وحدة اليمن.. إنجاز تاريخي يواجه مخاطر التقسيم وانتهاك السيادة

[ صورة تجمع القيادات العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي مع قيادات ومسئولين في دولة الإمارات التي تدعم المجلس (أرشيف) ]

حلَّت، يوم الثلاثاء، الذكرى الثامنة والعشرون لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، بعد التوحيد الوطني بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

وجاءت الذكرى هذا العام دون حفل للمرة الأولى، بعد أن اعتدت مليشيا المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من أبوظبي على الاحتفالية، العام الماضي، في العاصمة المؤقتة عدن.

كما أنها الذكرى الأولى بعد مقتل الرئيس المخلوع علي صالح، الذي كان لاعباً رئيساً في تحقيق الوحدة عندما كان رئيساً للشطر الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية)، بالإضافة إلى نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض، الذي كان رئيساً للشطر الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية).

"الحلم العظيم" بالنسبة لليمنيين يواجه اليوم اهتزازات قوية قد تعصف به؛ أبرزها: دعوات الانفصال من قبل مكونات جنوبية، وانتهاك السيادة من قبل دول التحالف العربي المساندة للشرعية في الحرب المشتعلة ضد الانقلاب لاستعادة مؤسسات الدولة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتقاسم مناطق النفوذ والسيطرة.

- محاولات انفصالية

وكانت دعوات الانفصال تم احتواؤها ضمن مشروع اليمن الاتحادي الذي يعد من مخرجات ثورة فبراير 2011 الشعبية، إلا أن الانقلاب الذي نفذته مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بالتحالف مع الرئيس المخلوع صالح، أدخل البلاد في حرب شاملة شهدت تدخلاً للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، حيث استغلت الأخيرة مشاركتها للسيطرة على موانئ وجزر، والتحكم في الوضع الميداني ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها على الأرض.

المخاطر التي تلوح بالأفق حول استمرار الوحدة اليمنية في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، والحضور الهش للحكومة الشرعية، ليست الأولى في تاريخ اليمن ما بعد الوحدة، فقد تعرضت وحدته لهزة عنيفة بعد أربع سنوات من تحقيقها عندما اندلعت حرب الانفصال في صيف العام 1994، لكنها انتهت بعد ثلاثة أشهر لمصلحة الفريق المتمسك بالوحدة بإسناد شعبي جنوبي وشمالي لافت.

يرى المحلل السياسي اليمني توفيق السامعي أن "الوحدة اليمنية تتعرض اليوم لمحاولة تفكيك من عدة مشاريع خارجية بزرع بذرة الشقاق بين مكونات اليمن المختلفة من جهات لا يعجبها بقاء اليمن موحدة وقوية؛ فهي (الوحدة) تتعرض للانتكاسة من بعض المكونات الداخلية المدعومة خارجياً في الجنوب والشمال على حد سواء".

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أكد السامعي أنه إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم فإن وحدة اليمن ستظل مهددة والأقرب إلى التفكك.

- أفضل الحلول

وأكد في حديثه أن "على اليمنيين إدراك اللحظة وإبعاد هذه المشاريع التمزيقية، بمزيد من التلاحم والوعي الجماهيري لأن قوتهم في وحدتهم".

ودعا السامعي اليمنيين إلى التمسك بمشروع اليمن الاتحادي الذي تم التوافق عليه في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل؛ فهو "أفضل الحلول الممكنة للحفاظ على وحدة اليمن لكونه سيقطع الذرائع التي يتذرع بها البعض، شمالاً وجنوباً، لعدم جدوى بقاء الوحدة التي يستخدمونها كشماعة للتهميش والإقصاء والظلم".

وأضاف: "على الجميع أن يتجه لتحرير الوطن ثم إقامة نظام العدالة الاجتماعية لهم، حينها تنتفي مسببات التشرذم، وكل هذا يتطلب قيادة حكيمة وقوية وذات مشروع بنَّاء تكون حريصة كل الحرص على حلم اليمنيين في الوحدة وإخراج اليمن من حقول الألغام التي زرعت بطريقها".

- درس سقطرى

من جانبه يَظهر المحلل السياسي اليمني، محمد الجرادي، متفائلاً بمستقبل الوحدة بقوله: إن "البلد والشعب اللذين لم يفرطا في سقطرى وهما بأضعف حالاتهما، لن يفرطا بما هو أهم منها، وفي كل مراحل الصراعات ظلت اليمن هوية جامعة عصية على التقسيم".

وتابع الجرادي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الوحدة اليمنية هي أهم حدث تاريخي صنعه اليمنيون، ولا علاقة لها بصراع الساسة وفشلهم في إدارة شؤون البلاد، وهي بالنسبة لهم غاية استراتيجية لا يمكن التفريط بها، رغم ما تعانيه اليمن من حرب واقتتال، ورغم الدسائس والمؤامرات والمال الإقليمي الذي يعمل على دعم دعاة التقسيم والتشطير"، في إشارة إلى أبوظبي التي تدعم مليشيا الانفصال بالجنوب.

وتحققت الوحدة اليمنية ?في? ظل ?مناخ? ?دولي? ?كان? ?السائد? ?فيه? ?هو? ?التفكك? ?من? ?الارتباطات? ?التي? ?أوجدتها? ?ترتيبات? ?ما? ?بعد? ?الحربين? ?العالميتين? ?الأولى? ?والثانية?، فما بالك اليوم والعالم يذهب نحو التكتلات والتحالفات العابرة، وفق ما قال الجرادي.

وتابع الجرادي أن "الوحدة هي الثابت الوحيد في اليمن، وما عداها متغير وآني، كما أن كل المشاريع السياسية التي دفنها اليمنيون بالماضي؛ من الإمامة والسلطنات والمشيخات، وكل المشاريع التشطيرية التي تعاود الظهور بين فترة وأخرى بفعل أخطاء النظام السياسي وبفعل المال الإقليمي القذر، ستدفن مجدداً أيضاً".

- حبل النجاة

وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان وصف الوحدة اليمنية بـ"حبل النجاة الواحد والوحيد للخروج من بئر الانقلاب الذي تحول إلى مستنقع للموت والعداوات والتشرذم والحروب".

وفي منشور له على موقع "فيسبوك"، قال: إن "22 مايو هو حبل للنجاة واحد ووحيد وإذا لم نتشبث به فإن البئر ستبتلع اليمن الكبير كله.. فحذار! لن يقدروا على بلع اليمن الكبير.. سيكتفون كالعادة ببث السم الزعاف في جسد اليمن: التشرذم! كما هو حاصل اليوم".

ورغم كل المخاوف فإن مراقبين يرون أن ثمة ضمانات يمكن البناء عليها في التصدي للتشطير تتمثل بالموقف الدولي الظاهر والثابت حتى الآن في دعم وحدة الأراضي اليمنية، وهو ما نصت عليه أيضاً مرجعيات الحوار باليمن والمبادرة الخليجية والقرار الأممي 2216.

وبالإضافة إلى الإيمان والوعي الشعبي اليمني في منجز الوحدة، فإن الهبة الشعبية التي حافظت على الوحدة بالعام 1994 رغم مؤامرات الخارج وقتذاك تشكل ضمانة جيدة حالياً، وهو ما يلمسه المتابع من خلال ردود الفعل حول المحاولات الإماراتية لاحتلال جزيرة سقطرى مؤخراً حيث تناسى اليمنيون خلافاتهم ووقفوا بصوت واحد ضد الإمارات.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر