "تعزيز دور السلطة الرسمية في إطار تفعيل القانون، هو الضمانة الرئيسية لحفظ حقوق الناس واستتباب الامن في المجتمع".

وشدد بازياد على أهمية الدعم من الحكومة، وخاصة وزارتي العدل والداخلية. ووصف هذه الخطوة بأنها "خطوة جيدة، تخطوها السلطة المحلية لإعادة استتباب الامن وحفظ الحقوق وفرض هيبة الدولة واحترام القانون".

 ولفت إلى أن "من الملفات الملحة امام القضاء اليوم، هي النظر سريعا في قضايا المعتقلين وتسيير مصالح الناس المتعلقة بالحقوق".

 

العدالة و المواطن وملف المعتقلين

من جهته رحب محمد بن علي جابر، رئيس هيئة المتابعة والدفاع عن المعتقلين، بقرار عودة السلطة القضائية،  مؤملا الخير الكثير ليس فقط من أجل ملف المعتقلين الذين تم اعتقالهم مؤخرا بشبهة القاعدة فحسب، بل لتسود العدالة كل حضرموت حسب تعبيره.

وتأسست "هيئة المتابعة والدفاع عن المعتقلين" بعد تحرير المكلا، إبان تصاعد حملات الاعتقال التي طالت سياسيين وناشطين مدنيين وعلماء دين بمجرد الاشتباه. وأعتبر رئيسها لـ"يمن شباب نت" أن المؤشر الحقيقي لعودة القضاء هو "اذا بادرت النيابة العامة بطلب ملفات المعتقلين من السلطات المحلية التي تعتقلهم، وتخصيص سجن رسمي مركزي، وسمحت لهم بتفويض المحاميين وزيارة أهاليهم وذويهم" مستدركا: "حينها سنقول ان العدالة بالفعل ستتحقق".

 وفي السياق، يعتقد المحامي هشام باجابر ان اعادة الحياة الى اروقة النيابات العامة والمحاكم بمختلف انواعها له اثر كبير على المواطن في حضرموت، مضيفا لـ"يمن شباب نت": فالأفراد في امس الحاجة لتوفير الاطمئنان القضائي، ومهما قدم المشرع من نصوص او سن من قوانين، يبقى القضاء هو الملاذ الآمن لتدبر هذه الوقائع اللامتناهيه والاجتهاد في ايجاد حلول".

وفي حين أعتبر باجابر أن القضاء هو مقياس بناء دولة الحق والقانون وسيادة حقوق الانسان، تمنى رفع مستوى الثقة في القانون وجهاز القضاء والتي شهدت تراجعا خلال الخمس السنوات الأخيرة.

ويعلق الشارع الحضرمي أمال كثيرة على عودة السلطة القضائية لمزاولة أعمالها. الأمر الذي يجعل القضاة ووكلاء النيابة وكوادر السلك القضائي، بشكل عام، أمام تحد كبير لاستعادة العدالة وارساء للأمن والاستقرار في حضرموت.

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر